في 17 مارس 2025، توصلت دمشق وبيروت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات على الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص.
هذه الاشتباكات هي الأحدث في سلسلة توترات على الحدود بسبب نشاط حزب الله، في وقتٍ تسعى فيه الحكومة السورية الجديدة، بسط هيمنتها على كامل الأراضي السورية وتقديم نفسها كسلطة شرعية، بعد حربٍ أهلية دامية استمرت 14 عامًا، لكن استمرار تحركات حزب الله على الحدود يهدد بزعزعة هذا الاستقرار.
مرحلة انتقالية في دمشق
سوريا الآن في مفترق طرق؛ إذ في 20 مارس، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دمشق للقاء القيادة السورية الجديدة، بما في ذلك الرئيس الانتقالي أحمد الشرع.
وقال مكتب الوزيرة الألمانية، إن الشعب السوري “يتطلع إلى بداية جديدة وإعادة بناء حياته”، وأكدت بيربوك ضرورة السيطرة على الجماعات المتطرفة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم، وفق ما نقلت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية في مقالٍ لها.
التوترات لم تقتصر على الحدود اللبنانية، حيث اندلعت مواجهات في اللاذقية شمال غربي سوريا في أوائل مارس، عندما هاجمت جماعات موالية للأسد قوات الأمن السورية الجديدة وسرعان ما جاء الرد العنيف من ميليشيات أخرى، موالية للحكومة، ما أدى لسقوط مئات المدنيين أكثرهم من الطائفة العلوية.
حزب الله وخسائره بعد سقوط الأسد
على بعد حوالي 160 كيلومترًا من اللاذقية، تقع بلدة القصير في سوريا، التي كانت بوابة رئيسية لعبور حزب الله إلى سوريا خلال الحرب الأهلية لدعم نظام الأسد.
وفي ذلك الوقت، كان الحزب حليفًا وثيقًا لدمشق، ما سمح له بالعمل بحرية، واليوم لا يزال حزب الله يحتفظ بآلاف المقاتلين في لبنان، ويمتلك ترسانة صواريخ ضخمة موجهة ضد إسرائيل، لكنه استخدمها أيضًا في دعم الأسد.
نهاية الحزب في سوريا؟
لكن سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 شكل انتكاسة كبيرة للحزب؛ وتزامن ذلك مع تعرضه لضربات إسرائيلية مكثفة بين سبتمبر ونوفمبر من نفس العام، بعدما رفض وقف هجماته على إسرائيل ودعمه لحماس في غزة.
ومع وصول الشرع إلى السلطة في سوريا، أصبحت الحكومة الجديدة معادية لتواجد إيران وحزب الله، ما أدى إلى قطع طهران عن طريقها البري عبر سوريا.
محاولات دمشق للحد من نفوذ حزب الله
تسعى حكومة الشرع إلى توحيد سوريا، حيث يحاول الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام، إعادة تقديم نفسه كرمز لسوريا الجديدة.
واستقبل الشرع دبلوماسيين غربيين، وزار تركيا وعدة دول عربية، ووقع اتفاقًا مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شرق سوريا.
لكن حزب الله يبدو عازمًا على تخريب هذه الجهود؛ فقد اعترضت دمشق شحنات أسلحة متجهة إلى الحزب خلال الأشهر الماضية.
الخيارات المتاحة أمام سوريا ولبنان
كما قتل حزب الله (أو مجموعات عشائرية مقربة منه) أفرادًا من قوات الأمن السورية في اشتباكات بالقصير، ما يعكس محاولاته لزعزعة استقرار المنطقة، ولكن عكس تبريراته المعتادة بالمقاومة، يجد الحزب صعوبة في تبرير وجوده بسوريا، حيث كان كثير من السوريين ضحايا له خلال الحرب الأهلية.
وإذا استمرت المواجهات بين حزب الله والحكومة السورية، قد تضطر دمشق إلى التحالف مع ميليشيات متطرفة أخرى، مثل تلك التي هاجمت العلويين في اللاذقية.
كما قد يؤدي ذلك إلى تصاعد التدخلات الإيرانية أو الروسية، حيث لا تزال موسكو تمتلك قاعدة عسكرية في اللاذقية، إضافة إلى ذلك، فإن فشل الحكومة السورية في ضبط الحدود سيعقد جهودها في مواجهة تهديد داعش، والتعاون مع الأكراد في توحيد القوى الأمنية داخل البلاد.
ضغط دولي متزايد على حزب الله
وفق المقال، فإن الوضع في سوريا شديد الحساسية؛ حيث يأتي في ظل سياق إقليمي معقد، تواجه الميليشيات المدعومة من إيران ضغوطًا متزايدة في المنطقة، حيث بدأت الولايات المتحدة غارات جوية على الحوثيين في منتصف مارس.
وفي لبنان، هناك رئيس جمهورية ورئيس وزراء جديدان قد يسعيان إلى احتواء حزب الله، كما أن الميليشيات الموالية لطهران في العراق تبدو أكثر انقسامًا من أي وقت مضى.
وإذا مارست الولايات المتحدة ودول أخرى ضغوطًا على لبنان لتقييد حزب الله ومنعه من إشعال مزيد من الصراعات مع سوريا، قد يساعد ذلك في استقرار دمشق والحد من خطر التطرف في المنطقة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2176602