شهدت عملات الأسواق الناشئة أسوأ موجة بيع منذ بدء السياسة النقدية المشددة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي قبل عامين، وذلك مع استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ.
سجل مؤشر العملات في الأسواق الناشئة الصادر عن “جي بي مورغان” تراجعًا بأكثر من 5% خلال الشهرين ونصف الماضيين، وهو ما يضعه على مسار نحو أكبر انخفاض فصلي منذ سبتمبر 2022. وقد امتد هذا الانخفاض ليشمل 23 عملة على الأقل، حيث شهدت هذه العملات تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي.
تداولات ترامب
بدأت موجة صعود الدولار أواخر سبتمبر2024 وسط ما يُعرف بـ”تداولات ترامب”، حيث يترقب المستثمرون فرض رسوم جمركية جديدة واسعة النطاق من قِبل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إلى جانب سياسات مالية توسعية، بحسب صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024.
وأعلن ترامب الشهر الماضي فرض رسوم بنسبة 25% على جميع الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى 10% على البضائع الصينية. ونتيجة لذلك، تراجع البيزو المكسيكي بنسبة 2.1% هذا الربع، بينما هبط اليوان الصيني الخارجي بنسبة 3.7%.
الضغوط تتزايد
العملة الجنوب إفريقية “الراند”، والتي تُعتبر مقياسًا لثقة المستثمرين في الأسواق الناشئة، انخفضت بنسبة 2.4% منذ نهاية سبتمبر. حتى عند احتساب العوائد الناتجة عن الأصول المحلية، لم تحقق سوى العملات المرتبطة بمخاطر عالية، مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني، مكاسب إيجابية.
وأثرت موجة التراجع على تداولات “الكاري تريد”، التي تعتمد على الاقتراض بالعملات ذات الفائدة المنخفضة مثل الدولار أو الين للاستثمار في العملات ذات العوائد المرتفعة. وأفاد بنك “سيتي” أن سلة تداولات “الكاري تريد” في الأسواق الناشئة حققت عائدًا بنسبة 1.5% فقط هذا العام.
أزمات محلية تُعمّق الأزمة
يرى المحللون أن التراجع لم يقتصر على تأثير قوة الدولار، بل زاد الوضع تعقيدًا بسبب أزمات محلية في عدد من الاقتصادات الناشئة.
صرّح تييري ويزمان، محلل العملات العالمية بمؤسسة “ماكواري”، أن الصين تواجه تحديات بسبب تباطؤ الاقتصاد المحلي وتوقعات خفض الفائدة من قِبل البنك المركزي لدعم النمو. وقد انخفضت عوائد السندات الصينية لأجل 10 سنوات إلى أقل من 2%. وهو أدنى مستوى منذ 22 عامًا.
في البرازيل، انخفض الريال إلى مستويات قياسية، متجاوزًا حاجز 6 ريالات للدولار لأول مرة، رغم وعود الحكومة بتوفير توفيرات تبلغ 70 مليار ريال (12 مليار دولار أمريكي). وقال إد الحُسيني، خبير الاستراتيجيات العالمية في مؤسسة كولومبيا ثريدنيدل: “البرازيل تواجه أزمة مالية حقيقية”.
تحديات إضافية
أضاف الحُسيني أن الاقتصاد المكسيكي يعاني من مستويات منخفضة من الإنتاجية والاستثمار، رغم كونه الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة. كما تسببت الإصلاحات القضائية الأخيرة في إثارة القلق بشأن جودة المؤسسات الدستورية.
في كوريا الجنوبية، تعرض الوون لضغوط إضافية بعد إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية، وهو قرار تراجع عنه لاحقًا.
ضغوط على العملات المرتبطة باليورو
أدى ارتفاع الدولار أيضًا إلى تراجع اليورو، ما زاد الضغوط على عملات الأسواق الناشئة المرتبطة به، مثل الزلوتي البولندي والفورنت المجري.
أوضح ويزمان أن ضعف أداء العملات الناشئة أعاد إحياء ظاهرة “لا بديل عن الاستثمار في الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أنه لا توجد حاليًا اقتصادات ناشئة تقدم قصص نجاح قوية. وأضاف: “معظم الاقتصادات الناشئة تعاني من مشاكل داخلية، ونادرًا ما نرى أخبارًا إيجابية من هذه الدول”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2073745