في اليوم العالمي للقهوة تعرف على قصة اكتشاف الساحرة السمراء وطقوس تقديمها في الدول العربية
كان الشاعر محمود درويش يصف القهوة بـ”مفتاح النهار”، وأنها كالحب قليل منه لا يروي وكثير منه لا يشبع.
يقول الشاعر الفلسطيني: “القهوة لا تُشرب على عجل، فهي صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمل وتغلغل في النفس وفي الذكريات”.. للقهوة طقوس وعادات وهي جزء من تراث الشعوب، وفي اليوم العالمي للقهوة تعرف على قصة الساحرة السمراء؟
راعي وصوفي.. أصل اكتشاف القهوة
يوجد العديد من الروايات الأسطورية في أصل القهوة، إحداها أن الصوفي اليمني غثول أكبر نور الدين أبي الحسن الشاذلي، عندما سافر إلى إثيوبيا، لاحظ أن الطيور تتمتع بحيوية غير عادية عند تناول ثمار التوت الأحمر (البن)، ومن هنا جاء اكتشافها.
رواية أخرى في القرن التاسع تقول إن راعي الماعز الإثيوبي كالدي، لاحظ آثار النشاط على قطيعه عندما تناول التوت الأحمر الفاتح من بعض الشجيرات فـمضغ نفس الثمرة فشعر بالبهجة، فذهب بها إلى أحد الرهبان، لكنه رفض استخدامها، فوضعوها على النار فخرجت منها رائحة مثيرة، أدهشت الرهبان الآخرين، ثم سحقوا حبوب البن المحمصة في الجمر، ووضعها في الماء الساخن، فصنع أول فنجان من القهوة في العالم.
القهوة ما بين التركي والعربي

القهوة العربي
تتعدد أشكال القهوة، فهناك القهوة السعودية التي يطلق عليها “القهوة العربية”، التي تحتوي على الحبهان المطحون مع حبوب القهوة الخضراء وتحضر عادة دون إضافة السكر، وتقدم مع التمور.
سجلت اليونسكو القهوة العربية على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، عام 2015. وكانت قديمًا تقدم من بعد الفجر حتى الظهيرة، ثم من وقت العصر حتى مغيب الشمس، ومن بعد صلاة العشاء وحتى العاشرة مساءً.
أما “القهوة التركية” فتنتشر في مصر وتركيا بشكل خاص، وتعتمد على المحمص بدرجة عالية، ما يكسبها اللون البني المحروق، ويتم تحضيرها ورفعها من فوق النار قبل الغليان، وهو ما يميزها بوجود رغوة (وش) على الوجه.
قهوة بالبهارات والبخور
تعتمد القهوة السودانية على البهارات، فعند تحميص القهوة، يضاف لها الزنجبيل، يغلي الماء في إناء كبير، ما يسمح للقهوة بالغليان لمدة 5 دقائق، ومن طقوس تقديمها إشعال بخور “لبان دكر” وجاوري معها.
“القهوة المعطرة” هو ما يطلق على “القهوة المغربية”، لاحتوائها على بهارات عطرية كثيرة، من القرفة وجوزة الطِّيب والفلفل الأسود واليانسون والشمر والهيل والزنجبيل والسمسم واللوز والجوز، والتي تسحق جيدًا وتوضع في قارورة لاستخدامها وقت الحاجة، فتؤخذ منها ملعقة صغيرة، تضاف إليها ملعقة كبيرة من مسحوق القهوة، وتوضع على النَّار، وتترك لتغلي على نار هادئة لمدَّة 10 دقائق، وتقدم مع أو دون سكر.
على أنغام فيروز
تحافظ بلاد الشام على شرب القهوة المغلية كل صباح على أنغام فيروز. وعادة ما تقدم مرتين للضيوف، مرّة في أول الجلسة والأخرى في آخرها، وتعرف بقهوة “أهلاً وسهلاً” وقهوة “الله معكن”.
في بلاد الشام أيضًا، تدخل القهوة ضمن تقاليد طلب الزواج، وهي عادة قديمة تتمثل فى امتناع أهل العريس عن تناول القهوة حتى يتم الرد على طلبهم من أهل العروس، ليعودوا من جديد لشرب القهوة.
لصناعة “القهوة اللبنانية”، يغلي الماء أولًا، ثم إضافة البن والسكر، والتحريك جيدًا، ويجب أن تغلي مرتين أو ثلاث، ثم رفعها وإضافة نقطة من الماء البارد، وتغطيتها لمدة دقيقة، ثم تقديمها. وفي لبنان، يشيع تقديم القهوة البيضاء، وتكون خاليةً من الكافيين، وتتكون من ماء مغلي وماء زهر، ونعناع وحبهان.
عادات راسخة
القهوة ليست مجرد مشروب عادي، بل لها عادات اجتماعية تختلف من بلد لآخر، وبلغ من احترام البدو والعرب في السابق للقهوة أنّه إذا كان لأحدهم طلب عند شيخ العشيرة، يضع فنجانه الممتلئ بالقهوة على الأرض ولا يشربه، فيسأله شيخ العشيرة: “ما حاجتك” فإذا قضاها له، أمره بشرب قهوته اعتزازًا بنفسه.
بعض المناطق السعودية يشترط لديهم أن تكون القهوة بالفنجان ليست مملوءة وإنما تُصب بنصف مقدار الفنجان، لأنه إذا امتلأ يعتبر إهانة للضيف، بينما تشترط بعض القبائل أن يكون الفنجان مملوءًا ويعتبرونه من الكرم.
عادات شرب القهوة في الخليج
تعكس عادات شرب القهوة في الخليج تراث هذه المنطقة في الجلسات العامة وإظهار الكرم والضيافة، ولها طقوس راسخة يعد خرقها، قلة لباقة، ونقص كرم صاحبها.
لصب القهوة قواعد وأصول
جلسة القهوة سواء كانت في المنزل أو الصحراء أو رحلة صيد، يجب أن يوجد “صبّاب” أو “المقهوي”، عادة يكون شابًا من أسرة العائلة المضيفة، ولا يجوز لشخص كبير في السن أن يتولى هذه المسؤولية. ويجب أن يكون واقفًا أثناء الصبّ للضيوف، ممسكًا بدلّة القهوة باليدِ اليسرى، ويقدِّم الفناجيل بيدِه اليُمنى، وينحني انحناءة بسيطة تجاه الضيف احترامًا.
يبدأ التقديم إلى رئيس المجلس، أو الشخص الأكبر سنًا ومقامًا، ثم يتوجّه الصباب لليمين، ويبدأ في صبّ القهوة من اليمين إلى اليسار. وتقدم القهوة للضيف 3 مرات عند قدومه، وبعد الفاكهة وبعد وجبة الطعام. ومن آداب شرب الضيف للقهوة ألا يضع الفنجان على الأرض بعد الانتهاء، لأن ذلك عيبًا في حق المقهوي بل يجب الاحتفاظ به حتى يعود المقهوي ويأخذه.
“اللي ما عندو دلّة”

دلة القهوة
يقول المثل الإماراتي “اللي ما عندو دلّة ما حد يندلّة”، ويعني أن من لا يمتلك ترمس أو دلة في بيته يقدم فيها القهوة لا يزوره الناس، وتعتبر الثقافة الإماراتية، تقديم القهوة إكرامًا للضيف، حتى قدم صاحب الدار ما لذ وطاب من الطعام والشراب، فلا يعد ذلك إكرامًا من دون تقديم القهوة.
من عادات تقديم القهوة العربية لدى البدو وضع السكين على الدلّة، وهو ما يعني عدم وجود رجل في الدار، وعليه يجب على الضيف أن يقدم الضيافة لنفسه ويأكل ويشرب دون أن يطلب المبيت. وفي بعض الثقافات العربية لا يجوز للضيف الدخول لتناول الطعام أو الشراب طالما أنه لا يوجد رجل بالمنزل.
وقديمًا في البادية كانوا يستخدمون دلّة القهوة للدلالة على الحداد، فتركها مقلوبة لمدة محددة وسكب القهوة على الأرض يعادل اليوم تنكيس العلم.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1066063