في خضم الصراع الروسي الأوكراني، يتواجد آلاف الجنود الكوريين الشماليين، الذين أرسلتهم حكومة بيونج يانج، في الخطوط الأمامية الروسية.
ويشارك هؤلاء الجنود، الذين يُعتقد أنهم يتجاوزون 10,000 جندي، بشكل محدود في العمليات العسكرية، ويعتمد وجودهم على تلبية الحاجة الماسة للقوى البشرية في روسيا، خاصةً في منطقة كورسك والتي توغلت فيها قوات أوكرانية قبل أشهر.
البحث عن حياة أفضل
ريو سونج هيون، الذي انشق عن كوريا الشمالية عام 2019، يفهم جيدًا عقلية الجنود الكوريين الشماليين الموجودين في روسيا الآن، وفقًا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
وبصفته جنديًا سابقًا، عاش ريو في بيئة شديدة الصعوبة؛ إذ كان يعمل في مواقع البناء ويتحمل الظروف القاسية في الحراسة الخارجية، وكان طعامه الأساسي عبارة عن أرز مخلوط بالذرة، وكان يعتبر تناول اللحم أمرًا نادرًا لا يتكرر إلا في المناسبات الخاصة، حسب التقرير المنشور 10 نوفمبر 2024.
بالنسبة لريو، لو تم إرساله إلى روسيا، لكان سيرى ذلك بمثابة فرصة لتحسين طعامه وربما الحصول على معاملة أفضل.
التضحية من أجل الزعيم
تفيد بعض التقارير، أن الجنود الكوريون يلقون كمرتزقة أو “وقود حرب” إلا أن محللين عسكريين وبعض الجنود المنشقين يرون أن هؤلاء الجنود يمتلكون دافعًا قويًا لتقديم أرواحهم في سبيل النظام.
هؤلاء الجنود، وفقًا لتقرير وول ستريت جورنال، قد تربوا على التضحية بأرواحهم في سبيل الزعيم كيم جونج أون منذ صغرهم، ما يجعل منهم أداة طيّعة لتنفيذ أوامر النظام، حتى ولو كان ذلك في ساحات قتال بعيدة.
مكاسب مالية مقابل التضحية
يُتوقع أن يحصل الجنود الكوريون الشماليون على أجر شهري يبلغ حوالي 2,000 دولار، وهو مبلغ ضخم مقارنة بمتوسط الدخل في كوريا الشمالية.
وعلى الرغم من أن جزءًا كبيرًا من هذا الأجر سيعود إلى النظام، إلا أن هؤلاء الجنود يرون في هذا المبلغ فرصة لتحسين حياة أسرهم وتحقيق مكانة اجتماعية أفضل عند عودتهم، إذا عادوا، إذ يعد البقاء على قيد الحياة بعد المشاركة في القتال سببًا للترقية والتمجيد الاجتماعي، فيما يحصل من يقتلون على تكريم يرفع من قيمة أسرهم في المجتمع الكوري الشمالي.
ماذا عن تأثير هؤلاء الجنود؟
رغم حجم القوات الكورية الشمالية، التي تضم وحدات من القوات الخاصة، إلا أن هذه التعزيزات تبدو غير كافية لتغيير مسار الحرب لصالح روسيا، بحسب العديد من الخبراء.
وعلى الرغم من التدريبات القاسية، التي مروا فإنهم يفتقرون إلى المعدات الحديثة والخبرات القتالية المتقدمة، ما يجعلهم أقل فاعلية مقارنة بقوات خاصة من دول مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
ويتدرب هؤلاء الجنود غالبًا على المهام غير العسكرية، كالأعمال الزراعية والبناء، ويستخدمون أسلحة بسيطة نسبيًا، ما يقلل من قدراتهم في جبهات قتالية معقدة، حيث يحتاج الجنود لأحدث المعدات وأعلى مستويات التدريب أمام القوات الأوكرانية، التي حظت بتدريب ومعدات من الغرب.
دعوة للتمرد
لي هيون سيونج، منشق آخر عن الجيش الكوري الشمالي، والذي كان عضوًا في وحدة “ستورم كوربس” الخاصة، يذكر أن التدريبات التي خضع لها شملت جلسات يومية من التعبئة الأيديولوجية، حيث يُغرس في الجنود ولاء مطلق لكيم جونج أون، إلى جانب تكرار عبارات تدعوهم للتضحية بأنفسهم في سبيل القائد.
لكن وسط هذه الصرامة، يحاول البعض من المنشقين، مثل سيم جو إيل، أن يقودوا جهودًا لدفع الجنود المنقولين إلى روسيا للتمرد والانشقاق، حيث يعبر سيم، الذي قضى 30 عامًا في الجيش الكوري الشمالي، عن أمله في شق صف الجنود، عبر توزيع منشورات مناهضة للنظام، محاولًا إيصال رسالة مفادها أن التضحية من أجل النظام لا تستحق الموت.
تحديات في جبهة جديدة
رغم ولاء الجنود المطلق للنظام، إلا أن هؤلاء يواجهون تحديات في روسيا، حيث يفتقرون للخبرات الميدانية المناسبة وللغة الروسية، فمعظم التدريبات التي تلقوها اقتصرت على تعلم نحو 100 كلمة روسية بسيطة مثل “أطلق النار” ما قد يعيق تواصلهم في المعركة ويحد من فعاليتهم.
ومن المرجح أن يواجه الجنود الكوريون الشماليون خسائر فادحة في ظل نقص المعدات الحديثة وصعوبة التواصل، كما يواجهون احتمالات مرتفعة للإصابة أو الوفاة، خاصة وأن روسيا لن توفر لهم المعدات المتقدمة أو المتطلبات الاستخبارية اللازمة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2041783