كتبت – حسناء حسن
تغيير الصورة غالبًا يكون تغييرًا لهوية وفكر وأيضًا عملية غسل مخ. تساءلت كثيرًا لماذا كل هذا الصراع علينا؟ ما الذي نمتلكه؟ وإذا كنا مهمين لهذه الدرجة فلماذا لا نعلم ما هي إمكانياتنا؟ فخطرت في ذهني قصة الطفل الذي باع أغلى جوهرة في العالم بقطعة حلوى، فالكنز تسهل سرقته عندما يكون حامله ضعيفًا وجاهلًا بقيمته.
كل هذه السنين المارقة تخفي مؤامرة خبيثة عن “الضعف والجهل”، وهدفها سلب الهوية، فكل شيء يدور حولك من تقلبات وكل شيء كان رد فعلك عليه بسؤال “لماذا؟” و”ما هذا؟” “ومن أين جاء؟” كان الرد علي أسئلتك مختبئًا خلف الكوليس، وهو “محو الهوية”؛ أثمن وأغلى شيء في حياتك وفي الكون كله.
من عروبتك إلى وطنيتك، إلى دينك، إلى إنسانيتك حتى نصل إلى العيش كالبهائم، دون شيء، دون عقل، نُقاد ولا نقود. فبعد أن كنا نقود العالم أصبحنا لا نملك أن نقود أنفسنا، وهذا جاء بعد مراحل عدة من الجد والصبر، ليس منا وإنما من عدوك، فقد كانوا مهرةً في إعطائنا جرعت تنويم ومن بعدها أخرى، وأخرى… حتي صار هذا النوم شللًا وغيبوبة سيطرت على الجسد كله، وكلما أفاق جزء طعنوه بأبشع صور حتى لا يوقظ الجسد كله؛ وبعين مخدرة يرى ويسمع كل ما يحدث ولكنه لا يفعل شيئًا.
حقًّا كانت الخطة محكمة، ولكن الضحية لا تستحق الشفقة، لأنها ترى والعين مرآة العقل حتى وإن كان العقل نائمًا، لأن هذا العقل هو أغلى عقل في هذا الكون؛ نُسخته قادت العالم وانتصرت على ملوك الأرض، وعلمت الإنسانية كيف تفكر، وكيف تعيش، وكيف تعبد الله حق عبادته، ولذالك اختارها الله وأنزل فيها دينه الحق.
أوهمونا بالحرية فاحتلونا
كنا أمة يجمعها الدين الواحد تحت راية واحدة، ولما علموا أن في اتحادنا قوتنا فرقونا، بوهم الحدود وتقسيم العالم وإعادة رسم الخريطة السياسية والحرية، وغيرها، ونحن خلفهم نؤمّن على ما يقولون.
ولما نجحت الخطة ثاروا كالذئب الذي ينفرد بالشاة الشاردة عن القطيع، فاحتلوا كل ما تطوله أيديهم من الأرض التي خرجت عن الإمبراطورية التي أرعبتهم وحطمت أساطيرهم. ولما وجدوا أن يومًا واحدًا كعيد من أعيادنا فقط كفيل أن يجمعنا، بل إن أذانًا واحدًا للصلاة كفيل بأن ترى فيه اجتماع الإمبراطورية من جديد، علموا أن قوتنا في ديننا فراحوا ينسبون إليه الإرهاب وهم صُنّاعه، والرجعية والتخلف وهم زُرّاعهما. فلما استعصى عليهم الدين (وإن تغيرت اللحية والزي الذي أخفوا فيه سُمّهم) رأوا أن هويتنا تكمن في لغتنا (فإن ضاعت اللغة ضاع الدين والهوية) سعوا في كل واد حتى يضعفوا لغتنا العربية، واخترعوا لنا “الفرانكو”، وراحوا يبثون فيها ها ألفاظًا بذيئة، وينشرون في المجتمع ألوانًا من الفنون الهابطة حتى يتعلم أطفالنا هذه الألفاظ ويتحدثوا بها… ومع كل هذا يجبروننا علي تعلم لغتهم، حتى نستطيع إيجاد فرصة عمل مناسبة. أليس هذا احتلالًا من نوع جديد؟
خدعوك بالتحرر
خدعوك بالتحرر من الأخلاق بحجة أنها ضعف. هكذا رسخوه في عقلك الباطن، وزرعوه بداخلنا حتى نصير كالوحوش بلا رحمة، وهذا ما نراه أمامنا كل يوم. فعندما يكون بطل الفيلم العربي لصًّا، وقاتلًا، وكاذبًا… إلى آخر الصفات الدنيئة، يجعلونك متعاطفًا معه بسبب الظروف القاسية التي مر بها. فهل هذا من ديننا؟ أيأمرنا بذلك؟ أم تؤصل عروبتنا فينا تلك الأخلاق الدنيئة؟
وخدعوك أيضًا بالتحرر من اللغة بحجة أنها لا قيمة لها في سوق العمل، حتى تغيب عقولنا فلا نرجع إلى حضارت أجدادنا الذين صنعوا التاريخ ووضعوا أصولًا لكل شيء، فهل تتعلم لغتهم لتضيف شيئًا لنفسك وثقافتك؟ بالطبع لا.
هل تعلم لماذا الخيل العربية من أغلى الأشياء في العالم، وتجارتها من أريح التجارات أيضًا؟ ليس لأنها عربية فحسب، بل لأنها النسخة الأولى للخيل على الأرض كلها، وهي النسخة الأصليه التي لم تدخلها أية شائبة ولم تخضع لأية تجارب تهجين، ولأنها تحافظ على سلالتها ولا تتزوج بالأجناس الغريبة عنها، وإن فعلتْ تكون قد حكمت علي نفسها بالانقراض. هذا في الخيل -الحيوان- فهل فكرت مثله قليلًا لكي لا تجعل نفسك تجربة لتهجين الأفكار.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1599131