بعد «درس» أوكرانيا.. ماذا سيفعل بوتين في جورجيا؟

هل توشك روسيا على النجاح في إعادة جورجيا إلى فلكها؟

بسام عباس

تشير الانتخابات المثيرة للجدل التي شهدتها جورجيا نهاية الأسبوع الماضي، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ينجح في إعادة تبليسي إلى دائرة نفوذ موسكو، رغم أن استطلاعات الرأي أظهرت أن غالبية الجورجيين يريدون ربط مستقبلهم بغرب أوروبي ديمقراطي مزدهر.

ويزعم زعماء المعارضة الجورجية، أن روسيا تسعى بدلًا من ذلك إلى الحصول على مساعدة حزب “حلم جورجيا” الحاكم ومؤسسه الملياردير المقرب من موسكو، بيدزينا إيفانشفيلي، لإعادة البلاد إلى حظيرة الكرملين.

تزوير الانتخابات

أوضحت مجلة “وورلد بوليتكس ريفيو”، الخميس 31 أكتوبر 2024، أن المعارضة الجورجية رفضت نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية هذا الأسبوع، وأعلنت زعيمة المعارضة، سالومي زورابيشفيلي، أن الاعتراف بها بمثابة إضفاء الشرعية على استيلاء روسيا على جورجيا.

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي

وبرزت زورابيشفيلي، التي يتسم منصبها بالطابع الشرفي، كأحد أكثر المنتقدين للخط الاستبدادي المؤيد للكرملين الذي ينتهجه الحزب الحاكم، ووصفت انتخابات 26 أكتوبر بأنها “غير شرعية” والنتائج الرسمية، التي زعمت أن حزب “حلم جورجيا” حصل على نحو 53% من الأصوات، بأنها “تزوير كامل”.

وشبهت ضمنًا نتيجة الانتخابات بالهجوم الروسي على أوكرانيا، قائلة: “كنا ضحايا لما لا يمكن وصفه إلا بعملية روسية خاصة، وهو شكل جديد من أشكال الحرب الهجينة”، ولأشهر بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022، استخدم بوتين تعبير “عملية خاصة” كناية عن الحرب.

مخالفات وحملة تضليل

لم يزعم حزب “حلم جورجيا” أنه حقق هدفه، وهو الأغلبية العظمى في البرلمان. وكان ذلك يتطلب 113 مقعدًا على الأقل من أصل 150 مقعدًا، ما يمنحه تفويضًا مطلقًا لمراجعة الدستور من جانب واحد، ولكنه فشل في تحقيق ذلك، حيث حصل على 89 مقعدًا مقابل 61 مقعدًا للمعارضة.

وأثار مراقبو الانتخابات الدوليون تساؤلات حول المخالفات، مشيرين إلى الضغوط على موظفي القطاع العام، وترهيب الناخبين، والمضايقة، وحشو بطاقات الاقتراع، وشراء الأصوات، وحملة التضليل الروسية قبل التصويت. وتدعو دول متعددة، من بينها الولايات المتحدة، إلى إجراء تحقيق شفاف في الانتخابات.

بيدزينا إيفانشفيلي

بيدزينا إيفانشفيلي

الانضمام للاتحاد الأوروبي

يربط الناخبون بين حزب “حلم جورجيا” وروسيا، ولا يشعر أغلبهم بأي عاطفة تجاه روسيا خاضت التي خاضت ضدهم حربًا قصيرة في عام 2008، ولا تزال قوات الكرملين تحتل 20% من مساحة البلاد، وأظهرت استطلاعات الرأي العام الماضي أن 89% منهم يرغبون في أن تصبح جورجيا جزءًا من الاتحاد الأوروبي.

وتقدمت جورجيا بطلب عضوية الاتحاد الأوروبي بعد وقت قصير من شن روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا، وجمد الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عملية الانضمام بعد أن وافق البرلمان الذي يسيطر عليه حلم جورجيا على قانون “العملاء الأجانب” الذي يُنظَر إليه باعتباره معاديًا للديمقراطية.

وأكد استطلاع رأي آخر، أُجري العام الماضي، أن الأغلبية الساحقة تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي نتيجة أكثر إثارة للدهشة، وجد أن 77% ينظرون إلى روسيا باعتبارها التهديد الأكبر لجورجيا، في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “حلم جورجيا” في عام 2011، قال أربعة من كل خمسة مشاركين إن الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة هما الشريكان الأكثر أهمية للبلاد.

أولوية قصوى

يرغب الكرملين في منع جورجيا من الانضمام إلى الغرب، بغض النظر عما يفضله الجورجيون أنفسهم، ويشكل منع الميل المؤيد للغرب في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق، أو ما تسميه روسيا “الخارج القريب”، أولوية قصوى لبوتين، فيما يتظاهر حزب “حلم جورجيا” بأنه لا يزال يدعم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لأسباب سياسية، فرفض عضوية الاتحاد الأوروبي علنًا سيوصله إلى مستوى الانتحار السياسي.

ورغم الدور الذي لعبه التزوير في نتيجة الانتخابات، فإن شريحة كبيرة من سكان جورجيا تدعم حزب “حلم جورجيا” بقوة، ورغم أن الجورجيين يشكلون أقلية، فإن لديهم آراء إيجابية بشأن روسيا، كما أن معارضة الحزب الحاكم لتحرير القوانين والمواقف تجاه “مجتمع الميم” تجد صدى لدى البعض.

ربما يعجبك أيضا