ترامب يقترح سيطرة أمريكية على طاقة أوكرانيا.. حماية أم هيمنة؟

بسام عباس
دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي

في محاولة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تتولى بلاده ملكية محطات الطاقة الأوكرانية، بهدف حماية هذه المنشآت من الهجمات الروسية، إذ قد تتجنب موسكو استهدافها خشية التصعيد مع واشنطن، وفقًا لبيان البيت الأبيض.

وخلال مكالمة في 19 مارس، ناقش ترامب وزيلينسكي أوضاع البنية التحتية للطاقة، مشيرًا إلى أن إشراف الولايات المتحدة على محطات الطاقة، خاصة محطة زابوريجيا النووية، سيعزز الاستقرار ويضمن استمرار إمدادات الكهرباء بعيدًا عن تهديدات الهجمات الروسية.

محطة زابوريجيا النووية

ذكرت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية، الأربعاء 19 مارس 2025، أن مكالمة ترامب مع زيلينسكي ركزت بشكل خاص على محطة زابوريجيا النووية، التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2022، وتعتبر هذه المحطة الأكبر في أوروبا وتعد مصدرًا رئيسيًا للكهرباء في أوكرانيا، ما يجعل السيطرة عليها قضية استراتيجية حساسة لكلا الطرفين.

وأعرب زيلينسكي عن انفتاحه على فكرة التعاون مع الولايات المتحدة في تحديث المحطة، بشرط أن تعود إلى سيطرة أوكرانيا. ومع ذلك، فإن استعادة أوكرانيا للسيطرة على المنشأة لا تزال مسألة معقدة، حيث ترفض موسكو أي تنازل بشأن هذه النقطة، مما يجعل اقتراح ترامب يواجه تحديات سياسية وأمنية كبيرة.

من المعادن إلى الطاقة

أوضحت مجلة “أوراسيا ريفيو”، الخميس 20 مارس 2025، أن اقتراح ترامب كان جزءًا من تحول أوسع في استراتيجيات الإدارة الأمريكية تجاه أوكرانيا، ففي السابق، ركزت واشنطن على مشاريع لاستخراج المعادن النادرة في أوكرانيا، لكن الفكرة لم تحقق تقدمًا ملموسًا، ويبدو أن الاهتمام الآن تحول نحو قطاع الطاقة النووية باعتباره أكثر أهمية للاستقرار الأوكراني.

وتسعى الولايات المتحدة إلى زيادة نفوذها في أوكرانيا من خلال الاستثمار في بنيتها التحتية، وهو ما يبرره ترامب بأنه “حماية للأصول الحيوية للبلاد”. لكن هذا التحول يثير تساؤلات حول كيفية تعامل روسيا مع مثل هذا السيناريو، خاصة إذا رأت فيه محاولة أمريكية للسيطرة على قطاع حساس.

تحديات لوجستية

رغم أن فكرة تولي الولايات المتحدة تشغيل محطات الطاقة الأوكرانية قد تبدو جذابة من الناحية النظرية، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يواجه العديد من العقبات، فالتحديات اللوجستية، مثل إعادة تأهيل المحطة بعد تعرضها لأضرار بسبب الحرب، ونقل المعدات اللازمة، قد تتطلب سنوات من العمل والاستثمارات الضخمة.

وسياسيًّا، قد يواجه هذا الاقتراح معارضة داخل أوكرانيا، حيث قد يُنظر إليه على أنه تنازل عن السيادة الوطنية، كما أن موسكو لن تتقبل بسهولة وجودًا أمريكيًّا مباشرًا في قطاع الطاقة الأوكراني، ما قد يزيد من تعقيد المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار.

استمرار هجمات روسيا

قالت المجلة الأمريكية إن الهجمات الروسية على المنشآت الأوكرانية استمرت رغم تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم استهداف البنية التحتية للطاقة، ففي 20 مارس، أعلنت أوكرانيا أنها أسقطت 75 طائرة مسيرة روسية من أصل 171 تم إطلاقها خلال الليل، ما يؤكد أن الصراع لا يزال مستمرًا بوتيرة مكثفة.

وإضافة إلى ذلك، تعرضت مدينة كروبيفنيتسكي بوسط أوكرانيا لهجوم جوي أسفر عن إصابة 10 أشخاص، بينهم 4 أطفال. وتسبب القصف في أضرار كبيرة للمباني السكنية، مما دفع كييف إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية في مواجهة الهجمات المتزايدة.

حل سياسي

وسط استمرار التصعيد العسكري، تتواصل الجهود الدبلوماسية للوصول إلى حل سياسي، ومن المتوقع أن يجتمع مفاوضون أمريكيون مع نظرائهم الأوكرانيين والروس في الأيام المقبلة لمناقشة إمكانية تمديد وقف إطلاق النار الجزئي ليشمل البحر الأسود، في خطوة تهدف إلى تقليل نطاق القتال.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، حيث تصر موسكو على الاحتفاظ بسيطرتها على المناطق التي زعمت ضمها عام 2022، بينما تصر كييف على استعادة سيادتها الكاملة، وهذا التباعد في المواقف يجعل من الصعب تحقيق تقدم سريع في المفاوضات.

مستقبل اقتراح ترامب

يبقى اقتراح ترامب بشأن تولي الولايات المتحدة إدارة محطات الطاقة الأوكرانية قيد الدراسة، لكنه يواجه عقبات تقنية وسياسية كبيرة قد تعيق تنفيذه، وفي ظل استمرار القتال وعدم وجود توافق واضح بين روسيا وأوكرانيا، يبدو أن تحقيق السلام لا يزال بعيد المنال.

ومع استمرار المفاوضات، يبقى السؤال الرئيسي: هل يمكن أن يصبح هذا الاقتراح جزءًا من اتفاق سلام شامل، أم أنه مجرد مبادرة رمزية في ظل النزاع المستمر؟ الأيام القادمة ستحدد مدى جديته وإمكانية تنفيذه.

ربما يعجبك أيضا