تمديد وإنذار.. مجلس الأمن يحلحل أزمة ليبيا المعقدة

محمد النحاس

رحبت الأطراف الليبية ببيان مجلس الأمن، لكن كل طرف ظل متمسكًا برؤيته الخاصة لحل الأزمة المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات


اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخرًا قرارًا بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حيث تم تحديد فترة التمديد بثلاثة أشهر، حتى 31 يناير 2025. 

وجرى الاتفاق بالإجماع على إمكانية تمديد هذه الفترة تلقائيًا لمدة 9 أشهر إضافية، بشرط تعيين مبعوث أممي جديد بحلول التاريخ المذكور، ويأتي القرار في إطار تأكيد شرعية الاتفاق السياسي الليبي وخارطة الطريق الناتجة عن ملتقى جنيف، بالإضافة إلى القوانين الانتخابية المُحدثة من قبل اللجنة المعنية (6+6).

عقوبات ضد مهددي السلام

دعا القرار إلى فرض عقوبات ضد مهددي السلام في ليبيا، مع التأكيد على أهمية الحوار بين الأطراف المختلفة من أجل منع العنف وتصعيد النزاع الذي تعاني منه البلاد.

أما عن ردود الفعل، فقد رحبت الأطراف الليبية ببيان مجلس الأمن، لكن كل طرف ظل متمسكًا برؤيته الخاصة لحل الأزمة المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وفقًا لما نقلت وسائل إعلام ليبية. 

وقد عبر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي عن ارتياحه للقرار، مؤكدًا أنه يمثل خارطة طريق هامة لتحريك العملية السياسية في ليبيا. وفي تصريحاته، أكد المنفي على ضرورة ربط قوانين الانتخابات باستفتاء شعبي يهدف إلى إنهاء الجمود السياسي.

دعوة للحوار والانتخابات

كما أكد المنفي على أهمية استقلالية وشفافية المؤسسة الوطنية للنفط، وضرورة إدارتها تحت إشراف اللجنة المالية العليا المشتركة، بهدف معالجة مشكلة الإنفاق العام ودعم الاقتصاد الليبي.

ومن جانبه يرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، المنتهية ولايتها ضرورة إجراء استفتاء شعبي على القضايا السياسية الخلافية.

دعوة لتقديم تنازلات 

في موازاة ذلك، عبر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن دعمه لقرار مجلس الأمن، مشيرًا إلى أنه يعد بمثابة تأكيد على التزام المجلس بمساندة الشعب الليبي.

ودعا صالح الأطراف الليبية إلى التفاوض وتقديم التنازلات اللازمة من أجل المضي قدمًا نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وهي الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في نهاية عام 2021، ولكنها تأجلت.

وأكد صالح على أهمية دعم مجلس الأمن للعملية السياسية في ليبيا، معربًا عن أمله في تحقيق رغبة الشعب الليبي في اختيار ممثليه بحرية ودون قيود.

انقسام بشأن العملية السياسية

ورغم الترحيب العام من معظم الأطراف، إلا أن هناك انقسامًا واضحًا بشأن تنفيذ العملية السياسية، فمن جانبه دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إلى ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، مشيرًا إلى أهمية التعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق ذلك.

 وأكد المشري أن المجلسين، النواب والدولة، قد قطعوا شوطًا طويلاً عبر إقرار القوانين الانتخابية، ولكنه أعرب عن قلقه من عدم جدية المجتمع الدولي في دعم العملية السياسية.

انتقادات 

في المقابل، أبدى “الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية” تحفظاته على تمديد بعثة الأمم المتحدة، معتبرًا أن القرار يعكس عدم وجود رؤية واضحة لحل الأزمة. 

وأكد أن استمرار هذه الحالة من الترقب وعدم اليقين يؤثر سلبًا على جهود المصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات. ودعا  روسيا، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، إلى تقديم مقترحات عملية وبناءة تسهم في حل الأزمة، مشيرًا إلى أن إدارة الأمم المتحدة للملف الليبي لم تكن بمستوى التطلعات، حيث سادت التسويف والمماطلة دون تحقيق أي تقدم ملموس.

آفاق الانتخابات في ليبيا

كان مجلس الأمن قد دعا الأطراف الليبية إلى ضرورة إجراء الانتخابات على أساس قوانين قابلة للتطبيق، بهدف تشكيل حكومة موحدة قادرة على إدارة البلاد. وأكد أن أي أعمال تهدد الاستقرار أو تعرقل العملية السياسية يجب أن يتم إدراج مرتكبيها في قوائم العقوبات.

وتدير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي تُعرف اختصارًا بـ “أونسميل”، العديد من الأدوار الأساسية مثل الوساطة بين الأطراف الليبية وتنظيم الانتخابات وتأمين النظام وتعزيز سيادة القانون. 

وقد واجهت البعثة صعوبات جمة في تحقيق تقدم ملحوظ خلال السنوات الماضية، حيث استقال عدد من المبعوثين الأمميين بسبب تعقيدات الوضع السياسي وغياب الإرادة السياسية من الأطراف المعنية.

ربما يعجبك أيضا