جيمي كارتر.. حياة حافلة ومسيرة سياسية واجتماعية طويلة

محمد النحاس

رجل السلام الذي رفض أن ينتهي دوره بخروجه من البيت الأبيض ولم يكتف بأن يذكره التاريخ على أنّه رئيس أسبق للولايات المتحدة يعيش أيامه الأخيرة.


قرر الرئيس الأمريكي السابق، جيمي كارتر، التوقف عن تلقي الرعاية الصحية بالمستشفى، والانتقال إلى منزله لقضاء “ما تبقى من عمره مع أسرته”.

ويعاني أكبر رئيس أمريكي سابق سنًا على قيد الحياة، من مشكلات صحية خطيرة، بينها السرطان، الذي تفشي بعدة مناطق من جسده، ورغم أنه المنصب لفترة واحدة بين عامي 1977 و1981 لكن خاض حياة سياسية حافلة، وحاز على جائزة نوبل للسلام.

نشأة متواضعة

ولد جيمي كارتر، في 1 أكتوبر لعام 1924. في بلدة بلينز الزراعية الصغيرة، بولاية جورجيا الأمريكية، ونشأ في عائلة متوسطة الحال، وكان والده مزارعًا ويدير بعض الأعمال، في حين كانت والدته ممرضة.

وبعد تخرجه في الأكاديمية البحرية عام 1946، التحق كارتر بالقوات البحرية الأمريكية، وحصل بعد ذلك على الماجستير عن تخصص تكنولوجيا المفاعلات والفيزياء النووية.

download 12

الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

نشاط اجتماعي وسياسي

تقدم كارتر لاحقًا بالاستقالة من وظيفته في البحرية، وعاد إلى بلدته وتزوج روزالين سميث، وأدار شركة زراعية، ومن ثم بدأ نشاطه المجتمعي، حتى فاز بانتخابات مجلس الشيوخ عن جوررجيا في العام 1962.

وفي عام 1971، أصبح حاكم الولاية، بعد أن خسر انتخابات الولاية للمرة الأولى في 1966، ويعد جيمي كارتر ثالث الرؤساء الأطول عمرًا على قيد الحياة.

فوز مفاجئ

في 12 ديسمبر من العام 1974، وأعلن كارتر ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، وبالفعل في عام 1976 فاز بالانتخابات، وأصبح الرئيس 39 للولايات المتحدة.

وأثار هذا الفوز دهشة الكثيرين، إذ لم يكن كارتر معروفًا سوى داخل ولايته جورجيا، ولم يكن مقتنعًا بجميع أفكار الحزب الديمقراطي، بل عرف عنه تشدده الديني، وعلى نقيض الكثير من سياسي الحزب، درس كارتر تعاليم الدين المسيحي، وكان يعظ بالكنيسة من حين لآخر.

دعم وتعزيز الديموقراطية

اتخذ الرئيس كارتر جملة من القرارات الإصلاحية في مجالات التعليم، والطاقة المتجددة، وحماية البيئة، وتحسين المناهج التعليمية، لكن خلال الأشهر الـ15 الأخيرة من ولايته، طفت العديد من الأزمات الاقتصادية، وسيطر القلق المتزايد على الأمريكيين من تصعيد نووي محتمل مع الاتحاد السوفيتي، آنذاك.

وأعاد كارتر إعادة الاهتمام بحقوق الإنسان والحريات وتعزيز الديمقراطية، ما تناسب مع التنافس المحموم مع الاتحاد السوفيتي، في وقت حكمت فيه القطبية الثنائية العالم، فاهتم بالحد من الفقر العالمي، والحدّ من الانتشار النووي بالعالم.

إنجازات مهمة

على صعيد السياسة الخارجية، حقق كارتر جملة من الإنجازات المهمة، وكانت فترة رئاسته في خضم الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وقطع الدعم عن بعض الديكتاتوريات الحاكمة آنذاك بأمريكا اللاتينية، وكان أول رئيس أمريكي يزور القارة الإفريقية.

لكن الأبرز أنه كان وسيطًا في اتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل، محاولاً بذلك وضع حدّ للصراع بين العرب وإسرائيل، ويحسب له كذلك أنه أعاد العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية، وانتقد التدخل العسكري، الذي خاضه الاتحاد السوفيتي في أفغانستان.

أزمات دولية

بعد ما يسمى “الثورة الإسلامية” في إيران، شهدت الولايات المتحدة ما يسمى بـ”أزمة النفط الثانية”، التي أدت لنقص الوقود وتضاعف سعره، إلى جانب واقعة احتجاز الرهائن الأمريكيين بطهران، وعملية مخلب النسر الفاشلة لتحريرهم.

وانخفضت إثر هذه الأزمات المتتالية شعبية كارتر بقدر كبير، وفقد الكثير من مؤيديه، وفي الانتخابات الرئاسية التالية، في العام 1980، خسر، ليغادر البيت الأبيض سريعًا.

نشاط بارز

في عام 1982، صار جيمي كارتر أستاذًا جامعيًّا بارزًا في جامعة إيموري في أتلانتا، وألّف عشرات الكتب، وأسس مركز كارتر المعني بالشؤون السياسية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وشارك الرئيس الأمريكي السابق منذ 1989 إلى عام 2016 في حل مجموعة من النزاعات المحلية بدول مختلفة، مثل إريتريا، والبوسنة، والسودان، وكوريا الشمالية، وغيرها، ما أهّله لحصد جائزة نوبل للسلام عام 2002، لـ “جهوده على مدار عدة عقود في دعم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحل النزاعات بجميع أنحاء العالم، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

ربما يعجبك أيضا