بعيدا عن الاقتصاد.. هل يلعب ماسك دورًا سياسيًا في عهد ترامب؟

تقدم الرئيس دونالد ترامب بالشكر والتقدير، عقب إعلان فوزه بالرئاسة لعدد من المقربين، وكان على رأسهم دعم الملياردير إيلون ماسك له، الدعم الذي تجاوز بحسب المحللين حدود المصالح التجارية، لتعكس طموحاته وأبعاد شخصيته، مستثمرًا ما يزيد على 118 مليون دولار في لجان سياسية تدعم ترامب.

ومع فوز ترامب، أصبح المسرح مهيأ لأحد أكبر داعميه، أغنى شخص في العالم، لممارسة نفوذه السياسي المكتشف حديثًا، وفي حين لا يزال الدور الذي قد يلعبه في الإدارة غامضًا، فقد حدد ماسك عدة أولويات.

أسباب التأييد السياسي

لم يأتِ تسيُّس ماسك من فراغ، بل جاء نتيجة عوامل شخصية وسياسية، فقد عانى ماسك من إهمال إدارة بايدن، التي لم تُثنِ بشكل كافٍ على دوره في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، كما أزعجه التحول الجنسي لابنه ليصبح ابنته، ورفضه الشديد للتيار السياسي التصحيحي، ورغم أن ترامب لم يكن خياره الأول، انحاز ماسك للمرشح الوحيد الذي لا ينتمي لإدارة بايدن.

بعد محاولة اغتيال فاشلة استهدفت ترامب في يوليو الماضي، أظهر ماسك دعمه العلني له، وأصبح يغرّد بشدّة، لدرجة أنه وصل في أكتوبر إلى معدل تغريدات تجاوز 100 تغريدة يوميًّا، ويرى مؤيدوه أن تغريداته تدعم حرّية التعبير وتسلّط الضوء على قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وتزوير الانتخابات، بينما يندّد منتقدوه بمحتوى تغريداته التي يعتبرونها مليئة بالمعلومات المضللة.

عبقري خارق

في خطاب النصر الذي استمر 25 دقيقة، أمضى ترامب ما يقرب من 4 دقائق في مناقشة ماسك، حيث أعلن أن الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس “عبقري خارق”، وأشاد بإطلاق صواريخ سبيس إكس وبرامج الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، وأعلن أن “نجمًا قد ولد، إيلون!”.

ورغم أن ترامب لم يتطرق إلى تفاصيل بشأن ماسك، الذي تبرع بأكثر من 130 مليون دولار لجهود ترامب الانتخابية هذا العام، إلا أن الرجلين يبدو أنهما يتفقان على أن ماسك سيكون له تأثير كبير في ولاية ترامب الثانية، وأشارا إلى أنه من غير المرجح أن يتولى ماسك دورًا رسميًا.

وزير خفض التكاليف

وفقًا لموقع “فوربس”، في تقرير نشره الخميس 7 نوفمبر 2024، قال ماسك إنه لا يخطط للتوقف عن التدخل في السياسة مع هذه الانتخابات، حيث إن لجنة العمل السياسي الفائقة في أمريكا “ستستمر في العمل بعد هذه الانتخابات، والاستعداد لانتخابات التجديد النصفي وأي انتخابات وسيطة”.

وأضاف الموقع أن ماسك بعد تأييده لترامب في يوليو، تبنى بسرعة فكرة قيادة “وزارة كفاءة الحكومة” التي تهدف إلى خفض 2 تريليون دولار أو أكثر من الميزانية الفيدرالية، في حين وصف ترامب ماسك بأنه ما يسمى “وزير خفض التكاليف”.

وفي مقابلة على بودكاست “تجربة جو روجان” الذي صدر مساء الاثنين الماضي، قال ماسك إنه يأمل في “تقليص الوكالات الفيدرالية لتكون أصغر بكثير”، والتأكد من “التزامها بما أقره الكونجرس”، و”تطهير الأسطح” من اللوائح والوكالات الفيدرالية غير المبررة، مضيفًا أنه إذا أزال فريق عمله “بعض اللوائح أو الوكالات التي كانت تفعل شيئًا مفيدًا، فيمكننا إعادتها فورًا”.

أهداف سياسية

رغم نفيه المستمر لطموحاته السياسية، يبدو أن ماسك يهدف لأدوار أعمق وأكثر تأثيرًا من مجرد العمل كمتطوع في الحملات الانتخابية، وهذا التوجه يبدو واضحاً في تفاعله المستمر مع جمهوره، حيث يشير البعض إلى أنه يسعى لتكوين مكانة شبه دبلوماسية.

ولم يكن تحويل ماسك لمنصة “إكس” إلى أداة أساسية، بدافع الربح، وإنما لتحقيق هدف أسمى، وهو بحسب رأيه، حرّية التعبير خاصة للمحافظين الذين هُمِّشُوا لوقت طويل، موضحًا أن هدفه هو إعادة التوازن لصالح من يعتقد أن أصواتهم قد صُودرت.

كيف يمكن أن يستفيد ماسك؟

أوضح فوربس أن عدد كبير من الدعاوى القضائية والتحقيقات الحكومية مرفوعة ضد ماسك وشركاته، ما يعني أنه من المرجح أن يستمتع بالمناخ التنظيمي الأخف الذي طرحه ترامب، ومن بين القضايا القانونية والتنظيمية التي يواجهها ماسك استئناف لإعادة مكافأته البالغة 50 مليار دولار في أسهم تيسلا والتي أبطلها قاض في ولاية ديلاوير في يناير.

وقد ظهرت ثمار المنفعة الشخصية المحتملة التي قد يجنيها ماسك من إدارة ترامب يوم الأربعاء، حيث ارتفعت أسهم تسلا بنسبة 14% إلى أعلى مستوى لها منذ شهر يوليو الماضي، لتضيف 20 مليار دولار إلى ثروة ماسك، وقال المحلل في شركة ويدبوش، دان إيفز: “إن رهان ماسك الكبير على ترامب هو ضربة قوية لتسلا”.

وأوضح إيفز أن اقتراح ترامب بإنهاء الاعتمادات الضريبية الفيدرالية للسيارات الكهربائية، قد يمنح ماسك وتيسلا ميزة تنافسية واضحة في بيئة غير داعمة للسيارات الكهربائية، مضيفًا أن الرسوم الجمركية الثقيلة على الواردات الصينية “ستستمر في إبعاد شركات السيارات الكهربائية الصينية الأرخص عن إغراق السوق الأمريكية على مدى السنوات القادمة”.