التوترات العلنية بين التشيك وسلوفاكيا ربما لا تتعلق بالانقسامات بين الحكومتين بقدر ما تتعلق بالانقسامات داخلهما.
أسفرت الحرب الحالية في أوكرانيا عن حدوث انقسام بين حكومتي التشيك وسلوفاكيا.
وعلى مدار الشهر الماضي، خرجت الخلافات بين الحكومة الموالية لكييف في براج ورئيس الوزراء السلوفاكي الموالي لموسكو، روبرت فيتسو، إلى الواجهة، وفق تحليل لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، اليوم الأربعاء 20 مارس 2024.
مظاهر الانقسام
يتجلى الانقسام في موقف الحكومتين من الحرب الروسية الأوكرانية. فمن ناحية، ابتكرت التشيك خطة لزيادة قذائف المدفعية التي تحتاج إليها أوكرانيا بشدة، عن طريق جمع الذخيرة من ترسانات الدول المختلفة حول العالم.
ومن الناحية الأخرى، علّق فيتسو المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعدما بنى حملته على عدم إرسال “رصاصة أخرى” لكييف. كما دعا مرارًا إلى إنهاء الحرب بتنازلات أوكرانية كبيرة لروسيا.
وحسب التحليل، نما الخلاف بين الحكومتين هذا الشهر، عدما علّقت براج اجتماعًا حكوميًا مشتركًا غير رسمي مع براتيسلافا، في أعقاب اجتماع بين وزير الخارجية السلوفاكي ونظيره الروسي، سيرجي لافروف.
تبادل الاتهامات
منذ نهاية الحرب الباردة والتقسيم اللاحق لتشيكوسلوفاكيا، حافظت الدولتان الناشئتان على علاقات أخوية، رغم أن الحكومتين في براج وبراتيسلافا كانت من أطياف سياسية مختلفة. لكن الخلافات بشأن دعم أوكرانيا تسببت في خلاف غير مسبوق.
وعقب اجتماع في فبراير الماضي، ضم التشيك وسلوفاكيا والمجر وبولندا، قال رئيس وزراء التشيك، بيتر فيالا: “لن أخفي أننا على خلاف في وجهات النظر بشأن سبب العدوان الروسي على أوكرانيا وطرق حله”.
وبعد إلغاء الاجتماع المقرر بين حكومتي البلدين، رد فيتسو باتهام حكومة فيالا بتعريض العلاقات للخطر وامتلاك “مصلحة في دعم الحرب في أوكرانيا”. وبعدها، استضاف فيالا زعيم المعارضة السلوفاكي، ميشال سيميتشكا، في براج وأشاد بآرائهما المشتركة بشأن السياسة الخارجية.
خلافات خارجية أم داخلية؟
في تصريح لواشنطن بوست، قال الزميل بمعهد المشروع الأمريكي، داليبور روهاك، إنه حتى في أسوأ حالاتها في الماضي، “كانت العلاقة تتسم باللامبالاة ولم تتحول أبدًا إلى المواجهة الكلامية العلنية”.
وأشار التحليل إلى أن التوترات العلنية ربما لا تتعلق بالانقسامات بين الحكومتين بقدر ما تتعلق بالانقسامات داخلهما. هذا لأن سلف فيالا، أندريه بابيش، منحاز لمعسكر فيتسو، فهو شعبوي قلق من إملاءات الاتحاد الأوروبي وأكثر ودًا تجاه موسكو. وفي كلا البلدين، تتشكك كتلة حرجة في الغرب وتتقبل وجهة النظر الروسية بشأن الحرب.
وفي هذا الصدد، قال روهاك: “عندما وّبخ فيالا فيتسو، كان يوّبخ أيضًا بابيش والأصوات الموالية للكرملين في الداخل. إن الفرق بين فيالا وفيتسو هو أن الأول يعتبر الحرب في أوكرانيا وجودية، في حين يعتبرها الأخير حدثًا خارجيًا يمكن استخدامه لتحقيق أغراضه السياسية في الداخل، تمامًا مثل بابيش”.
تراجع الديمقراطية
من المقرر أن تعقد سلوفاكيا الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة بنهاية هذا الأسبوع، ويُعد رئيس الوزراء السابق وحليف فيتسو، بيتر بيليجريني، المرشح الأوفر حظًا. ووفق التحليل، هذا قد يكون له عواقب أعمق في وقت يحذر خصوم فيتسو من جهوده لإحكام قبضته على السلطة وتقويض الضوابط والموازين لتعزيز مصالحه وحلفائه الأوليجارش.
وفي حين أن الرؤساء في التشيك وسلوفاكيا يلعبون دورًا رمزيًا إلى حد كبير، فإنهم يملكون القدرة على كبح المناورات والتشريعات البرلمانية. ورأت الأستاذة بكلية كينجز لندن، باربرا بيوتروفسكا، أن فوز بيليجريني “سيحرم البلاد من مراقب مهم للديمقراطية، في منطقة تكافح مع تراجع الديمقراطية”.
وأضافت أن هذا، إلى جانب عودة فيتسو إلى السلطة وحكم فيكتور أوربان المستبد في بودابست، سيرسل “إشارة قوية بأن الوضع في المنطقة أبعد ما يكون عن الاستقرار وأن الديمقراطية تظل هشة” ويضع سلوفاكيا على “مسار تصادمي” مع الاتحاد الأوروبي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1795871