قررت الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية عزل الرئيس يون سوك يول بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية الأسبوع الماضي.
جاء هذا القرار عقب تصاعد التوترات السياسية في البلاد، حيث هيمنت المعارضة على المشهد البرلماني، وتمكنت من تأمين الأصوات اللازمة لعزل الرئيس.
التصويت ومواقف الحزب الحاكم
تسيطر أحزاب المعارضة على غالبية المقاعد في البرلمان، مما جعلها بحاجة فقط إلى دعم 8 نواب من حزب الرئيس “قوة الشعب” الذي يضم 108 أعضاء لضمان تحقيق أغلبية الثلثين المطلوبة، وبالفعل، نجحت المعارضة في تمرير قرار العزل بأغلبية 204 أصوات مقابل 85.
وكان قد تمكن يون في البداية من تجاوز محاولة عزل سابقة يوم السبت 8 ديسمبر الماضي، عندما قاطع نواب حزب “قوة الشعب” التصويت، إلا أن الأمور اتخذت منعطفًا حادًا 12 ديسمبر، عندما ألقى يون خطابًا ناريًا هاجم فيه منتقديه وتعهد “بالقتال حتى النهاية”، وفق ما نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، اليوم السبت 14 ديسمبر 2024.
هذا الخطاب أدى إلى انقسام داخل الحزب الحاكم، حيث أعلن زعيم الحزب هان دونج هون أن الأعضاء لهم حرية التصويت “وفق قناعاتهم وضمائرهم” خلال الاقتراع السري الذي أُجري اليوم السبت.
المسار القانوني لإقالة الرئيس
رغم موافقة الجمعية الوطنية على عزل الرئيس، إلا أن القرار لا يصبح نهائيًا إلا بعد أن تصادق عليه المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية. يُفترض أن تصدر المحكمة قرارها في غضون 180 يومًا من تصويت البرلمان، ولكن هذا الإطار الزمني غير مُلزم.
وفي الفترة الحالية، سيتم تعليق مهام الرئيس يون مؤقتًا، وستُنقل سلطاته الدستورية إلى رئيس الوزراء هان دوك سو، الذي عيّنه يون سابقًا. ويُعتبر هان شخصية تكنوقراطية مخضرمة، وسيعمل على إدارة شؤون الدولة بصفة مؤقتة حتى انتهاء الإجراءات الدستورية.
المحكمة الدستورية في الواجهة
قرار عزل الرئيس يون أثار انقسامات حادة في الأوساط السياسية والشعبية، حيث يرى معارضوه أن محاولته لفرض الأحكام العرفية كانت تهديدًا خطيرًا للديمقراطية في البلاد، بينما يدافع أنصاره عنه باعتباره ضحية لمؤامرة سياسية.
فيما خرجت مجموعات من المواطنين إلى الشوارع سواء تأييدًا أو معارضة لقرار البرلمان، مما يعكس حجم الاستقطاب السياسي الذي تعيشه كوريا الجنوبية في الوقت الحالي.
التداعيات المحتملة
يرى المحللون أن عزل الرئيس يون قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات السياسية في البلاد. كما يواجه حزب “قوة الشعب” الذي ينتمي إليه الرئيس تحديًا كبيرًا لاستعادة وحدته الداخلية بعد الانقسامات الأخيرة. كما يُتوقع أن تستغل أحزاب المعارضة هذه التطورات لتعزيز موقفها قبيل الانتخابات المقبلة، مما يفتح الباب أمام تغيرات جذرية في القيادة السياسية للبلاد.
في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع قرار المحكمة الدستورية، تظل التساؤلات قائمة بشأن المدة التي ستستغرقها المحكمة لإصدار حكمها النهائي. يُعتبر قرار المحكمة بمثابة الفيصل في مستقبل الرئيس يون السياسي، سواء بتأكيد عزله أو إعادته إلى منصبه.
دروس من التاريخ
كان قد شهدت كوريا الجنوبية حالة مشابهة في عام 2017 عندما تم عزل الرئيسة المحافظة بارك جيون، بعد فضيحة فساد واستغلال نفوذ كبيرة أثارت احتجاجات شعبية واسعة.
فيما تُظهر الأحداث الحالية استمرار التوترات السياسية في كوريا الجنوبية، حيث أصبحت الرئاسة عرضة للمساءلة والعزل في حال تورطها بأزمات سياسية أو قانونية، وتؤكد تجربة الرئيسة السابقة بارك جيون هي، والآن تجربة يون سوك يول، أهمية الشفافية والالتزام بالدستور في حماية استقرار البلاد.
مشهد سياسي معقد
في ظل تعليق مهام الرئيس وتولي رئيس الوزراء إدارة شؤون الدولة، تترقب كوريا الجنوبية قرارات المحكمة الدستورية وتأثيراتها على المستقبل السياسي للبلاد.
وفي الوقت ذاته، تستمر المعارضة في تعزيز موقعها مستفيدة من الأزمة الحالية، بينما يواجه الحزب الحاكم تحديات صعبة لتوحيد صفوفه واستعادة ثقة الناخبين، وبهذا، تدخل كوريا الجنوبية مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، في انتظار ما ستُسفر عنه التطورات القانونية والسياسية القادمة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2075731