في تطور مفاجئ، سجل الروبل الروسي انخفاضًا حادًا، إذ بلغ سعره 114 روبلًا مقابل الدولار الأمريكي، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2022، أي بعد فترة قصيرة من بداية حرب روسيا وأوكرانيا.
وهذا الانخفاض يعتبر واحدًا من أعمق التراجعات التي شهدتها العملة الروسية في السنوات الأخيرة. وفي محاولة لوقف الانهيار المستمر للروبل، أعلن البنك المركزي الروسي عن وقف شراء العملات الأجنبية حتى نهاية العام.
دعم العملة
الهدف من هذه الخطوة تقليل تقلبات السوق المالي المحلي ودعم الاستقرار النقدي في البلاد. رغم ذلك، ظل الروبل يعاني من ضعف كبير، إذ استقر عند 110 روبلات مقابل الدولار في صباح الخميس 28 نوفمبر 2024، وذلك وفق ما نشرت شبكة سي إن بي سي الأمريكية.
ورغم التدهور الحاد للروبل، سعى المسؤولون الروس إلى التقليل من أهمية الانخفاض. وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن الهبوط لن يؤثر على حياة المواطنين العاديين لأنهم يتقاضون رواتبهم بالروبل، متجاهلًا بذلك التأثيرات الكبيرة على الأسعار والتضخم الذي يعاني منه المواطنون الروس.
العقوبات الغربية
تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن هبوط الروبل مرتبط بشكل مباشر بزيادة العقوبات الغربية ضد روسيا، خاصة تلك التي تستهدف بنك غازبرومبانك الروسي. هذه العقوبات تجعل من الصعب على روسيا إجراء معاملاتها المالية، بما في ذلك المدفوعات الخاصة بالطاقة عبر النظام المالي الأمريكي.
هذا الوضع يزيد من العزلة الاقتصادية لروسيا ويصعب من قدرتها على استيراد السلع الأساسية والتعامل مع الأسواق الدولية.
التضخم وارتفاع أسعار السلع
تفاقمت أزمة الروبل في ظل التضخم المتسارع الذي يعصف بالاقتصاد الروسي. فقد وصلت معدلات التضخم إلى 8.5% في أكتوبر 2024، ما أثر بشكل كبير على قدرة المواطنين الروس على شراء السلع الأساسية مثل الزبدة والبطاطس، التي شهدت أسعارها قفزات كبيرة في الأشهر الأخيرة.
ورغم رفع البنك المركزي لسعر الفائدة إلى 21%، إلا أن هذه الخطوات لم تنجح في السيطرة على التضخم.
تحديات الاقتصاد بسبب الحرب
مع استمرار الحرب في أوكرانيا، يعاني الاقتصاد الروسي من ضغط كبير بسبب زيادة الإنفاق العسكري وارتفاع تكاليف الإنتاج. رغم تأكيدات الحكومة الروسية أن الاقتصاد ينمو بفضل صادرات النفط والغاز، إلا أن الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن الحرب تفرغ الاقتصاد من موارده وتضعه في وضع صعب على المدى الطويل. كما أن هذه الظروف تؤثر سلبًا على الاستهلاك الخاص والنمو الاقتصادي في المستقبل.
روسيا في طريقها لأزمة شاملة
في ظل التدهور المستمر للروبل والاقتصاد، يرى العديد من المحللين أن روسيا قد تكون في طريقها لأزمة اقتصادية شاملة.
وصرح جوزيف بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في شركة “RSM US” الأمريكية بأن الاقتصاد الروسي يظهر علامات على الإرهاق، خاصة مع استمرار الضغط الناتج عن العقوبات الغربية وارتفاع التضخم. كما أن السوق الروسي بدأ يعاني من نقص في السيولة والموارد المالية بسبب العقوبات والحرب المستمرة.
مستقبل الاقتصاد الروسي
رغم الجهود الحكومية لمحاولة الحفاظ على استقرار الروبل، فإن التوقعات الاقتصادية تشير إلى استمرار التباطؤ في النمو الاقتصادي. وفقًا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الروسي تباطؤًا ملحوظًا في عام 2025، حيث يتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.3%. وهذا التباطؤ يعكس تأثير العقوبات والتحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد الروسي في ظل استمرار الحرب والتضخم .
على الرغم من محاولات الحكومة تهدئة القلق العام بشأن الوضع الاقتصادي، فإن انخفاض قيمة الروبل والتضخم المرتفع يترك آثارًا مباشرة على حياة المواطنين. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، وأصبح المواطنون يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم اليومية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2060192