الهند وروسيا ينجحان في إضعاف الدولار.. هل نتجه نحو نظام مالي جديد؟

محمد النحاس

شراكة روسيا والهند "النفطية".. هل أضعفت هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي؟


هيمن الدولار الأمريكي لعقود على صفقات النفط حول العالم، فكانت معظم المعاملات النفطية تجري من خلال العملة الأمريكية.

وبعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، 24 فبراير الماضي 2022، بدأ الأمر يتغير، إذ حاول الروس إضعاف سيطرة الدولار على النظام المالي العالمي، فهل نجح الكرملين في هذه المساعي؟ وما دور الهند في هذا المسار؟

صفقات نفطية بمعلات بديلة

بعد فرض الغرب عقوبات غير مسبوقة على الاقتصاد الروسي، والتي استهدفت معظم القطاعات الحيوية الروسية، وهدفت بذلك إلى تقويض الاقتصاد الروسي بالكلية، وشل قدرة الكرملين على مواصلة القتال في أوكرانيا، والذهاب إلى طاولة المفاوضات أو الهزيمة.

وعلى النقيض، فمنذ ذلك الحين، أبدى الاقتصاد الروسي أداءً متماسكًا خلال العام الماضي، وقد بدأت هيمنة الدولار على المعاملات النفطية حاول العالم في التآكل، فروسيا، أكبر موردي النفط في العالم، تستخدم في الكثير من المعاملات النفطية عملات غير الدولار من بينها الروبل، وفقًا لمصادر مصرفية، نقلت عنها وكالة أنباء رويترز.

وحسب وكالة الأنباء، جرى تسوية معظم الصفقات النفطية مع أكبر مستورد للنفط الروسي، الهند، بعملات أخرى غير الدولار، ما أسهم في تراجع هيمنة الدولار، بحسب التقرير الوارد، أمس الأربعاء 8 مارس 2023.

الاستغناء عن الطاقة الروسية

بعد الحرب الروسية الأوكرانية، اضطر الاتحاد الأوروبي إلى الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية، وفرض مع مجموعة الدول السبع الكبرى، في ديسمبر من العام الماضي سقفًا لسعر النفط الروسي.

وتقول ذات المصادر التي لم تسمها رويترز، إن إجمالي الأموال التي حصلت عليها روسيا خلال آخر 3 شهر (أي بعد فرض سقف سعر)، يعادل مئات الملايين من الدولارات، وتنقل عن مصادر أخرى أن 3 بنوك هندية دعمت بعض تلك الصفقات، في ظل المساعي الروسية لإخراج الدولار من معاملاتها.

الهند وروسيا.. محاولة للالتفاف

من غير الوارد، إمكانية استغناء السوق العالمية عن الطاقة الروسية بنحو كامل، لذلك لا يُبدي الغرب ممانعة في شراء دول آسيوية للغاز الروسي، بشرط ألا تخرق سقف السعر، وتنقل رويترز عن ذات المصادر أن نيودلهي يبدو أنها لا تنتهك العقوبات.

وتكمن المشكلة في كون البنوك الروسية التي يتعامل معها مشترو النفط بالهند، خاضعة للعقوبات، وتقول مصادر هندية غير رسمية تعمل في هذا القطاع، إن الروس والهنود عازمان على المضي قدمًا في مواصلة التعامل، وافتتحت بنوك روسية أفرعًا لها في الهند، وفعلت الأخيرة ذات الأمر لتسهيل هذه المعاملات.

فعالية العقوبات الغربية

يرى كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، دانيال آهن، أن العقوبات حين تفشل في تحقيق أهدافها، قد تسهم في تقويض أنظمة المعاملات المالية في الغرب، مستدركًا بأن محاولات الالتفاف الروسية على العقوبات، لا تضعف على المدى القصير من دور العقوبات.

واختتم الأوروبيون العام الماضي، بفرض حظر على النفط الروسي المنقول عن طريق البحر، وفرض سقف لأسعار النفط، بعد طرد معظم البنوك الروسية من نظام سويفت للمدفوعات المالية العالمية، وأقدمت الولايات المتحدة كذلك مع حلفائها على تجميد نصف احتياطات روسيا الخارجية، بحسب تقرير وكالة أنباء رويترز.

كل الخيارات متاحة

بحسب المحللة المستقلة والمستشارة السابقة في بنك روسيا ألكسندرا بروكوبينكو، فإن الروس يجربون في الوقت الحالي كل الخيارات البديلة المتاحة، لافتةً إلى أنهم يسعون على نحوٍ حثيث، لبناء قنوات تواصل مباشرة بين النظام المصرفي الهندي والروسي.

وقال بوتين العام الماضي، إنه وافق على بيع النفط الروسي للصين بالروبل الروسي واليوان الصيني، وكانت روسيا قد اشترت كميات ضخمة من الذهب خلال الأعوام القليلة الماضية، في ما بدا محاولة لتوفير ملاذات مالية آمنة، ولتقوية العملة المحلية.

تقويض هيمنة الدولار

كانت نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، قد قالت إن العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي من شأنها تقويض هيمنة الدولار، إذ إنها قد تدفع التكتلات المالية، الأقل حجمًا للسعي لاستخدام عملات بديلة، وذلك في حديث لها مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

وتقول رويترز إن التوترات بين الغرب والصين، قد تسهم كذلك في زعزعة أُسس النظام المالي العالمي الذي يسيطر عليه الدولار، ولكن من غير المرجح أن يحدث هذا في المدى المنظور.

اقرأ أيضًا: أسطول الظل.. خطة روسية للتهرب من العقوبات على النفط 

المستشار الألماني يزور الهند.. هل يحاول إبعادها عن روسيا؟

ربما يعجبك أيضا