تحولات كبرى.. هل اقترب بوتين من تحقيق أهدافه في أوكرانيا؟

«زيارة مرتقبة لترامب إلى موسكو» خطوة رمزية تغير المعادلات

شروق صبري
ترامب وبوتين

على وقع المكالمات الهاتفية والاتفاقات الخفية، يقترب المشهد السياسي من نقطة تحول كبرى. فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي الذي واجه تحديات كبرى في حربه المستمرة منذ ثلاث سنوات، يبدو اليوم أكثر ثقة من أي وقت مضى.

مكالمته الأخيرة مع دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، لم تكن مجرد محادثة دبلوماسية، بل خطوة أولى نحو إعادة تشكيل التوازنات العالمية، وسط استبعاد أوروبا من المعادلة.

مكالمة حاسمة ترسم المسار

في محادثة استمرت 90 دقيقة، شعر بوتين بأن رؤيته الطويلة الأمد تتحقق، قوى عظمى تحدد مصير أوكرانيا، بينما تُقصى كييف وحلفاؤها الأوروبيون من طاولة المفاوضات.

بحسب مصدر في الدوائر الدبلوماسية الروسية، كانت هذه المكالمة “اللحظة التي انتظرها بوتين طويلاً”، مؤكدًا أن هذه ليست سوى الجولة الأولى، التي يبدو أن الرئيس الروسي خرج منها منتصرًا. وفق ما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية الخميس 13 فبراير 2025.

تحول في موازين القوة

رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش الروسي في بداية الحرب والضغوط الاقتصادية المتزايدة، إلا أن الأجواء في موسكو تعكس تفاؤلاً متزايدًا. يرى الكرملين أن التحولات السياسية في واشنطن تمنح موسكو فرصة ذهبية لتحقيق أهدافها في أوكرانيا دون تقديم تنازلات جوهرية.

أحد كبار المحللين الروس أشار إلى أن بوتين “لم ينحنِ أمام الضغوط، بل انتظر بصبر حتى تغير العالم من حوله”، في إشارة إلى انتخاب ترامب وما يحمله من سياسات خارجية مغايرة.

ضغوط أمريكية على أوكرانيا

قبل ساعات من مكالمة بوتين وترامب، تلقى المسؤولون في بروكسل صدمة من تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، الذي طالب كييف بالتخلي عن حلمها بالانضمام إلى الناتو وقبول خسائرها الإقليمية.

هذا التحول المفاجئ منح موسكو دفعة معنوية، حيث اعتبر المحللون الروس أن ترامب بدأ فعلياً في تلبية المطالب الروسية قبل حتى أن تبدأ المفاوضات الرسمية.

استراتيجية بوتين الجديدة

مع تغير الموقف الأمريكي، يسعى بوتين الآن لتأمين اجتماع مغلق مع ترامب، حيث يمكنه دفع أجندته بشكل مباشر دون تدخلات خارجية.

وأشار مصدر دبلوماسي روسي إلى احتمال عقد قمة بين الزعيمين قريبًا في السعودية، وهو تطور قد يعيد رسم المشهد الجيوسياسي بالكامل.

احتفاء في موسكو وتهميش لأوروبا

وسط أجواء من النشوة، يرى الإعلام الروسي في هذه التطورات انتصارًا استراتيجيًا لبوتين. فقد استبعد ترامب زيلينسكي تمامًا من المحادثات، وأخطَرَه فقط بعد انتهائها، ما عزز الشعور بأن أوكرانيا لم تعد تمتلك قرارها.

أما على الجبهة الأوروبية، فقد عبر الساسة والمحللون عن غضبهم من التهميش الواضح لدورهم، وهو ما استغله دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، ليصرح ساخرًا بأن “أوروبا العجوز غارقة في الغضب والغيرة”.

زيارة ترامب إلى موسكو

في تطور آخر، وجه بوتين دعوة رسمية لترامب لزيارة موسكو، مع تلميحات بأن المناسبة ستكون العرض العسكري في التاسع من مايو، حيث تحتفل روسيا بيوم النصر.

وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن فكرة ظهور رئيس أمريكي إلى جانب بوتين في الساحة الحمراء لم تعد مستبعدة، وإذا حدثت، فستكون بمثابة ضربة قاصمة للجهود الغربية الرامية لعزل روسيا دبلوماسيًا.

تفاؤل اقتصادي في روسيا

من ناحية أخرى انعكس التفاؤل السياسي على الأسواق الروسية، حيث قفز مؤشر البورصة بأكثر من 6%، وارتفعت قيمة الروبل إلى أعلى مستوى لها منذ الصيف الماضي.

كما شهدت أسهم الشركات الكبرى، مثل غازبروم وروستيليكوم، ارتفاعًا تجاوز 8%، في مؤشر على توقعات المستثمرين بانفراج اقتصادي محتمل في ظل تقارب موسكو وواشنطن.

عقبات أمام المفاوضات المحتملة

ورغم الأجواء الإيجابية، إلا أن المحللين يرون أن المفاوضات قد تكون طويلة ومعقدة، فبوتين لا يزال يتمسك بمطالبه القصوى، التي تشمل توسيع السيطرة الروسية على الأراضي الأوكرانية وإجراء تغيير سياسي في كييف.

حتى مع وجود ترامب، فإن تنفيذ هذه الشروط قد يكون صعب التحقيق، خاصة مع اقتراحات بعض الأوساط الغربية بنشر قوات حفظ سلام أوروبية على الحدود الأوكرانية.

مواقف متشددة داخل روسيا

في الداخل الروسي، تتصاعد أصوات القوميين المتشددين الذين يعتبرون أن أي تسوية يجب أن تضمن السيطرة الكاملة على أوكرانيا.

الكاتب القومي زاخار بريليبين صرح بأن “كل أوكرانيا أرض روسية”، معبراً عن مخاوفه من أن أي تسوية قد تكون نصف انتصار.

مقامرة بوتين تقترب من النجاح

مع كل هذه التطورات، بدأ المزاج العام في موسكو يميل إلى الاعتقاد بأن بوتين كان محقًا في رهانه على الصبر والمواجهة الطويلة.

وقال أحد رجال الأعمال المقربين من السلطة: “في الماضي، شكك البعض في جدوى هذه الحرب، لكن اليوم، بات واضحًا أن رهان بوتين بدأ يؤتي ثماره.”

ربما يعجبك أيضا