انهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا الأسبوع الماضي بعد صراع داخلي بشأن السياسات الاقتصادية والمالية، خاصةً فيما يتعلق بقرار تعليق قانون “قيد الديون” الذي يحد من الإنفاق العام.
في حين تبدو تلك الأزمة كضربة للحكومة الألمانية، يرى بعض الاقتصاديين والمستثمرين أن انهيار الحكومة قد يقدم فرصة نادرة لدعم اقتصاد منطقة اليورو المتعثر عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي، وفق تقرير لوكالة أنباء “رويترز”، الأربعاء 13 نوفمبر 2024.
قانون قيد الديون
كانت قضية “قيد الديون”، وهو قانون جرى إقراره عام 2009 للحد من الاستدانة الحكومية، أحد أهم أسباب الخلاف داخل الحكومة الألمانية، وترى شريحة كبيرة من الاقتصاديين أن هذا القانون يقيّد قدرة الحكومة الألمانية على تحفيز الاقتصاد، خصوصًا مع التباطؤ الملحوظ في النمو.
وأقرّت ألمانيا “قيد الديون” واضعةً حدًا صارمًا لاستدانة الحكومة، إذ يمنع القانون الدولة من تجاوز نسبة معينة من العجز المالي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، بهدف ضمان الاستقرار المالي وتجنب تراكم الديون.
ورغم السماح بتجاوز هذه القيود في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الكوارث، يُلزم القانون الحكومة بخطة زمنية للعودة إلى التوازن المالي، ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية وتزايد الاحتياجات الاجتماعية، أثار القانون خلافات داخل الحكومة الألمانية، حيث يرى البعض أنه يقيد الإنفاق الضروري للنمو، بينما يعتبره البعض الآخر ضرورة لاستدامة الاقتصاد.
تأثير إيجابي
بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي، رئيس قسم الاقتصاد الكلي، كارستن بريزسكي، في شركة “ING” للاستشارات مالية، فإن زيادة الإنفاق الحكومي بمقدار 1% إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا قد يرفع نسبة النمو المستقبلي من 0.5% إلى حوالي 1%.
من جانبه، يرى زعيم المعارضة من الحزب الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرتس، أن قيد الديون قد يحتاج إلى إعادة صياغة، وبينما كان يعارض تعديله سابقًا، أشار مؤخرًا إلى إمكانية دعمه في حالة توجيه الأموال نحو الاستثمار وليس الرفاه الاجتماعي.
الأسواق تتفاعل مع انهيار الحكومة
تفاعلت الأسواق بسرعة مع خبر انهيار الحكومة؛ حيث ارتفعت أسهم الشركات الألمانية المدرجة على مؤشر “داكس” مقارنة بنظيراتها الأوروبية.
كما ارتفعت توقعات بعض الاقتصاديين والمحللين بأن السياسات المالية القادمة قد تتجه نحو تليين سياسة قيد الديون، ما قد يفتح المجال أمام مزيد من الإنفاق الحكومي.
ومع أن مستقبل ألمانيا الاقتصادي لا يزال غير واضح، إلا أن انعقاد انتخابات مبكرة في فبراير قد يسهم في جلب وضوح أكبر للمشهد الاقتصادي والسياسي.
تداعيات انهيار الائتلاف على منطقة اليورو
يعتقد خبراء ماليون أن حدوث تحول في السياسة الألمانية قد يدعم أسواق الأسهم الأوروبية، وقد يعزز الثقة في اليورو، الذي شهد انخفاضًا إلى أدنى مستوى له منذ عام مقابل الدولار الأمريكي، ومع تزايد الدعوات لتعزيز الإنفاق المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي، قد يساهم تغيّرًا سياسيًا بألمانيا في دعم هذا التوجه.
ويرى جيليس جيبو، مدير استراتيجيات الأسهم الأوروبية في AXA Investment Managers، أن السعي نحو مزيد من التكامل الأوروبي قد يكون ضروريًا لمواجهة تحديات جديدة، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى الاستثمار في الدفاع والصناعة لتعزيز تنافسية الاتحاد.
وبينما يمثل انهيار الحكومة الألمانية تحديًا سياسيًا كبيرًا، يرى البعض أن ذلك قد يحمل فرصًا إيجابية لتحفيز الاقتصاد الألماني والأوروبي، ومع اقتراب الانتخابات المبكرة، ينتظر المراقبون رؤية مدى استعداد الحكومة الألمانية المقبلة لاعتماد سياسات مالية أكثر مرونة ودعم النمو المستدام.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2045296