بدعم اليمين المتطرف.. ترامب يعيد تشكيل تحالفاته الأوروبية

عمر رأفت
جي دي فانس وترامب

تواصل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعزيز تحالفاتها مع تيارات اليمين المتطرف في أوروبا، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً خلال مؤتمر ميونيخ للأمن.

وتحدثت صحيفة الجارديان، في تحليل لها، السبت 15 فبراير 2025، في تحليل لها عن توجه ترامب وفانس لليمين المتطرف في أوروبا، وأبرزت ما قاله نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس خطابًا غير مسبوق، شكّل هجومًا مباشراً على الحكومة الألمانية الحالية قبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات، التي يُتوقع أن يحتل فيها حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) المناهض للهجرة المركز الثاني.

قمع حرية التعبير

خلال كلمته، اتهم فانس قادة أوروبيين بقمع حرية التعبير، والفشل في وقف الهجرة غير الشرعية، وعدم الإصغاء لما يريده الناخبون فعلاً، وقد تسببت تصريحاته في حالة من الصدمة بين الحضور، حيث سُمع بعضهم يتمتم “يا إلهي”، بينما بدا آخرون غير مرتاحين في مقاعدهم.

وبعد ساعات من خطابه، التقى فانس مع زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا ، أليس فايدل، في خطوة كسرت ما يسمى بـ”الجدار العازل ضد اليمين المتطرف”، والذي يهدف إلى إبقاء هذا الحزب، الذي تربطه علاقات بمتطرفين، خارج التيار السياسي الرئيسي وأي تحالف حكومي.

ووصف الخبراء هذه الخطوة بأنها غير مسبوقة، حيث قالت كريستين بيرزينا، المديرة التنفيذية لمؤسسة صندوق مارشال الألماني للجارديان: “ما فعله فانس مثير للجدل للغاية”.

تأثير حاسم

رغم أن دعم فانس، أو حتى دعم الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي ظهر مؤخرًا عبر الفيديو في قمة لحزب البديل من أجل ألمانيا، لن يكون له تأثير حاسم على نتيجة الانتخابات الألمانية، فإن إدارة ترامب تسعى إلى إحداث تحول أوسع في المشهد السياسي الأوروبي، من خلال دعم صعود الأحزاب الشعبوية التي تتبنى مواقف مناهضة للهجرة وللعولمة، وتعارض القيم الليبرالية التقليدية.

وترى الإدارة الأمريكية في قادة مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، بالإضافة إلى حزب الإصلاح في المملكة المتحدة، وزعيمة اليمين الفرنسي مارين لوبان، حلفاء محتملين في استراتيجيتها السياسية الجديدة.

وأكدت بيرزينا أن هذه السياسة تحمل أبعادًا شخصية وسياسية تتعلق بالتحالفات الأيديولوجية لليمين المتطرف، لكنها تفتح أيضًا الباب أمام تدخل غير مسبوق للولايات المتحدة في السياسة الأوروبية.

تهديد ألمانيا

أضافت: “هل يمكن أن يصل الأمر إلى حد تهديد ألمانيا بسياسات مثل فرض تعريفات جمركية إذا لم تشكّل الحكومة الائتلافية التي تريدها واشنطن؟ هذا كان في الماضي مستبعدًا تمامًا، لكنه في 2025، لم يعد هناك شيء غير وارد”.

ويأتي هذا التوجه في ظل استمرار ترامب في إعادة تشكيل السياسة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، رغم فوزه بفارق ضئيل في التصويت الشعبي مقارنة بأي رئيس أمريكي منذ أوائل الألفينات.

وفي خطوة تصعيدية أخرى، رفض فانس الاجتماع بالمستشار الألماني أولاف شولتز، الذي يُفترض أن يكون شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المفاوضات مع روسيا حول الحرب في أوكرانيا.

شكل التحالفات الدولية

نقلت صحيفة “بوليتيكو” عن مسؤول أمريكي سابق في فريق فانس قوله: “لا داعي لرؤيته، فلن يكون مستشارًا لوقت طويل”.

ويعكس هذا التصريح توجهاً متزايدًا داخل إدارة ترامب بأن الناخبين في الدول الأخرى هم من سيحددون شكل التحالفات الدولية بدلاً من المفاوضات الدبلوماسية التقليدية.

وأوضح فانس هذه الفكرة خلال خطابه قائلاً: “إذا كنتم تخافون من ناخبيكم، فلا شيء يمكن لأمريكا أن تفعله من أجلكم”، مضيفًا: “عليكم الحصول على تفويض ديمقراطي لتحقيق أي شيء ذي قيمة في السنوات القادمة”.

استراتيجية بوتين

يبدو أن هذه الرؤية تتقاطع مع استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي انتظر طويلاً عودة إدارة ترامب، إدراكًا منه أن الظروف السياسية قد تتغير لصالحه مع مرور الوقت.

وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، أظهر ترامب نواياه بوضوح، حيث أشار إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يضطر إلى تقديم تنازلات تتضمن التخلي عن أجزاء من أراضي بلاده والتراجع عن السعي للانضمام إلى حلف الناتو، وذلك ضمن خطة ترامب لإنهاء النزاع عبر المفاوضات.

وتعكس هذه التصريحات تحوّلًا جذريًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه أوروبا، وتؤكد أن إدارة ترامب تسعى إلى إعادة تشكيل التحالفات الدولية وفق رؤية جديدة، قد تضعها في مواجهة مباشرة مع القوى التقليدية في القارة العجوز.

ربما يعجبك أيضا