بنك اليابان تحرك لدعم سوق السندات.. هل يلحق بقطار التشديد النقدي؟

ولاء عدلان
اقتصاد اليابان

قرر بنك اليابان المركزي في 20 ديسمبر الحالي الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي عند سالب 0.1% رغم ارتفاع التضخم بأسرع وتيرة منذ ديسمبر 1981.


سجل معدل التضخم الأساسي باليابان في نوفمبر الماضي، أعلى مستوياته منذ 41 عامًا، مبتعدًا عن مستهدف البنك المركزي البالغ 2% فقط.

ويصر بنك اليابان (المركزي) على أن التضخم المرتفع “مؤقت” ولا يستدعي تغيير سياسته النقدية شديدة التيسير، إلا أنه فاجأ الأسواق الثلاثاء الماضي، برفع مستهدف عائدات السندات الحكومية، ما عزز احتمالات التحاقه بقطار التشديد النقدي العالمي.

تحرك مفاجئ لبنك اليابان

قرر بنك اليابان في 20 ديسمبر الحالي الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي عند سالب 0.1%، متمسكًا بسياسة يتبناها منذ 2016، رغم ارتفاع التضخم خلال نوفمبر الماضي بأسرع وتيرة منذ ديسمبر 1981 ليسجل 3.7% على أساس سنوي، وفق وكالة أنباء “رويترز”.

لكن المركزي الياباني أعطى الأسواق دفعه إيجابية بالسماح بعائدات السندات الحكومية طويلة الأجل، بالتحرك 0.5% أعلى أو أسفل هدفها البالغ 0%، ارتفاعًا من الحد الأقصى السابق البالغ 0.25%.

وتعهد البنك بزيادة مشترياته من السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بقدر كبير، في محاولة لدعم سوق السندات، والأهم العملة الوطنية “الين” التي تراجعت بقوة هذا العام مقابل الدولار الأمريكي.

ab7punjY02oKPrAaduim4NV9h7lRdne7HtIvvKSb

حركة العائد على السندات اليابانية الحكومية – المصدر هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية

الين أداؤه سلبي

أدى تحرك بنك اليابان في 20 ديسمبر لدعم سوق السندات الحكومية التي تعد محورية لثالث أكبر اقتصاد في العام وتستحوذ على ثلث تمويل الموازنة اليابانية، إلى ارتفاع الين إلى أعلى مستوياته في 4 أشهر ليتداول المستثمرون الدولار عند 132.25 ين.

وخلال أكتوبر الماضي انفقت الحكومة اليابانية نحو 42.8 مليار دولار لدعم الين، بعد تراجعه إلى أدنى مستوياته في 32 عامًا ليقترب الدولار من مستوى 152 ينًّا.

أدنى مستوى للعملة من 2010

خلال سبتمبر الماضي، تدخلت طوكيو في سوق الصرف للمرة الأولى منذ 1998، وضخت نحو 20 مليار دولار لدعم عملتها الوطنية.

وتفترض ميزانية اليابان للعام المالي 2023 سعر صرف عند مستوى 137 ينًّا للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى للعملة اليابانية منذ 2010. وحتى الآن تراجع الين مقابل الدولار بنحو 14% منذ بداية 2022، وفق “رويترز” و”سي إن بي سي”.

حركة الين مقابل الدولار خلال سبتمبر وأكتوبر – المصدر هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية

فجوة السياسة النقدية

أرجع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليابان، رانيل سالجادو، في مقابلة خلال يونيو الماضي، الأداء السلبي للين أمام الدولار الأمريكي إلى الفجوة الحالية في أسعار الفائدة بين اليابان وأمريكا، فالأخيرة رفعت الفائدة منذ مارس الماضي إلى أعلى معدلاتها في 15 عامًا لتسجل 4.5% هذا الشهر، وفي المقابل تحافظ طوكيو على الفائدة السلبية.

وقال حاكم بنك اليابان المركزي، هاروهيكو كورودا، الثلاثاء الماضي، في تصريح إلى الصحفيين، إن تدخل “المركزي” لتعزيز سوق السندات لا يعني أنه بصدد رفع الفائدة، مضيفًا أنه من غير المرجح أن يوسع بنك اليابان النطاق المستهدف أكثر من 0.5%، وفق وكالة أنباء “كيودو” اليابانية.

ركود في الأفق

توقعت شركة كابيتال إيكونوميكس هذا الشهر، سقوط الاقتصاد الياباني في فخ الركود خلال العام المقبل، مدفوعًا في الأساس بتراجع الصادرات وإنفاق الأسر، مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم، وإصرار بنك اليابان على سياسته التيسيرية، وفق “سي إن بي سي”.

وفي أحدث مؤشر على خطر الركود، سجل اقتصاد اليابان خلال الربع الثالث من 2022 انكماشًا بنحو 0.8%، لكن في المقابل عدلت طوكيو توقعاتها للنمو الاقتصادي في 2023 بالرفع ليصبح 1.5%، من توقعاتها السابقة في يوليو لنمو بنحو 1.1%.

ويتوقع صندوق النقد للبلاد نموًّا اقتصاديا “أعلى” في حدود 1.7% خلال 2023.

LCZK06UBplk3FTwqcSUF40HFAaL8NHqIV7gNWPKZ 768x432 1

تجاوز التضخم في اليابان لمستهدف البنك المركزي

هل تنهي اليابان عصر الفائدة السلبية؟

توقع بنك “جولدمان ساكس” في مذكرة، يوم الثلاثاء الماضي، أن تتحرك اليابان خلال العام المقبل نحو التخلي عن أسعار الفائدة السلبية، وقال: “يركز بنك اليابان الآن على دعم سوق السندات الحكومية، لكنه ينظر إلى رفع الفائدة على أنه الخطوة التالية المرغوبة”.

وتتوقع أصوات في اليابان أن يواصل البنك سياسته التيسيريه حتى مارس 2023، أي مع استلام شخص جديد لرئاسة المركزي من هاروهيكو، ووقتها يمكن لليابان أن تفاجئ الأسواق برفع الفائدة لدعم الين مقابل تسارع التشديد النقدي الأمريكي، وفق تحليل لهيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية نشر أكتوبر الماضي.

اليابان في مأزق

استبعد تحليل لـ”فوربس” أمس الجمعة 23 ديسمبر 2022، أن يشرع بنك اليابان دورة تشديد انتقامية خلال العام المقبل، معتبرًا أنه لا يملك الشجاعة لفعل ذلك، لعدة عوامل أبرزها حقيقة كونه أكبر مساهم في الشركات المدرجة في بورصة طوكيو، ويستحوذ على أكثر من نصف السندات الحكومية.

ونتيجة لعقود من السياسات النقدية شديدة التيسير، أصبح الاقتصاد الياباني اليوم الأكثر مديونية بين الاقتصادات المتقدمة، مع عبء ديون يصل إلى 265% من الناتج المحلي الإجمالي.

والأسوأ أن الحكومة اليابانية تعمل على زيادة هذا العبء من خلال طرح المزيد من السندات الحكومية، الأمر الذي بات مهددًا مع ارتفاع جاذبية سندات الاقتصادات المتقدمة الأخرى نتيجة لضعف الين.

ربما يعجبك أيضا