عندما تولى بنيامين نتنياهو منصب رئيس الوزراء قبل عامين، كانت إسرائيل تتمتع باستقرار نسبي في عدة مجالات حيوية.
إلا أن حكومته التي لا تزال قائمة قد جلبت معها موجة من التدهور في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية، مما دفع العديد من المواطنين والجهات الدولية إلى التنديد بسياساتها، وبعد مرور عامين من حكم هذه الحكومة، يمكن القول إن تأثيراتها على البلاد كانت كارثية ومشابهة لتفجير داخلي ضخم خلف آثارًا عميقة في كل القطاعات.
التدهور الاقتصادي
قبل تولي حكومة نتنياهو السلطة، كان الاقتصاد الإسرائيلي في حالة نمو ملحوظ، حيث شهدت إسرائيل معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، مع انخفاض ملحوظ في البطالة، بينما فشلت الحكومة الحالية في الحفاظ على هذه المكاسب الاقتصادية، بل وأسهمت في تدهور الوضع المالي.
ووفق ما نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، اليوم الجمعة 27 ديسمبر 2024، فرضت حكومة نتنياهو سياسات تقشفية قاسية شملت تقليص ميزانية الرعاية الاجتماعية، والتعليم، والبحوث العلمية، مما أدى إلى تأثر القطاعات الحيوية التي كانت قد حققت تقدمًاً ملحوظًا.
علاوة على ذلك، كانت الحكومة تتبنى سياسات ضريبية غير عادلة، حيث زادت الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة، بينما استفادت الشركات الكبرى من إعفاءات ضريبية ضخمة، هذا التصعيد في الأعباء المالية زاد من مُعاناة المواطنين، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، مما جعل الاقتصاد الإسرائيلي يشهد تباطؤًا في معدلات النمو.
الأزمة الأمنية
فيما يتعلق بالجانب الأمني، كان الوضع في إسرائيل يتسم بقدر من الاستقرار قبل أن تتولى حكومة نتنياهو السلطة، ورغم التهديدات المستمرة من حركات المقاومة في قطاع غزة، إلا أن إسرائيل كانت قادرة على التعامل معها بفعالية، لكن الحكومة الحالية أظهرت عدم استعدادها للتعامل مع هذه القضايا بشكل حاسم.
ومع تصاعد الهجمات من غزة على المدن الإسرائيلية، لم تتمكن الحكومة من اتخاذ خطوات عملية وفعالة لتهدئة الوضع، مما أدى إلى تصعيد المواجهات الأمنية بشكل خطير.
كما فشلت الحكومة في تعزيز الجبهة الداخلية عبر تحسين استعدادات الدفاع المدني، حيث تعرضت العديد من المدن الإسرائيلية لقصف صواريخ، وتعرض المدنيون للتهديد بشكل أكبر من أي وقت مضى، إضافة إلى ذلك، كان هناك تصاعد في الهجمات الفردية بالضفة الغربية والقدس، مما أدى إلى زيادة معاناة الإسرائيليين وزيادة مستويات الخوف بين المواطنين.
أزمة قضائية
أما على الصعيد السياسي، شهدت إسرائيل في ظل حكومة نتنياهو انقسامات حادة في المجتمع، وساهمت السياسات التمييزية في تأجيج الصراع الداخلي، مما أدى إلى احتجاجات واسعة، وأبرز تلك السياسات كانت محاولة تغيير النظام القضائي في البلاد، والتي استهدفت تقليص صلاحيات المحكمة العليا وتعزيز سلطات الحكومة في تعيين القضاة.
وقد أثار ذلك موجة من الاحتجاجات الشعبية التي عكست القلق الكبير في الشارع الإسرائيلي من فقدان استقلالية القضاء وتهديد الحقوق الأساسية للمواطنين.
انهيار الوحدة السياسية
كما أن الحكومة لم تكن قادرة على تعزيز الوحدة السياسية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بل استمرت في سياسة الاستقطاب الحاد التي عمّقت الفجوات بين مختلف الفئات في المجتمع.
هذا التدهور في الحياة السياسية أدى إلى انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة، وخلق حالة من الاحتقان السياسي الذي قد يترك آثارًا دائمة على استقرار الدولة.
الفساد السياسي
سادت أيضًا حالة من الفساد في الحكومة، حيث تعرضت للعديد من القضايا المتعلقة بالفساد السياسي، بما في ذلك محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نفسه بتهم فساد.
هذا المناخ الفاسد خلق جوًا من التشكك لدى المواطنين في قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الوطنية المهمة بعيدًا عن المصالح الشخصية، إن استمرار هذه القضايا أمام القضاء كان له تأثير كبير على صورة إسرائيل في العالم، حيث تساءل المجتمع الدولي عن مصداقية الحكومة الإسرائيلية في الحفاظ على العدالة.
التدهور الاجتماعي
في إطار التدهور الاجتماعي، زادت الضغوط على الطبقات المتوسطة والفقيرة في إسرائيل، إذ شهدت هذه الفئات انخفاضًا كبيرًا في مستوى حياتها بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وتقلص البرامج الحكومية التي كانت تهدف إلى دعم هذه الطبقات، كما أن إلغاء دعم الخدمات الصحية والتعليمية أثر بشكل كبير على مستوى جودة الحياة، مما جعل الحياة أكثر صعوبة للمواطنين العاديين.
وفي المقابل، لم يكن هناك أي تغيير في السياسات التي تدعم الأغنياء والشركات الكبرى، مما زاد من فجوة الفقر في المجتمع الإسرائيلي، هذه السياسات لم تقتصر فقط على الضرائب، بل شملت أيضًا تقلص في الميزانيات المُخصصة لقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم.
العزلة الدولية
أما على الصعيد الدولي، شهدت إسرائيل تدهورًا في علاقاتها مع الحلفاء التقليديين، خاصة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سياسة حكومة نتنياهو المُثيرة للجدل، تراجع الدعم الدولي لإسرائيل، بينما تم إدانة العديد من قرارات الحكومة في محافل الأمم المتحدة.
كما أن العديد من الدول الأوروبية أعلنت عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ما زاد من عزلة إسرائيل في الساحة الدولية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2088663