تتسارع وتيرة التحولات في الشرق الأوسط، مع اقتراب إيران أكثر من أي وقت مضى من تحقيق قدرات نووية فائقة إذ تؤكد التقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران في مرحلة متقدمة من تطوير برنامجها النووي رغم افتقارها حاليًا للقدرة على إنتاج سلاح نووي.
في هذا السياق، برزت الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن كإشارة مباشرة لطهران، مفادها أن واشنطن مستعدة لاستخدام القوة إذا استمرت إيران في رفض الشروط الأمريكية للتفاوض.
حشد عسكري أمريكي
إلى جانب ذلك، تشهد المنطقة حشدًا عسكريًا أمريكيًا غير مسبوق، حيث تتركز حاملات الطائرات في المحيط الهندي والبحر الأحمر، بينما يتمركز أسطول من القاذفات بعيدة المدى في قاعدة دييغو غارسيا الاستراتيجية بالمحيط الهندي.
من جانبها، تواصل إيران استراتيجيتها القائمة على الردع النفسي، إذ كشفت عن شبكة ضخمة من الأنفاق المخصصة لتخزين الصواريخ الباليستية، وهددت بإغلاق مضيق هرمز والتصعيد في البحر الأحمر. وذلك حسب ما نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية الخميس27 مارس 2025.
تغيير في المعادلة داخل غزة
على صعيد الصراع الفلسطيني، يشير تطور العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى تحول واضح في الاستراتيجية. فبدلًا من الاقتصار على استهداف الأذرع العسكرية لحركة حماس، تركز العمليات هذه المرة على تفكيك الهيكل الإداري للحركة، واستهداف قياداتها السياسية والمدنية.
للمرة الأولى منذ سنوات، شهدت غزة مظاهرات علنية ضد حكم حماس، حيث نظم وجهاء محليون في بيت لاهيا احتجاجًا، طالبوا خلاله بإنهاء سيطرة الحركة على القطاع. وتم الإعلان عن تنظيم مظاهرات مماثلة في بيت حانون، في خطوة تعكس تصاعد الغضب الشعبي، خاصة أن الاحتجاجات تقودها شخصيات من حركة فتح، لكنها تتخذ منحى غير مسبوق في تحدي السلطة القائمة.
“تركيا” البديل السني لإيران
في ظل هذه التغيرات، تبرز تركيا كفاعل إقليمي يسعى لملء الفراغ الذي قد تتركه إيران، ولكن من منظور سني عبر جماعة الإخوان المسلمين. رغم أن أنقرة ليست على رأس أولويات السياسة الأمريكية حاليًا، إلا أن تطور علاقاتها مع واشنطن، وخاصة فيما يتعلق بصفقات السلاح المتقدمة مثل مقاتلات F-35، يتطلب إعادة تقييم إسرائيلية لموقع تركيا في النظام الإقليمي الجديد.
وفي الوقت الراهن، تتصاعد التساؤلات حول مدى قدرة أنقرة على تعزيز نفوذها الإقليمي، في وقت تواجه فيه تحديات داخلية، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياسات الحكومة. ورغم محاولاتها التوسع في إفريقيا والبحر الأحمر، فإن استراتيجيتها في الشرق الأوسط ما زالت غير واضحة المعالم بشكل كامل.
رؤية اقتصادية جديدة
على الصعيد الاقتصادي، بدأت الولايات المتحدة خطوات عملية نحو تنفيذ رؤيتها للشرق الأوسط الجديد، عبر مشروع “الممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي” (IMEC)، الذي يربط الهند بأوروبا مرورًا بالسعودية والأردن.
هذه المبادرة، التي تعكس تحولات جيوسياسية مهمة، قد تعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية للمنطقة، ما يفتح المجال أمام تغيرات استراتيجية تؤثر في موازين القوى الإقليمية.
إسرائيل بين الفرص والتحديات
مع تسارع هذه التحولات، تواجه إسرائيل تحديًا رئيسيًا في كيفية التعامل مع المتغيرات المتسارعة في المنطقة. تصاعد الضغط الداخلي في إيران، التغيرات في غزة، والطموحات التركية المتنامية تشكل عوامل قد تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط سياسيًا واستراتيجيًا لسنوات قادمة.
بالتالي فإن المرحلة الحالية تحمل تداعيات واسعة تتطلب استجابات محسوبة تعكس طبيعة التوازنات الجديدة في المنطقة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2177208