حليف غير موثوق.. إلى أين تتجه العلاقات الروسية الأرمينية؟

محمد النحاس

تأتي "مغازلة" أرمينيا لشركاء دوليين جدد بسبب إحباطها من عدم المقدرة أو غياب الرغبة لدى روسيا، للدفاع عنها ضد ما اعتبرته "عدوان" أذربيجان المجاورة لها.


أثار وصول جنود أمريكيين للمشاركة في مناورة تدريبية لقوات حفظ السلام بأرمينيا، غضب روسيا التي ظلت لعقود الضامن الأمني ​​الوحيد لأرمينيا.

ويشارك في مناورة “الشريك النسر” التي تستمر 10 أيام، والتي بدأت اليوم الاثنين 18 سبتمبر 2023، 85 جنديًّا أمريكيًّا و175 جنديًّا أرمنيًّا وتهدف إلى إعداد القوات الأرمينية للمشاركة في مهام حفظ السلام الدولية.. فأين تتجه العلاقات الروسية الآرمينية؟.

تصرفات غير ودية

على الرغم من محدودية هذه التدريبات، فقد اعتبرتها الخارجية الروسية تأتي ضمن “سلسلة من التصرفات غير الودية” والتي اتخذتها الجمهورية السوفيتية السابقة، حليفة موسكو سياسيًّا وعسكريًّا لسنوات طويلة والتي كانت ينظر إليها بمثابة “فناء خلفي” لروسيا.. فما أبعاد ذلك؟ وهل زهد الأرمن في علاقاتهم مع الروس؟ وما علاقة ذلك بالنزاع بين أرمينا وأذربيجان عام 2020؟

مؤخرًا، أمدت أرمينيا أوكرانيا بمساعدات إنسانية للمرة الأولى، ومن المقرر أن يصدق برلمانها على نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية ما يعني أنها ستكون ملزمة قانونيًّا باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حال وطأت قدميه البلاد، وفق ما ذكر تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية الإخبارية، اليوم الأحد 17 سبتمبر 2023.

مغازلة أرمينية لشركاء جدد

حسب التقرير، جاءت “مغازلة” أرمينيا لشركاء دوليين جدد بسبب إحباطها من عدم المقدرة أو غياب الرغبة لدى روسيا، للدفاع عنها ضد ما اعتبرته “عدوان” أذربيجان المجاورة لها، وهو ما أثار تساؤلات جادة بشأن قدرة روسيا على الاحتفاظ بهيمنتها على البلدان السوفيتية سابقًا، وإدارة صراعتها، مثلما فعلت دائمًا.

في وقت سابق من الشهر الجاري، قال الرئيس الأرميني نيكول باشينيان، لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية إن بلاده بدأت تتجرع الحصاد المر للـ “الخطأ الاستراتيجي” المتمثل في إعطاء روسيا المسؤولية شبه الحصرية للدفاع عن بلاده.

وأردف باشينيان: “إن البنية الأمنية لأرمينيا لطالما كانت مرتبطة بروسيا بنسبة 99.999%”، مستدركًا “لكننا نرى اليوم أن روسيا نفسها بحاجة إلى الأسلحة.. وحتى لو كانت ترغب في ذلك (مساعدة أرمينيا عسكريًّا)، فإن الاتحاد الروسي لا يستطيع تلبية احتياجات أرمينيا”.

الصراع مع أذربيجان

منذ وصول باشينيان إلى السلطة في عام 2018 على خلفية “الثورة المخملية” في أرمينيا وهي موجة غضب ضد الفساد والمحسوبية والتي كانت متفشية في البلد السوفيتي السابق واجهت البلاد توترات متزايدة مع أذربيجان، وفي آخر صدام عام 2020 في نزاع البلدين المستمر منذ عقود (وقعت صدامات محدودة في السنوات التالية)، وحققت أذربيجان نجاح لافت ومالت لصالحها الكفة العسكرية.

واستولت أذربيجان على ثلث أراضي ناجورنو كاراباخ، وساعدت روسيا في مفاوضات إنهاء القتال الذي دام 44 يومًا، وجرى نشر 2000 جندي روسي من قوات حفظ السلام، لكن الروس لم يمنعوا أذربيجان من إنشاء نقطة تفتيش عسكرية على طول ممر لاتشين وهو طريق جبلي يربط بين أرمينيا ومناطق سيطرتها في ناجورنو كاراباخ.

اقرأ أيضًا| أرمينيا: الاعتماد الأمني الكامل على روسيا خطأ استراتيجي

أما في ما يتعلق بمناورات “الشريك النسر”، رأت المدير التنفيذي لمركز السلام للدراسات الاستراتيجية، إليان بطرس، في حديث لها مع “شبكة رؤية الإخبارية” أن الولايات المتحدة ترغب، بهذه التدريبات أن ترسل رسالة مفادها بأن لها مصالح في هذه المنطقة، ومن ثمّ فلا ترغب أن يخرج أي نزاع عن السيطرة.

أرمينيا والسنوات الضائعة

تنقل “سي إن إن” عن أستاذ السياسة الخارجية في الجامعة الأمريكية في أرمينيا، فاهرام تير ماتفوسيان، قوله: “لقد أمضيت أرمينيا 30 عامًا.. بل أود أن أقول 200 عامًا من تاريخها الحديث في الاعتقاد بأنه عندما يحين الوقت وتنشأ الحاجة فإن الروس سيهبون للمساعدة، وسيفون بالتزاماتهم تجاهنا”.

اقرأ أيضًا| أرمينيا تتهم أذربيجان بممارسة التطهير العرقي

واستدرك ماتفوسيان بأن ذلك لم يحدث سواءً في أي “عدوان أجنبي” كان في عام 2020، أو 2021 أو 2022، مردفًا: “فشلت روسيا في الوفاء بوعودها بتأمين ممر لاتشين.. فشلت روسيا في تسليم الأسلحة التي اشترتها أرمينيا من روسيا، وفشلت في الحد من سلوك أذربيجان التوسعي والعدواني ضد أرمينيا” على حد تعبيره.

ربما يعجبك أيضا