النظام المصرفي الأمريكي.. نفوذ عالمي وسيطرة بلا حدود

الدولار وسويفت.. أدوات أمريكا للهيمنة على العالم

أحمد عبد الحفيظ

تعد الولايات المتحدة واحدة من أقوى الدول الاقتصادية في العالم، وتمارس نفوذًا هائلًا على الاقتصاد العالمي بفضل نظامها المصرفي القوي والمؤسسات المالية ذات النفوذ الكبير.

عبر هذا النظام، تستغل أمريكا عدة أدوات ووسائل تمكنها من بسط هيمنتها على الأسواق العالمية وضمان استمرار تدفق الاستثمارات والتحكم في حركة الأموال. وتعتبر هذه الهيمنة المالية عاملًا أساسيًا يجعل الولايات المتحدة قادرة على فرض سياسات اقتصادية وسياسية على دول أخرى، بل وحتى تشكيل النظام الاقتصادي العالمي بما يتوافق مع مصالحها.

الدولار كعملة احتياط عالمية

تقول صحيفة “مونت كارلو” في تقرير لها نشر الثلاثاء 12 نوفمبر 2024، أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتمد العالم على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية رئيسية، وذلك بفضل اتفاقية “بريتون وودز” التي جعلت الدولار مرتبطًا مباشرة بالذهب.

ورغم تخلي الولايات المتحدة عن هذا الارتباط في عام 1971، استمر الدولار في الحفاظ على مكانته كأهم عملة احتياطية، ويستخدم الدولار اليوم في معظم التعاملات التجارية الدولية، بدءًا من تجارة النفط والسلع الأساسية وصولًا إلى معاملات البنوك.

وهذه المكانة تمنح الولايات المتحدة سيطرة كبيرة على الأسواق العالمية، حيث تجبر الدول على الاحتفاظ بالدولار لإجراء تعاملاتها، مما يضمن لها الطلب المستمر على العملة الأمريكية ويعزز قوة اقتصادها.

نظام التحويلات المالية (SWIFT)

تسيطر الولايات المتحدة فعليًا على نظام التحويلات المالية الدولي المعروف باسم “سويفت” (SWIFT)، وهو النظام الذي تستخدمه البنوك والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم لتحويل الأموال عبر الحدود.

ورغم أن سويفت يقع في بلجيكا ويدار كمنظمة مستقلة، إلا أن واشنطن تستخدم نفوذها للتحكم في دخول وخروج الدول من هذا النظام.

فإذا أرادت الولايات المتحدة معاقبة دولة معينة، يمكنها ببساطة فصل بنوك هذه الدولة عن سويفت، ما يؤدي إلى عزلها ماليًا ويجعل من الصعب على اقتصادها البقاء في ظل عدم القدرة على إجراء معاملات دولية.

 العقوبات الاقتصادية 

من أبرز الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في السيطرة على الاقتصاد العالمي هي العقوبات الاقتصادية.

بفضل النظام المصرفي القوي، تستطيع الولايات المتحدة فرض عقوبات مالية على الدول، المؤسسات، وحتى الأفراد. هذه العقوبات لا تؤثر فقط على المصارف داخل الولايات المتحدة، بل تمتد لتشمل أي مؤسسة مالية عالمية تتعامل مع هذه الكيانات المعاقبة.

تسمي بعض الدول هذا النهج بـ”الإرهاب المالي”، لأنه يجبر الشركات العالمية على الاختيار بين التعامل مع السوق الأمريكية الكبرى أو التعامل مع الدول المستهدفة بالعقوبات، مما يدفع الأغلبية إلى الامتثال للقرارات الأمريكية.

 البنوك الاستثمارية والمؤسسات المالية الكبرى

تعتبر البنوك الاستثمارية الأمريكية مثل “جي بي مورجان” و”جولدمان ساكس” من بين اللاعبين الرئيسيين في النظام المالي العالمي.

تمتلك هذه البنوك استثمارات وشراكات مالية ضخمة في مختلف أنحاء العالم، وتلعب دورًا محوريًا في تحديد أسعار الأصول والاستثمارات.

كما تعتبر صناديق الاستثمار الأمريكية مثل “بلاك روك” و”فينغارد” من القوى المؤثرة في الأسواق المالية، إذ تستثمر أموالًا طائلة في أسواق المال العالمية، وتستغل قوتها المالية للتأثير في استراتيجيات الشركات الكبرى وحتى سياسات الدول.

 صندوق النقد الدولي والبنك الدولي

تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ كبير داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تعتبر المساهم الأكبر في كلا المؤسستين.

ومن خلال هذا النفوذ، تستطيع توجيه سياسات هاتين المؤسستين وفقًا لمصالحها الخاصة. ما يتيح لواشنطن التحكم غير المباشر في السياسات الاقتصادية العالمية.

هيمنة اقتصادية مستمرة

تستخدم الولايات المتحدة النظام المصرفي العالمي كأداة فعالة لتحقيق مصالحها، وتفرض بذلك نوعًا من السيطرة الاقتصادية على دول العالم. هذا النفوذ المالي يمكنها من فرض إرادتها على دول أخرى، وتوجيه السياسات الاقتصادية العالمية، وجعل الدولار والعملات الأمريكية عنصرًا أساسيًا في التجارة الدولية، مما يضمن لها هيمنة اقتصادية مستمرة.

وفي ظل هذا الوضع، يجد كثيرون أن الولايات المتحدة تهيمن على النظام الاقتصادي العالمي بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، ويضع العديد من الدول في تبعية مالية تجعلها تحت رحمة القرارات الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا