بعد كوريا الشمالية.. مرتزقة كوبا في حرب روسيا على أوكرانيا

بسام عباس
مرتزقة كوبا يقاتلون في صوف الجيش الروسي

كشف الجيش الأوكراني عن شبكة تجنيد روسية للمرتزقة من كوبا، لدعم الغزو والتعويض عن حملة التجنيد غير الشعبية في روسيا.

وأوضحت “إذاعة أوروبا الحرة” أن هذه الشبكة تعمل بموافقة النظام الكوبي حيث انخرط في القتال على الجبهة ما لا يقل عن 5000 جندي كوبي يقاتلون من أجل روسيا.

أعداد متزايدة

قال المؤسس المشارك لمنظمة الديمقراطية الكوبية، ومقرها الولايات المتحدة، وتدعو إلى التغيير الديمقراطي في كوبا الشيوعية، أورلاندو جوتيريز بورونات، إن جوازات السفر التي حصل عليها قراصنة أوكرانيون، ومعلوماتنا الخاصة من كوبا، وتقارير عن مقتل بعض الكوبيين في القتال وأسر البعض الآخر، يؤكد تورط النظام الكوبي مع روسيا في الحرب.

وقال موقع “إذاعة أوروبا الحرة”، في تقرير نشره السبت 15 فبراير 2025، إن كان هذا الرقم دقيقًا، فإنه سيعادل أقل من نصف عدد الجنود من كوريا الشمالية الذين ورد أنهم شاركوا في حرب روسيا بدعم مفتوح من حكومتهم، ولا سيما في الجهود المبذولة لمواجهة الهجوم المفاجئ لأوكرانيا في منطقة كورسك الروسية.

ولكن على عكس الكوريين الشماليين، ترك المقاتلون الكوبيون في روسيا بصمة مهمة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تبنى العديد منهم علنًا العسكرة والأيديولوجية للكرملين، وفقًا لتحقيق أجرته الإذاعة، وأن منشوراتهم ساعدت في تحديد مئات المرتزقة، واكتشاف موقع وطبيعة بعض الأنشطة العسكرية الكوبية في روسيا وعلى الأراضي الأوكرانية المحتلة من قبل روسيا.

مئات المرتزقة

أوضح تقرير الإذاعة أن المؤشرات المهمة على حجم مشاركة الكوبيين في الحرب جاءت بعد أيام قليلة من بيان وزارة الخارجية الكوبية، عندما كشف قرصنة وثائق عن وجود نحو 200 كوبي يخدمون في الجيش الروسي، وتم نشرهم في البداية في منطقة تولا جنوب موسكو.

وأضاف أن هذه الأعداد المتزايدة تثير تساؤلات حول مدى صعوبة “عمل الحكومة الكوبية الموالية لروسيا على تحييد وتفكيك شبكة الاتجار بالبشر”، كما ادعت وزارة خارجيتها في سبتمبر 2023، عندما بدأت تظهر أدلة على قتال الكوبيين في الحرب.

وذكر أن مجموعة التحقيق (InformNapalm)، التي تركز على أوكرانيا، اكتشفت هذا الكنز من الوثائق التي تثبت خدمة الكوبيين من حساب البريد الإلكتروني لضابط روسي كبير اخترقته مجموعة Cyber ​​Resistance، أوكرانية، مشيرًا إلى أن صحفيي الإذاعة وجدوا أدلة جديدة على وجود مئات المرتزقة الكوبيين الآخرين على شبكة التواصل الاجتماعي (VKontakte) الروسية.

صور من منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من مواقع قريبة من تولا، روسيا

صور من منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من مواقع قريبة من تولا، روسيا

 كوبيون في باخموت

قال التقرير إن التحقيق كشف عن أن العديد من المرتزقة الكوبيين الذين لديهم تواجد على الإنترنت لهم علاقة بالفرقة 106 المحمولة جوًا، حيث تضمنت صورة نشرها رجل يُدعى “أليسكي أناتشي” في يوليو 2023 علامة جغرافية تشير إلى منطقة في مدينة تولا معروفة باستضافة الفرقة 106 المحمولة جوًا وفوج المظلات 51 التابع لها.

وتمكن الصحفيون بعد ذلك من تحديد الموقع الجغرافي للمبنى العسكري ذي الجدران الزرقاء حيث التقطت تلك الصورة، وتشير صور الأقمار الصناعية للمنطقة إلى عدم وجود وحدة عسكرية أخرى متمركزة في أي مكان في المنطقة المحيطة، ولفت إلى أن وحدات من الفرقة 106 شاركت في معركة باخموت، المعروفة باسم “مفرمة اللحم”، والتي انتهت باحتلال روسيا للمدينة في مايو 2023 وكانت واحدة من أكثر فصول الحرب دموية حتى الآن.

صورة من القمر الصناعي لمنطقة في تولا معروفة باستضافة الفرقة 106 المحمولة جواً وفوج المظلات 51 التابع لها.

صورة من القمر الصناعي لمنطقة في تولا معروفة باستضافة الفرقة 106 المحمولة جواً وفوج المظلات 51 التابع لها.

وفي مقطع من برنامج Zvezda في 2 أغسطس 2024، شوهد المقاتل، واسمه الحقيقي رافائيل، وهو يكتب (Hasta la vista، baby) “وداعًا يا حبيبي” على المقذوفات العسكرية وأخبر المحاور أنه “وقع في حب “الحنطة السوداء”، وهو الغذاء الأساسي الروسي، أثناء خدمته العسكرية.

الهروب من الفقر

أوضح التقرير أن الفقر المدقع في كوبا يساعد في تفسير جاذبية الخدمة العسكرية الروسية للكوبيين، لافتًا إلى أن العلاقات الودية التاريخية مع موسكو، والتي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفيتية تعني أن مواطني الدولة الجزيرة يمكنهم دخول البلاد سائحين بدون تأشيرة، كما أن الراتب الشهري للأجنبي الذي يلتحق بالجيش الروسي بعقد لمدة عام يعادل 2000 دولار.

مرتزق كوبي يرتدي ميدالية قتالية روسية

مرتزق كوبي يرتدي ميدالية قتالية روسية

وأضاف أن هذا الراتب شجع الكثير من الكوبيين على السفر إلى روسيا، ومن بينهم أودين ريفاس، الذي نشر صورًا من مواقع عسكرية، وروج لرموز الدعاية الروسية والسوفييتية، وفي عام 2022، احتفت به الصحافة الكوبية باعتباره بطلًا بعد تطوعه للمساعدة في إخماد حريق ضخم في محطة ماتانزاس النفطية.

وذكر الموقع أن محطة ماتانزاس تتلقى شحنات كبيرة من النفط من ناقلات النفط الروسية، وكشفت خدمة تتبع السفن (Marine Traffic) وصور الأقمار الصناعية من Planet Labs، أن ناقلات النفط الروسية رست في الموانئ الكوبية في أعوام 2022 و2023 و2024.

وفي عام 2024، نقلت الناقلات أكثر من 1.8 مليون برميل من المنتجات النفطية الروسية إلى كوبا، ومنذ بداية عام 2025، نقلت أكثر من 700 ألف برميل، وجاءت إحدى هذه الشحنات في وقت حيوي حيث شهدت كوبا أسوأ احتجاجات لها منذ عدة سنوات في مارس 2024 وسط نقص في الطاقة والغذاء.

 صور الأقمار الصناعية تظهر ناقلات النفط الروسية في الموانئ الكوبية في أعوام 2022 و2023 و2024.

صور الأقمار الصناعية تظهر ناقلات النفط الروسية في الموانئ الكوبية في أعوام 2022 و2023 و2024.

تأييد كوبي

أوضح تقرير الإذاعة الأوروبية أن هافانا لم تؤيد رسميًا غزو روسيا، ولكن في 1 مارس 2022، وهو اليوم الذي استهدفت فيه روسيا البنية الأساسية المدنية وقتلت مئات المدنيين في مدن في مختلف أنحاء أوكرانيا، انتقد ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، بيدرو لويس بيدروسو كويستا، الغرب “لافتراضه أن روسيا ستظل بلا دفاع في مواجهة التهديدات المباشرة لأمنها القومي”.

وفي مايو 2024، أفادت وسائل الإعلام الرسمية الروسية أن الرئيس الكوبي، ميجيل دياز كانيل، تمنى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين النجاح في “العملية العسكرية الخاصة”، كما يسمي الكرملين الحرب، خلال محادثات في موسكو تزامنت مع العرض العسكري الروسي في 9 مايو لإحياء ذكرى هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

ضد النازية

أوضح التقرير أن صحفيي الإذاعة حصلوا على نسخ من وثائق عسكرية روسية تتعلق بكوبيين يخدمون في وحدات عسكرية روسية، وكانت إحدى الوثائق عبارة عن استبيان لرجل يدعى خوليو بيلاز، ناشد في سبتمبر الماضي باللغة الروسية على موقع (VKontakte) للمساعدة في الحصول على تذكرة طائرة إلى موسكو من أجل التقدم إلى “أي مركز تجنيد”.

منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر رمز الدعاية المؤيدة للحرب Z والعلم الكوبي، وجواز سفر روسي.

منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر رمز الدعاية المؤيدة للحرب Z والعلم الكوبي، وجواز سفر روسي.

وفي الاستبيان، بدا بيلاز، الذي قال إنه لم يسبق له السفر إلى الخارج من قبل، وكأنه يميل إلى دعاية الكرملين المتعلقة بأوكرانيا عندما ذكر دوافعه للانضمام إلى الحرب، وبحلول نهاية أكتوبر، وفقًا لصفحته الشخصية، كان بيلاز في روسيا لمقاتلة النازيين الجدد في أوكرانيا، ناشرًا صورة لمعداته العسكرية كاملة برمز (Z) المؤيد للحرب، وشارة تحمل العلم الكوبي.

ربما يعجبك أيضا