حصاد 2022| «شخصيات في الأخبار».. مهسا أميني أيقونة إيرانية زلزلت الملالي

صحفية إيرانية ترى أن ما حدث لمهسا أميني أمر مخيف لأنه يمكن أن يحدث لأي امرأة ترتدي ما يعرف بـ«الحجاب السيئ».


لم تكن الفتاة الكردية مهسا أميني تتخيل، طوال أعوام حياتها الـ22، أنها ستصبح ذات يوم شرارة احتجاجات تزلزل عرش حكم الملالي في إيران.

في يوم وليلة، تحولت مهسا أميني من فتاة عادية إلى أيقونة، ليصبح موتها على أيدي شرطة الأخلاق، بداية احتجاجات غاضبة تجاوزت 100 يوم ولا تزال مستمرة، على الرغم من كل محاولات القمع التي باءت بالفشل.

مهسا أميني في رحلة عائلية

كانت أميني برفقة أخيها قرب محطة مترو في أثناء رحلة عائلية إلى العاصمة طهران، لكنها أصبحت رحلتها الأخيرة في الحياة.

اعتقلتها دورية شرطة بحجة عدم التزامها بقواعد الثياب المفروضة على النساء. وقال شهود عيان إن عناصر الدورية ضربوها داخل سيارة الشرطة.

من الاحتجاز إلى المستشفى

مهسا أميني

مهسا أميني

جرى نقل أميني من مركز الاحتجاز قسرًا إلى مشفى في طهران، وفق ما أفادت شرطة العاصمة.

وانتشرت أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي بأن شرطة الإرشاد (الأخلاق) اعتقلت شابة اسمها مهسا أميني، وبعد ساعتين نقلتها “شبه ميتة” إلى مشفى، وقيل إنها دخلت في غيبوبة بعدها. ثم جاء إعلان خبر وفاتها في 16 سبتمبر 2022، بعد يومين من اعتقالها.

تعرضها للضرب

لا نعرف كثيرًا عن أميني المولودة في مدينة سقز شمال غربي إيران، التي كانت على وشك أن تبدأ دراستها في جامعة أرومية.

أقوال شقيقها الذي كان برفقتها يوم اعتقالها، وأقوال بعض النساء اللواتي احتجزن معها، أفادت بتعرض أميني للضرب والتعذيب، بعد مقاومتها للشتائم والإهانات من عناصر شرطة الأخلاق.

وفي المقابل، نفت الشرطة ضربها، وبررت وفاتها بتعرضها لـ”قصور مفاجئ في القلب” في أثناء انتظارها مع نساء أخريات في المركز، حتى يجري “تهذيبها/تثقيفها بخصوص قواعد الحجاب”.

تقارير كاذبة

تقارير الشرطة عن تعرض مهسا أميني لقصور بالقلب، نفى والدها صحتها، قائلًا إن مهسا كانت “تتمتع بلياقة بدنية جيدة، ولم تكن تعاني من مشكلات صحية”.

ووصف والدها التقرير الأولي وتقرير الحرس الثوري بـ”الكاذب”، موضحًا أن السلطات غطَت وجهها وجسدها، وأنه وبقية أفراد العائلة شاهدوا جزءًا من ساقها فحسب، وكانت به كدمات واضحة، فضلًا عن أن لقطات كاميرات المراقبة التي عرضتها السلطات لما حدث خضعت للمونتاج.

ساعتان فاصلتان

قال شقيق الفتاة إنه في الساعتين الفاصلتين بين اعتقال شقيقته ونقلها إلى المستشفى، لم يعرف أحد ماذا حدث لها، موضحًا أن أجزاء عديدة من جسدها كانت مصابة بكدمات وملطخة بالدم.

“محض أكاذيب” هو الوصف الذي أطلقه عمها على تقارير الشرطة، مشددًا على أن ابنة أخيه كانت في صحة جيدة تمامًا وأنها عندما قاومت الاعتقال استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع.

وأظهرت رسالة من رئيس هيئة مدينة بندر عباس الطبية، أن “النزيف من الأذن والكدمات تحت عينيها لا يتفقان مع أعراض نوبة قلبية”.

أمر مخيف

222070Image1

مهسا أميني

ما حدث لأميني هو “أمر مخيف لأنه يمكن أن يحدث لأي امرأة.. لأي امرأة ترتدي ما يعرف بالحجاب السيئ. أو (باد حجاب) مثلما يعرف محليًّا”، حسب ما تقول الصحفية الإيرانية المختصة بشؤون المرأة، فاراناك أميدي.

وأشارت أميدي إلى أن السلطات الإيرانية استخدمت مصطلح “الحجاب السيئ” لاعتقال أي امرأة لا تظهر في المجال العام على الهيئة التي حددتها السلطة للمرأة الإيرانية.

احتجاجات واسعة

اندلعت سلسلة من الاحتجاجات في إيران بعد مقتل أميني، وتصاعدت حدتها مع توالي الأيام، ورفع المحتجون شعار “المرأة، الحياة، الحرية”. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في غالبية المدن التي طالتها التظاهرات.

وحظيت الاحتجاجات بدعم مدني دولي، وخرج المتظاهرون في العديد من المدن الأوروبية والأمريكية تعبيرًا عن دعم الشعب الإيراني، وإدانة لجرائم طهران بحق النساء.

موتها مزق قلبي

في محاولة لتهدئة الأوضاع داخل البلاد، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن وفاة الشابة مهسا أميني في احتجاز الشرطة “أحزنت” الجميع في إيران.

وخرج المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، عن صمته قائلًا إن “حادثة وفاة مهسا أميني مزقت قلبي بشدة”، واصفًا وفاتها بـ”الحادثة المريرة”.

مؤامرة غربية

لم تخمد نيران الاحتجاجات بل ازدادت، ولم تكفِ عبارات الأسف التي أعلنتها أعلى القيادات الإيرانية، لوقف غضب المحتجين الذين هتفوا بـ”الموت لخامنئي”، بل سقط عشرات القتلى بين صفوف المتظاهرين وقوات الأمن.

واعتبر خامنئي ما يحدث في البلاد “مؤامرة غربية” لإسقاط النظام، ووصف المحتجين بمثيري الشغب والعملاء، وتوعدهم بدفع الثمن. وفي الوقت ذاته، أشاد بقوات “الباسيج” قائلًا إنهم “ضحوا بأنفسهم في أحداث الشغب”. وتوالت أحكام الإعدام والسجن المشدد لسنوات طويلة على المتظاهرين الإيرانيين.

حراك المطرودين

وصف عالم الاجتماع الإيراني البارز، عماد أفروغ، المظاهرات الراهنة بأنها “حراك المطرودين” على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.

واعتبر المحللون أن هذه الاحتجاجات أجرأ تحدٍّ للنظام منذ ثورة 1979، وقد واجهها النظام بالعنف والقمع ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات، وبحملة اعتقالات طالت الآلاف، وأحكام بالإعدام نفذت طهران منها اثنين حتى الآن، ما أثار موجة إدانات غربية وحقوقية.

100 متظاهر يواجهون خطر الإعدام

ارتفع عدد قتلى المظاهرات المستمرة في البلاد منذ أكثر من 3 شهور إلى 476 قتيلًا، وفق ما أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، موضحة أن من بين ضحايا المظاهرات الذين قتلتهم قوات الأمن في إيران 64 طفلًا و34 امرأة.

وأشارت “حقوق الإنسان الإيرانية” إلى أن ما لا يقل عن 100 متظاهر يواجهون حاليًّا خطر الإعدام أو اتهامات تفضي إلى هذه العقوبة. ومن جانبها، أدانت منظمة العفو الدولية ارتفاع عدد القتلى، ووصفته بأنه “مؤشر مقلق على مدى قسوة هجوم السلطات على حياة البشر”.

ربما يعجبك أيضا

العربية English