حوار خاص| خبير عسكري: إسرائيل لن تلتزم بوقف الحرب في لبنان

عمر رأفت
حوار| خيبر عسكري: إسرائيل لن تلتزم بوقف إطلاق النار في لبنان

يرى العميد اللبناني المتقاعد والخبير في الشأن العسكري، أندريه أبو مشعر، أن إسرائيل لن تلتزم بالاتفاقية الموقعة لوقف إطلاق النار في لبنان.

وقال أبو مشعر، في حواره مع “شبكة رؤية الإخبارية”، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه قد منح إسرائيل حرية الحركة، لكنه أضاف أن هذا الادعاء غير صحيح وغير دقيق، موضحًا أنه لا ينبغي للطرف اللبناني أن يقبل بفكرة أن لإسرائيل الحق في التصرف بحرية استباقية، خاصة إذا تبين لها أن هناك أمرًا غير طبيعي يحدث، وإلى نص الحوار.

WhatsApp Image 2024 12 02 at 5.27.33 PM

بداية.. كيف ترى الوضع الحالي في لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار؟

الوضع الحالي هو أفضل بكثير مما كان عليه قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار، إنما لا يزال الموقف هشًا، وقد يفضي في أي لحظة إلى تدهور الأمور خارج القواعد التي نصت عليها الاتفاقية، وذلك بسبب خرق إسرائيل بنود الاتفاق وإطلاق النار وتسيير مُسيّرات وقتل المدنيين، والتمدد في مناطق لم يجزها الاتفاق، وإرساء قواعد لم يجزها الاتفاق.

ويمكن القول إن الوضع أفضل بكثير، وهذا ما ينشده كل اللبنانيين، والذهاب الى خفض التصعيد ووقف اطلاق النار، وإرساء حل مستدام للصراع العربي الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي.

كيف ساهم المجتمع الدولي في الضغط لتحقيق هذا الاتفاق؟

ساهم المجتمع الدولي بشكل كبير في الضغط لتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المعنية، حيث لعبت عدة دول وأطراف دورًا في هذا السياق. من أبرز هذه الدول كانت فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان للجهود الأمريكية دور بارز في التوصل إلى هذا الاتفاق، خاصة في سياق الحد من التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لها، خاصة في ضوء التوترات المتزايدة في الجبهة الشرقية من أوكرانيا، فالولايات المتحدة لم ترغب في تشتيت جهودها عبر جبهتين، بل فضلت أن تكون الأوضاع في الشرق الأوسط أقل تصعيدًا لتتفرغ لأزمة أوكرانيا، التي تستدعي تركيزًا أكبر.

أما بالنسبة لـ إيران، فقد كان لها دور في تسهيل الاتفاق أيضًا، حيث ساهمت في إقناع حزب الله بقبول وقف إطلاق النار، وهو ما أضاف وزنًا كبيرًا لجهود الوصول إلى تسوية. كذلك، كان روسيا طرفًا مهمًا في هذا الإطار، حيث قدمت ضمانات تتعلق بموضوع تهريب الأسلحة عبر سوريا، وهو ما ساعد في دفع الأطراف نحو تسوية.

في المجمل، يمكن القول أن التعاون بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، بالإضافة إلى الضغط الإقليمي من الأطراف المعنية كإيران وروسيا، قد ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الاتفاق الذي يهدف إلى تخفيف التصعيد في المنطقة.

هل ستلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار

الواقع يشير إلى أن إسرائيل قد تكون غير ملتزمة في العديد من الحالات بالقرارات الدولية التي صدرت في الماضي، وهو ما يطرح تساؤلات حول جدوى الاتفاقات الحالية. إسرائيل، بحسب العديد من المراقبين، قد تسعى دائمًا إلى خرق القوانين الدولية أو التملص من الالتزامات التي تتخذها في إطار الاتفاقات الدولية. وفي السياق الحالي، يبدو أن هناك صعوبة كبيرة في استكمال تنفيذ هذا الاتفاق، خصوصًا إذا استمرت إسرائيل في عدم التزامها.

يشير التحليل إلى أن أحد العناصر الرئيسية في هذا الإطار هو الشق اللبناني، الذي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. هذا الانسحاب يتطلب احترام السيادة اللبنانية، وعدم التعدي على حدود لبنان البرية والبحرية والجوية، وأي خرق لهذه المبادئ من قبل إسرائيل سيؤدي إلى عرقلة التنفيذ الكامل للاتفاق، ويجعل من الصعب جدًا ضمان استمرار السلام والاستقرار في المنطقة.

كيف يؤثر وقف إطلاق النار على الوضع العسكري في جنوب لبنان؟

يشهد الوضع الحالي هدوءًا نسبيًا، مع وقف لمعظم العمليات القتالية التي كانت سائدة في الفترة السابقة، ما يجعل الوضع أفضل بكثير مقارنة بما كان عليه قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ومع ذلك، يبقى استمراره مرهونًا بالتزام إسرائيل ببنود الاتفاق، وامتناعها عن خرقه.

أما بالنسبة للادعاءات التي تروجها إسرائيل أو البعض من أطراف أخرى بأن الاتفاق منحها “حرية الحركة”، فهذا ادعاء غير دقيق وغير صحيح، ولا يجوز للطرف اللبناني قبول أن تمتلك إسرائيل الحق في التحرك الاستباقي إذا اعتقدت بوجود تهديدات، خاصة في حال كانت هذه التهديدات غير مؤكدة، وينبغي معالجة هذه النقطة بشكل جدي قبل أن يتم إرساء قواعد اشتباك جديدة قد تؤدي إلى الإضرار بالاتفاق برمته.

وبغض النظر عن هذه النقاط الخلافية، فإن وقف إطلاق النار قد ساهم بشكل فعّال في التهدئة العامة، وتقليص التصعيد، ووقف العمليات القتالية في المنطقة.

كيف تؤثر الأزمات الاقتصادية والمالية على الاستقرار السياسي في لبنان؟

لبنان يواجه أزمة اقتصادية خانقة تعود جذورها إلى بداية الحرب في غزة، وتفاقمت هذه الأزمة مع الانهيار المالي الكبير، الذي تزايدت تداعياته نتيجة للدمار الذي خلفته الأحداث الأخيرة، بالإضافة إلى كلفة إعادة الإعمار، وتحتاج الحكومة اللبنانية إلى تخصيص ميزانيات كبيرة للتعويض عن الضحايا وبدء إعادة بناء البنية التحتية، مما يزيد من تعقيد الوضع.

لبنان اليوم بحاجة ماسة إلى خطة إصلاح اقتصادي شاملة، تواكبها مرحلة من إعادة الإعمار والتعافي، مع دعم من الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع الدولي ،وبدون هذا الدعم والتعاون، سيكون لبنان غير قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تلوح في الأفق، ما قد يؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة تهدد استقرار الوضع الراهن ووقف إطلاق النار.

من ناحية أخرى، إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في التدهور، فإن الأمن في لبنان سيكون في خطر، إذ يصعب ضبط الوضع الأمني في حال انهيار البنية الاقتصادية، وعندما يسوء الأمن، فإن كل شيء يصبح مهددًا، بما في ذلك اتفاقيات وقف إطلاق النار، أيضًا، لا يمكن إغفال تداعيات الأحداث في سوريا، خاصة في حلب، وما قد يترتب عليها من تأثيرات على الوضع في لبنان، إذ قد تمتد هذه الحوادث إلى الأراضي اللبنانية، ولهذا، تظل مسألة جهوزية القوى الأمنية في لبنان أمرًا حيويًا لضمان عدم تمدد هذه التأثيرات على الأمن الداخلي.

كيف يتعامل لبنان مع الضغوط الدولية في ظل الأزمات المتعددة؟

في الوقت الحالي، لا يمكن الجزم بوجود طرف منتصر وآخر مهزوم، إذ أن الظروف لا تزال غير واضحة للحكم على النتائج بشكل قاطع. يتطلب الوضع الحالي فترة زمنية تتيح للبنان فرصة استعادة سيادته الكاملة وبسط نفوذه على جميع أراضيه.

في المقابل، يُنتظر من إسرائيل الالتزام الكامل بالتعهدات المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل الانسحاب من الأراضي اللبنانية وفقًا للقرارات الدولية، هذا الالتزام يعتبر شرطًا أساسيًا لتحقيق تهدئة طويلة الأمد وضمان استقرار المنطقة.

من جانبها، تقع على عاتق الدولة اللبنانية مسؤولية اتخاذ قرارات حاسمة تعزز من مكانتها. ويبرز دور الجيش اللبناني كقوة وطنية وحيدة قادرة على فرض سيادة الدولة بشكل فعّال على كافة أراضيها، ما يساهم في بناء مستقبل مستقر وآمن للبنان في ظل المعطيات الراهنة.

هل هناك أي جهود لتشكيل حكومة جديدة بعد الشغور الرئاسي في لبنان؟

فيما يتعلق بالشغور الرئاسي وتشكيل الحكومة، يشمل الإطار الدستوري اللبناني الخطوات التالية:

أولاً، يتم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب اللبناني. في هذا السياق، دعا رئيس مجلس النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية بتاريخ التاسع من يناير 2025. بمجرد انتخاب الرئيس الجديد، يؤدي القسم الدستوري كما ينص عليه الدستور اللبناني.

ثانياً، بعد أداء القسم، يباشر رئيس الجمهورية بالإجراءات اللازمة لدعوة الكتل النيابية إلى استشارات نيابية ملزمة. تُجرى هذه الاستشارات لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة.

ثالثاً، بعد انتهاء الاستشارات، يُصدر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف مرسوماً مشتركاً يقضي بتشكيل الحكومة، وذلك بعد التوافق على أعضائها وبرنامجها.

تمثل هذه الخطوات الإطار الدستوري الضروري لضمان استمرار عمل المؤسسات الدستورية وتفادي أي فراغ في السلطة التنفيذية.

ربما يعجبك أيضا