تواصل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تنفيذ خططها الرامية إلى تقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية على نطاق واسع، ما يثير موجة من الغضب بين الموظفين والنقابات، ويؤثر على الخدمات الحكومية الأساسية.
وشملت هذه التخفيضات آلاف الموظفين في مختلف الوكالات، ما يعكس توجهًا سياسيًا يهدف إلى إعادة هيكلة الحكومة الأمريكية وفق رؤية الإدارة.
ترامب
قرارات الفصل الجماعي
حسب مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، وقع ترامب، الثلاثاء 11 فبراير 2025، أمرًا تنفيذيًا يوجه الوزارات والوكالات الفيدرالية إلى إجراء “تخفيضات واسعة النطاق في القوى العاملة”.
ووفقًا صحيفة “يو إس إيه توداي”، ركزت عمليات الفصل الأولية على الموظفين الجدد الذين لا يتمتعون بالحصانة التي يمتلكها الموظفون الأطول خدمة، مما يسهل على الإدارة تنفيذ عمليات الفصل دون مقاومة قانونية كبيرة.
وتشير التقارير إلى أن حوالي 75,000 موظف قبلوا تعويضات إنهاء الخدمة المقدمة من ترامب والملياردير إيلون ماسك، ليصل إجمالي التخفيضات إلى نحو 4% من إجمالي القوى العاملة الفيدرالية، والتي تضم 2.4 مليون شخص، كما تم استهداف حوالي 220,000 موظف “تحت الاختبار” ضمن هذه العملية الواسعة.
تخبط إداري واضح
عكست عمليات الفصل الجماعي حالة من التخبط داخل إدارة ترامب، حيث لجأت الحكومة إلى إعادة بعض الموظفين المفصولين إلى وظائفهم بعد إدراك التأثير السلبي لهذه القرارات، وعلى سبيل المثال، طلبت الإدارة من بعض موظفي إدارة الأمن النووي الوطني، الذين كانوا جزءًا من عمليات التسريح، العودة إلى العمل نظرًا لأهميتهم في ضمان جاهزية الترسانة النووية الأمريكية.
وفي تقرير لقناة “إن بي سي نيوز”، تم الكشف عن أن موظفي وزارة النقل الذين حصلوا على تقييمات أداء “استثنائية” تم فصلهم بدعوى “مشكلات في الأداء”، وهو ما أثار تساؤلات حول معايير الفصل.
توزيع الموظفين الفيدراليين وعمليات الفصل
تنتشر القوى العاملة الفيدرالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث يعمل 80% منهم خارج العاصمة واشنطن، وتضم الولايات الأكثر تأثرًا بهذه التخفيضات كاليفورنيا، وتكساس، وفلوريدا، وجورجيا، وبنسلفانيا، وألاسكا، ونيو مكسيكو، وأوكلاهوما، وأوريجون.
ومن بين الوكالات التي شملتها عمليات الفصل:
- وزارة التعليم
- إدارة الخدمات العامة
- مكتب إدارة شؤون الموظفين
- إدارة الأعمال الصغيرة
- خدمة الغابات الأمريكية
- إدارة شؤون المحاربين القدامى
- إدارة الأمن النووي الوطني
- مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)
ووفقًا لموقع “بوليتيكو”، فإن “خدمة الغابات الأمريكية” فصلت حوالي 3,400 موظف فيدرالي، بينما أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية عن فصل ما يصل إلى 2,300 موظف تحت الاختبار.
ردود الفعل الغاضبة
أثار القرار ردود فعل حادة من قبل النقابات العمالية والمشرعين الديمقراطيين. فقد رفع “الاتحاد الوطني للموظفين الفيدراليين”، الذي يضم 110,000 عضو، دعوى قضائية ضد إدارة ترامب بسبب عمليات الفصل الجماعي.
وانتقد “الاتحاد الأمريكي للموظفين الحكوميين”، الذي يضم 800,000 موظف، البيت الأبيض، معتبرًا أن الإدارة استغلت فترة الاختبار “لإجراء حملة فصل جماعي مدفوعة سياسيًا”.
وفي هذا السياق، قال رئيس الاتحاد، إيفرت كيلي، إن عمليات الفصل “لا تتعلق بالأداء الضعيف، بل بفرض السيطرة السياسية وتدمير الحكومة الفيدرالية، وإسكات العمال، وإجبار الوكالات على الخضوع لأجندة راديكالية تعطي الأولوية للمحسوبية على الكفاءة”.
انتقادات من المشرعين الديمقراطيين
أعرب المشرعون الديمقراطيون عن قلقهم من تأثير قرارات الفصل على الخدمات العامة. وقال السيناتور جون أوسوف من جورجيا إن “عملية الفصل العشوائية لأكثر من 1,000 موظف في مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) تترك الأمريكيين عرضة للأمراض، وتضر بمسارات مهنية لأكثر الأطباء والعلماء موهبة في العالم”.
كما فصلت إدارة شؤون المحاربين القدامى (VA) أكثر من 1,000 موظف فيدرالي، بحجة توفير 98 مليون دولار، علمًا بأن المحاربين القدامى يشكلون حوالي 30% من إجمالي القوى العاملة الفيدرالية.
تغييرات جذرية بعهد ترامب
في ولاية ماريلاند، قاد السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين مظاهرة احتجاجية أمام إدارة شؤون المحاربين القدامى، متهمًا إدارة ترامب بمحاولة “إغلاق خدمات مهمة للشعب الأمريكي لاستخدام الأموال الموفرة في تقديم تخفيضات ضريبية للأثرياء”، مشيرًا إلى دعم إيلون ماسك وغيره من أصحاب المليارات لهذه السياسات.
وتعد عمليات الفصل الجماعي للموظفين الفيدراليين واحدة من أكبر التغييرات التي تشهدها الحكومة الأمريكية في عهد ترامب، حيث تسعى إدارته إلى إعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية وفق رؤية تركز على تقليص الدور الحكومي، ولكن مع تصاعد الغضب من النقابات والمشرعين، تظل التساؤلات قائمة حول تأثير هذه القرارات على الخدمات العامة واستقرار الوظائف في الولايات المتحدة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2134724