انتفاضة «الجيل زد».. لماذا تختلف الاحتجاجات الإيرانية الحالية عن «الحركة الخضراء»؟

يوسف بنده

يبدو أن الجيل الجديد الذي نشأ على الإنترنت وتجاوز المحرمات بات معضلة تواجه نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران.


تتواصل حركة الاحتجاجات الإيرانية الشعبية للأسبوع الثامن على التوالي، منذ مقتل الفتاة مهسا أميني، بعد اعتقالها لدى شرطة الأخلاق.

وعجز النظام الإيراني عن إخماد هذه الاحتجاجات منذ منتصف سبتمبر الماضي، ما أجج القلق بشأن مستقبله وبقائه، ودفعه للبحث عن سبل للتهدئة، خصوصًا مع الجيل الجديد من الشباب، الذي يمثل غالبية المتظاهرين.

فشل نظرية المؤامرة مع الاحتجاجات الإيرانية

طوق النظام الإيراني حركة الاحتجاجات بنظرية المؤامرة، واتهم قوى خارجية بدفع الشباب لمواصلة التظاهر، لكنه فشل في دفعها للتوقف حتى الآن، في ظل ظهور الجيل الجديد الذي لا يحترم المقدسات وأفشل عمل أجهزة دعاية النظام.

وحسب تقرير لموقع “روز نو” الناطق بالفارسية، يصر المسؤولون في إيران على تنفيذ خطة تسمى “صيانة الفضاء الافتراضي” تهدف إلى فرض رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقييد الوصول الحر إلى الإنترنت، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، إلى جانب تشجيع الإيرانيين على الهجرة إلى منصات تواصل محلية.

الجيل «زد»

الجيل “زد” Generation Z أو zoomers، هو الجيل الذي يلي جيل الألفية. وغالبًا ما يستخدم الباحثون وعلماء الديموجرافيا مواليد ما بين منتصف التسعينات ونهاية عقد الألفين، كنقطة بدء الجيل، ويتبعه جيل “ألفا” وهم مواليد أواخر عقد الألفين إلى منتصف عقد 2020، كنقطة انتهاء له، حسب ما نقله موقع merriam-webster.

وأبرز ما يميز هذا الجيل، استخدامه الواسع للإنترنت في سن مبكرة. وعادة ما يكون أبناؤه متكيفين مع التكنولوجيا، ويمثل التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا كبيرًا من حياتهم الاجتماعية.

الجيل الجديد

«زومرز» إيران

كان تمدد حركة الاحتجاج إلى طلاب المدارس والجامعات الإيرانية نقطة مزعجة للنظام الحاكم، لأن الأمر لم يعد يتلخص في حركة احتجاج بالشارع يمكن تطويقها، أو أحزاب سياسية ونشطاء يمكن اعتقالهم، بل يواجه جيلًا جديدًا لا يقبل بالشعارات التي يطلقها النظام، ولا بقيم الجمهورية الإسلامية.

وانتشرت خلال الاحتجاجات الإيرانية، مشاهد عديدة تعكس رفض الجيل الشاب للقيم التي فرضها نظام ولاية الفقيه، تخللتها أعمال عنف تجاه الرموز الدينية، فضلًا عن إعلان فتيات خلع حجابهن في الشوارع، أو خلع الزي المدرسي الأزرق الداكن داخل المدارس والجامعات، وخلع حجابهن أمام السبورة.

قوة دافعة

اعتبر تقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن الجيل “زد” قوة لا يستهان بها، وأنه القوة الدافعة وراء الاحتجاجات الحالية التي اجتاحت إيران، منذ وفاة الشابة مهسا أميني، خاصة وأن هذا الجيل خبير في وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من الإغلاق المتقطع للإنترنت، والرقابة الصارمة عليها.

لكن أبناء هذا الجيل محبطون وغاضبون من الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن، لذا لا يخشون التعبير عن أنفسهم عبر الإنترنت أو شخصيًّا، ولا يهابون تجاوز الخطوط الحمراء للنظام الإيراني، بل يعملون على “زعزعة المؤسسة الدينية الإيرانية المتصلبة والمصابة بالشيخوخة لدرجة لم تحدث منذ ثورة 1979″، حسب المجلة.

شاب ايراني

الجيل الجديد

تشير “فورين بوليسي“، إلى أن جيل الألفية، الذي ولد مباشرة بعد ثورة 1979، وجيل “زد” الذي يليه، كلاهما يقود حراك التغيير باسم الجيل الجديد أو جيل الشباب، الذي يشكل أكثر من 60% من عدد سكان إيران، البالغ 87 مليون نسمة، دون إغفال جيل “إكس” الذي بلغ سن الرشد بعد ثورة 1979، وقاد “الحركة الخضراء“.

ويعني ذلك وجود 3 أجيال تواجه نظام ولاية الفقيه ولم تعش الثورة ولا تؤمن بأدبياتها، وانفتحت على العالم من خلال وسائل العولمة المختلفة، حتى إن الأكاديمي الإيراني، آصف بيات، يصفهم بأنهم “شباب ما بعد الإسلاميين” لأنهم ليسوا الشباب الإسلامي المثالي، بل يقتربون من سلوك الشباب الغربي.

انترنت ايرانيات

قوة الإنترنت

خلال موجة احتجاجات الحركة الخضراء، عام 2009، خرج شباب جيل الألفية يطالبون بالتغيير، وإتاحة الفرصة للإصلاحيين. ولكن الجيل التالي “زد”، لا يؤمن لا بالإصلاحيين ولا بالمحافظين، لأنه براجماتي غير مؤدلج، ولا يثق بالمسؤولين، ويحلم بالهجرة أو السفر إلى أوروبا، واقتصاديًّا هو جيل مصاب بخيبة أمل.

ولعبت وسائل المعرفة والتواصل العالمية دورًا في تشكيل ذهن هذه الأجيال، فتعرفوا على الثقافات الأخرى من خلال أطباق الساتلايت، رغم حظرها في إيران، وكذلك انفتحوا على الإنترنت، ما جعل النظام يحجب الإنترنت العالمية ويستبدل بها أخرى محلية، ويحجب كذلك مواقع التواصل الاجتماعي، مثل “إنستجرام” و”تليجرام”.

فتيات غاضبات

مشاهد من جيل الإنترنت في إيران

ربما يعجبك أيضا