رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على ذروة جائحة كوفيد-19، لا تزال آثارها العميقة تلقي بظلالها على المملكة المتحدة.
يقول تقرير صادر عن مجلة “الإيكونميست” الخميس 20 مارس 2025، أن الأزمة الصحية لم تنتهِ فقط عند حدود القطاع الطبي، بل امتدت لتصيب مؤسسات الدولة نفسها، التي تبدو اليوم وكأنها تعاني من “كوفيد طويل الأمد”.
الخدمات العامة ما زالت متعثرة
الخدمات الصحية الوطنية (NHS) هي أبرز مثال على ذلك، حيث لا تزال تعاني من قوائم انتظار طويلة للغاية، وأزمة في الموارد البشرية، ونقص في المعدات.
ومع ذلك، لا تقتصر المشكلة على قطاع الصحة، إذ إن المحاكم، والشرطة، والمدارس، وحتى خدمات البريد، جميعها تعاني من تدهور في الأداء مقارنة بما قبل الجائحة.
ووفقًا للمجلة، يشعر المواطن البريطاني الآن ببطء في الإجراءات الإدارية، وبفجوة متزايدة بين احتياجاته وما يمكن أن توفره الدولة فعليًا.
تراكم الأزمات
جزء كبير من هذه المشكلات يعود إلى تراكم الأزمات. فقد واجهت الدولة البريطانية، بعد كوفيد، موجة تضخم مرتفعة، وارتفاعاً حاداً في أسعار الطاقة، وتأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكلها عوامل زادت من الضغوط على البنية التحتية للخدمات العامة.
كما واجه القطاع العام صعوبة في توظيف الكفاءات، بسبب تراجع الأجور مقارنة بالقطاع الخاص، إضافة إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية ونقص في الاستثمار طويل الأمد في تحديث الخدمات.
إرث ما قبل الجائحة
يشير التقرير إلى أن مشاكل القطاع العام لم تبدأ مع الجائحة، بل تعود جذورها إلى سياسات التقشف التي اتبعت منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. لكن الجائحة زادت من حدة هذه الأزمات وعمّقت نقاط الضعف المزمنة داخل المؤسسات.
فالتقشف المستمر لعقد من الزمن أدى إلى بنية هشة في الخدمات الأساسية، وعندما ضربت الجائحة، لم تكن تلك الخدمات مستعدة لتحمل الصدمة.
الإصلاحات بطيئة والاستياء يتزايد
ورغم وعود الحكومات المتعاقبة بتحسين الأداء وتعزيز الاستثمار في القطاع العام، إلا أن الإصلاحات ظلت بطيئة وغير كافية. ومع ازدياد الضغوط الاقتصادية وتراجع الخدمات، أصبح الرأي العام البريطاني أكثر استياءً، وهو ما انعكس في تراجع الثقة بالمؤسسات الرسمية.
كما تصاعدت الدعوات داخل الأوساط السياسية والنقابية للمطالبة بإعادة النظر في طريقة إدارة القطاع العام، وبتبني إصلاحات شاملة لإعادة الدولة إلى مسارها الصحيح.
نظرة مستقبلية قاتمة
تختم مجلة الإيكونميست تقريرها بالإشارة إلى أن الدولة البريطانية قد تحتاج إلى سنوات لتتعافى بالكامل من هذه “الأعراض الطويلة”، وأن استمرار التأجيل في تنفيذ إصلاحات جذرية سيجعل من الصعب استعادة ثقة المواطن بالخدمات العامة، أو تحسين جودة الحياة في بريطانيا خلال الفترة المقبلة.
كما توقعت أن هذه الأزمات ستلقي بظلالها على مستقبل الدولة السياسي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2169816