بين التقارب والحذر.. زعماء أوروبا يتوددون لترامب

بسام عباس
ترامب والناتو

محاطًا بالأعلام الأمريكية، استعرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قائمة بأسماء رؤساء شركات التكنولوجيا الذين توافدوا إلى منتجعه مار إيه لاجو في فلوريدا لمقابلته بعد فوزه في الانتخابات، وفي ديسمبر الماضي، قال للصحفيين: “الجميع يريدون أن يكونوا أصدقائي”.

وقبيل تنصيبه أمس 20 يناير، التقى ترامب أيضًا بعدد من زعماء الدول الأوروبية، ولكن ترامب مزق كتاب السياسة الخارجية القديم الذي تبنته واشنطن، وهناك شعور أوروبي بأن المخاطر أصبحت أعلى هذه المرة، فما هي مواقف الزعماء الأوروبيين من ترامب؟

فيكتور أوربان

قال موقع راديو أوروبا الحرة، في تقرير نشره 19 يناير 2025، إن “فيكتور أوربان” كان أول زعيم أوروبي يزور ترامب في فلوريدا بعد انتخابات نوفمبر، ووطد رئيس الوزراء المجري علاقات وثيقة مع ترامب منذ فترة طويلة، وكان أيضًا أول زعيم أوروبي يؤيد حملته الرئاسية لعام 2016، فيه علاقة قائمة على القرب الأيديولوجي والكيمياء الشخصية.

دونالد ترامب ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان

دونالد ترامب ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان

وأضاف أن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، سيضر بالمجر، حيث تشكل شركات صناعة السيارات نحو 12% من إجمالي الوظائف في قطاع التصنيع، ومن بين هذه الشركات، تتصدر الشركات الصينية، التي تشكل مصدر إزعاج سياسي لترامب.

وقال مسؤولون في بودابست إن ترامب سعى أيضًا للحصول على آراء أوربان بشأن إنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ما يقرب من 3 سنوات في أوكرانيا في سلسلة من المكالمات الهاتفية منذ فوزه في الانتخابات الأمريكية، ويعتبر أوربان مقربًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويحاول تقديم نفسه كرجل دولة قادر على تسهيل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال المحلل السياسي بوتوند فيلدي: “هذا لا يعني أن المجر سوف تتلقى ورقة رابحة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا، لكنني أستطيع أن أتخيل أن فيكتور أوربان سوف يتلقى نوعاً من الإيماءة الرمزية. ولنقل إن جولة من المفاوضات سوف تعقد في بودابست أيضاً”.

جورجيا ميلوني

أوضح التقرير أن رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، زارت ترامب أيضًا في فلوريدا، لافتًا إلى أنها ستكون شريكة أكثر نفوذًا من أوربان، ففي حين أن أوربان معزولاً إلى حد كبير في الاتحاد الأوروبي، فإن ميلوني تتمتع بشبكة علاقات واسعة.

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تزور دونالد ترامب في منتجعه مار إيه لاجو في فلوريدا

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تزور دونالد ترامب في منتجعه مار إيه لاجو في فلوريدا

ولفت إلى أن العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي يأملون في أن تتمكن ميلوني من أن التأثير على ترامب، فيميل في اتجاه مختلف بشأن قضايا مثل حرب أوكرانيا، حيث كانت ميلوني داعمة قوية لكييف، وكذلك التعريفات الجمركية، ومثل أوربان، تتقارب ميلوني من ترامب من الناحية الإيديولوجية، وتشترك معه في موقفه المتشدد المناهض للهجرة، كما وصفها ترامب بأنها “امرأة رائعة” “اجتاحَت أوروبا بالعاصفة”.

ولكن على النقيض من المجر، فإن إيطاليا لا تحقق هدف الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث لم تتجاوز 1.49% في عام 2024، وفقًا للتقديرات، وقال أوليفييه كوستا، من معهد العلوم السياسية في باريس: “كانت إيطاليا إحدى الدول التي استفادت كثيرًا من المظلة الأمريكية التي تغطي أوروبا”.

إيمانويل ماكرون

قال التقرير إن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حرص على عقد اجتماع مبكر مع ترامب، حيث استضافه، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في حفل إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس في ديسمبر، وكانت هذه محاولة مبكرة للتأثير على نهج ترامب تجاه أوكرانيا، ولا يوجد دليل حتى الآن على أن هذه المحاولة كان لها أي تأثير.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء حديثه مع دونالد ترامب داخل كاتدرائية نوتردام في ديسمبر 2024

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء حديثه مع دونالد ترامب داخل كاتدرائية نوتردام في ديسمبر 2024

وأضاف أن ماكرون أصبح ضعيفًا محليًّا، حيث يواجه أزمة سياسية متواصلة بعد خسارته أغلبيته البرلمانية في الانتخابات، أما منتقدته الشرسة وخليفته المحتملة، مارين لوبان، فهي سياسية أقرب إلى نمط ترامب، لافتًا إلى أن ماكرون يتمتع بثقل باعتباره زعيم دولة مسلحة نوويًّا وتتمتع بأقوى جيش في الاتحاد الأوروبي ومقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وعلى غرار ترامب، سعى بوتين أيضًا إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع بوتين، وإذا بدأت محادثات السلام في أوكرانيا، فمن المتوقع أن يبذل قصارى جهده للمشاركة، ومع ذلك فإن ترامب غاضب من جميع الذين كانوا سعداء بهزيمته أمام بايدن، متوعدًا بأن يجعل كل هؤلاء يدفعون الثمن.

كير ستارمر

أوضح تقرير إذاعة أوروبا الحرة أن ستارمر هو النقيض السياسي لترامب، فهو ديمقراطي اجتماعي متواضع، مشيرًا إلى ان الثقل الدولي لبريطانيا ربما يكون قد تراجع بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي، ولكنها لا تزال تمتلك بعض الأوراق العسكرية والدبلوماسية نفسها التي تمتلكها فرنسا.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتصافحان بعد اجتماعهما في كييف في 16 يناير

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتصافحان بعد اجتماعهما في كييف في 16 يناير

وأضاف أن وزير خارجية ستارمر، دانييل لامي، سعى لبناء علاقة شخصية مع نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس، وقال إن الاثنين وجدا أرضية مشتركة في خلفياتهما من الطبقة العاملة وإيمانهما المسيحي، لافتًا إلى أن ستارمر وترامب ليسا متقاربين في العديد من القضايا، ولكن في الوقت نفسه، يبدو أن ترامب لديه نوع من الود تجاه المملكة المتحدة.

أولاف شولتز

مع اقتراب موعد الانتخابات الألمانية في فبراير، من غير المرجح أن يظل المستشار الألماني، أولاف شولتز، في منصبه لفترة طويلة، وكانت سلفه، أنجيلا ميركل، قد واجهت وقتًا عصيبًا مع ترامب، حيث بدت متذمرة إلى جانبه عندما بدا وكأنه يتجاهلها في إحدى المناسبات.

المستشار الألماني أولاف شولتز

المستشار الألماني أولاف شولتز

وقد يجد خليفته المحتمل، فريدريش ميرز، صعوبة أيضًا في تحقيق هذا الهدف، إذ يتحدث بيانه الانتخابي عن إنفاق دفاعي “لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي”، وهو رقم من غير المرجح أن يثير حماسة واشنطن، لأن ألمانيا تنفق بالفعل هذه النسبة.

ولعل الأهم من ذلك أن ألمانيا تحقق فائضًا تجاريًّا بقيمة 60 مليار دولار مع أمريكا، وهو ما انتقده ترامب، حيث تلوح الرسوم الجمركية في الأفق مرة أخرى، كما ألقى ماسك بثقله في المشهد السياسي الألماني، حيث دعم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، والذي رفض ميرز العمل معه، ومع ذلك، لم يؤيد ترامب هذه التعليقات، وتظل ألمانيا شريكًا مهمًا.

ربما يعجبك أيضا