كان رحيل نظام الأسد من دمشق سريعًا، على عكس قدرته على المقاومة سابقًا، منذ أن خرجت التظاهرات في منتصف شهر مارس عام 2011 للمطالبة بإطلاق الحريات والإصلاح السياسي والاقتصادي.
ما يشير إلى أن عوامل القوة الداعمة قد فقدها النظام الراحل، فقد أظهر موقف الجيش السوري والشعب السوري أنهم لا يريدون قبول نهج بشار القائم على الصراع الأيديولوجي، وفي الوقت نفسه لا يريدون الوقوف مكتوفي الأيدي أمام حالة اليأس والفقر والتخلف المسيطرة على المناخ العام، دون التفكير في عواقب الانتقال إلى عهد أصعب من نظام البعث في سوريا.
حكم الأقلية
الخبير الإيراني، يد الله كريمي بور، أشار إلى أن حكم الأسد كان يعتمد على حكم الأقلية، وذلك بالارتكاز على 13% من السكان العلويين الشيعة، بينما كان 74% من السنة كانوا عملياً على الهامش. فإنه على المدى الطويل يكاد يكون سيطرة الأقلية على الأغلبية أمرًا مستحيلا.
وأوضح الخبير الإيراني، في صحيفة آرمان امروز، اليوم الاثنين 9 ديسمبر 2024، أن الفساد والانشغال بعيدًا عن الاقتصاد أدى إلى قدرة قوى خارجية على استقطاب الداخل السوري مثل تركيا. وخاصة أن روسيا وإيران لم تقدما للأسد أية خطة لإخراج هذا البلد الذي مزقته الحرب من اليأس؛ ومن السهل أن تقع جميع المحافظات الخاضعة لسيطرة بشار في هوة الفقر أكثر من ذي قبل.
معنوية الجيش منخفضة
حول انسحاب الجيش السوري لصالح التنظيمات المسلحة، أشار الخبير الإيراني إلى الدوافع الاقتصادية والأزمات التي تعيشها سوريا بسبب الوضع القائم مع استمرار حكم الأسد.
وقال كريمي بوري: متوسط الدخل الشهري للفرد في جيش الأسد تراوح بين 25 إلى 30 دولارًا، وهو أقل من الصومال، بحيث لم تكن كافية لتغطية نفقاتهم لمدة أسبوع. ومن ناحية أخرى، كان هذا الجيش يفتقر إلى الدوافع الأيديولوجية، وكان مسؤولاً مسؤولية كاملة عن الفساد الممنهج في المؤسسات الحكومية وما إلى ذلك.
وأضاف: بالمقارنة، كان الوضع الاقتصادي لسكان شمال سوريا والمنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي أفضل بكثير من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الأسد. وفي الواقع، كان متوسط دخل الموظفين في مناطق سيطرة المعارضة أكثر من 5 إلى 6 أضعاف دخل الضباط السوريين، بين 200 وحتى 500 دولار. وهو ما أدى إلى خلق شعور بالسأم من النظام القائم في دمشق.
انشغال الحلفاء
أشار السياسي الإيراني، عبدالله داوري، إلى أن طبيعة سوريا المتجاذبة أطرافها نحو الخارج، كانت سببًا أساسيًا للصراع مع الحكومة المركزية في دمشق.
وأوضح في صحيفة آرمان ملي، اليوم الاثنين، أن الأسد كان يراهن على حلفائه في الدعم الأمني، لكن أحداث أوكرانيا قد شغلت روسيا. وكذلك أحداث طوفان الأقصى قد شغلت إيران عن أولوية الدفاع عن الأسد، في ظل التهديدات التي اقتربت من الحدود الروسية أو الإيرانية. بينما كان أردوغان يجهز هيئة تحرير الشام بكافة جوانبها للاستيلاء على السلطة في سوريا والقضاء على العلويين والأسد.
وأضاف السياسي الإيراني: من السذاجة الخالصة الاعتقاد بأن تركيا لم تشرك الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وإسرائيل في صعود هيئة تحرير الشام، بل كانت القيادة العامة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) على علم بمثل هذه الخطوة ونسقت تركيا معها.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2070743