«تبيع كِليتك بكام؟».. وول ستريت جورنال تروّج لتجارة الأعضاء البشرية

كيف روجت وول ستريت جورنال لمشروعية بيع الأعضاء البشرية؟

محمد النحاس
بيع الأعضاء

هل يمكن وصف محاولة تبرير بيع الأعضاء البشرية بـ«تسليع الإنسان»؟


تمكّن المرشح الرئاسي الأرجنتيني، خافيير ميلي، من الفوز بمقعد الرئاسة، بعد الانتخابات التي أجريت في وقتٍ سابق من نوفمبر الجاري في تحول حاد تجاه أقصى اليمين.

في حين أن الرئيس الجديد، يمتلك مجموعة من الآراء الغريبة والمثيرة للجدل، مثل “تفجير البنك المركزي” والتخلي عن البيزو لصالح الدولار، إلا أن أحد أغرب تصوراته تتمثل في اعتقاده بضرورة وجود سوق قانونية للأعضاء البشرية، أو شرعنة تجارة الأعضاء.. فما الحجج التي يمكن أن تبرر مثل هذا الأمر؟

هل يمكن تسويغ بيع الأعضاء البشرية؟

في عام 1992 صاغ الكاتب والمستشار الأمريكي جيمس كارفيل، عبارة “إنه الاقتصاد يا غبي” بعد ذلك شاعت العبارة على نطاق واسع في السياسة الأمريكية، وتسلط الضوء على هيمنة الجوانب الاقتصادية على نظائرها السياسية، بل وعلى كافة جوانب الحياة الأخرى كـ “الأخلاقية”، وبالإضافة إلى الاقتصاد فإن حرية الأفراد المطلقة بلا ضابط أو مرجع نهائي وكلي حاكم، تفسر الكثير من الخيارات التي تُطرح غربيًّا ويروج لها بأبلغ العبارات وأعمق الحجج.

في هذا الإطار، هيمنت السياسات الرأسمالية، والحرية المطلقة التي قادت إلى الفردية والتمركز حول الذات، ليسوّق مقال نشرته وول ستريت جورنال الأمريكية بعض الحجج في تسويغ ضرورة تقنين بيع الكلى، ويجادل متنبيًّا خطابًا رأسماليًّا بحجج مشروعية هذا الفعل؟ فما الحجج التي ساقها؟

حسب المقال المنشور في الصحيفة الأمريكية، في 24 نوفمبر 2023، هناك سببين مقنعين للسماح للناس ببيع أعضائهم، ولكن الحجج المؤيدة والمعارضة لتحديد سعر للكلى تقع في قلب المناقشة الدائرة حول الرأسمالية.

تجلٍ بائس للرأسمالية المتوحشة

أولى الحجج التي يسوقها المقال، الزعم القائل بأن الإنسان يملك جسدًا، ومن ثم فإذا ما أراد بيع جزء منه فإن “الأمر متروك لي.. من حقي أن أجرح نفسي أو أقتلها، على الأقل في الدول المتقدمة”.

ويصف المقال تجارة الأعضاء بأنها واحدة من أكثر الأفكار التحررية إثارة للاهتمام، فيما ينظر إليها منتقدوها بـ”رعب” معتبرين أنها “إحدى التجليات البائسة للرأسمالية”، ويردف المقال بأن المعارضين لذلك يتغاضون عن سؤال “ما هو بديل ذلك؟”.

ووفق المقال ففي ظل توجه الأنظمة السياسية توجهات رأسمالية، وتبنيها لأجندات تجاه الاقتصاد “تسحق الحرية الفردية”، لا بد أن يكون التبادل المتفق عليه بشكل عادل، وحال العلم بالعواقب والتبعات، هو توجه الأفراد في مثل هذه المجتمعات، على حد طرح المقال.

ماذا لو بدا الأمر غير أخلاقي؟

بحسب المقال، فإننا “نحتفي بالتبرع بالكلى بدافع الحب والإيثار من أجل إنقاذ الأرواح، وتستخدم العديد من الدول آليات لتحفيز التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، ويموت الكثيرون جرّاء عدم تمكنهم من الحصول على كِلية في وقتٍ مواتٍ”. حتى لو بدا الأمر غير مناسب أخلاقيًّا، يرى المقال، أن تجارة الكلى “ستظل موجودة على كل حال” عبر السوق السوداء.

لذا “ربما يكون من الأفضل إجراءها بشكل صحيح وتنظيمها عبر الجهات المخصتة، وهي حجج مماثلة للسماح بالإجهاض بدلًا من إجراءه “على كل حال” في “عيادات تحت بير السلم”، وكذلك جرى ترويج حجج مماثلة في ما يتعلق بحظر المشروبات الكحولية. ويزعم المقال أنه يمكن إنقاذ الكثير من الأرواح إذا ما تحوّل الأمر، من التبرع إلى البيع المدفوع، مضيفًا أن “إحسان المتبرعين لا يمكن الاعتماد عليه، كما لا يمكن الاعمتاد على إحسان الجزار لتوفير ما نحتاجه من طعام”.

وختامًا، وبالعودة إلى الأرجنتنين يرى المقال أن هناك “ما يدعو للقلق أكثر بكثير من تقنين تجارة الأعضاء البشرية”، ويرى في هذا الصدد ضرورة “ألا نحاول تنفيرهم من هذه الفكرة” بل وحثهم على التفكير فيها بجديّة.

 

ربما يعجبك أيضا