إسرائيل تعتمد حاليًا على دعم أمريكي مفتوح على مصراعيه، لتغيير خارطة الشرق الأوسط كله.
قبل أن تحل ذكرى مرور عام على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر 2023، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عبر جهود عسكرية إلى استعادة الوضع في إسرائيل والمنطقة إلى لحظة ما قبل تلك العملية.
وفي مقابل الجهود الإسرائيلية على المستوى العسكري، يصر الخطاب الإيراني الرسمي، على توجيه رسالة صريحة إلى تل أبيب مفادها “المعادلات الاستراتيجية في المنطقة قد تغيرت لصالح فلسطين وشعبها وفصائل المقاومة بعد طوفان الأقصى، والصهيونية لن تعود إلى ما قبل طوفان الأقصى”.
عكس الرواية
الوحشية التي تعاملت بها إسرائيل مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، سلطت الضوء على القضية الفلسطينية، ما أدى إلى ظهور حركة دولية تطالب بمناصرة الشعب الفلسطيني، وبات هناك تحالف دولي عربي وإسلامي وغربي يطالب بالاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية، لفرض على إسرائيل أمرًا واقعًا، حيث لطالما تهربت من الحق الفلسطيني.
وفي تصريحات خاصة لشبكة رؤية الإخبارية، يشير الخبير الأكاديمي في الشأن الإسرائيلي، الدكتور محمد عبد الدايم، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عمل طوال الوقت بشكل مكثف لمد الحرب والوصول بها إلى ما بعد الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، بل وصولًا إلى الانتخابات الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل.
ويوضح الخبير الأكاديمي، أن هدف إسرائيل من ذلك، هو عكس الوضع العالمي على مستوى الدعاية والتعاطف، حيث تدفع إسرائيل لاستغلال مرور عام على الحرب، في تفعيل “بروباجاندا” إعلامية كبيرة، لكسب تعاطف وتضامن عالمي، يغطي على جرائم الحرب التي ارتكبتها على مدار العام.
ما قبل طوفان الأقصى
يبدو أن طول العمليات العسكرية الإسرائيلية يتعلق بمحاولة إسرائيل استعادة نظرية الردع عبر وحشية الضربات التي تنفذها طائراتها الحربية على الجبهات كافة، وهدفها الوصول إلى استعادة لحظة ما قبل عملية طوفان الأقصى، حيث لا تريد إسرائيل وجود أية قوى عسكرية محيطة تضعها تحت ضغط أمني مستمر، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى إلى معالجة خسارته السياسية وفشله منذ اندلاع عملية حماس.
ويعلق عبد الدايم، أن إسرائيل تركز على ذلك الهدف من خلال استمرار جيشها في حربه ضد الفلسطينيين بغزة، ودون تراجع عن محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وكذلك العمل على تسويف أية فرصة ممكنة لوقوع هدنة أو صفقة تبادل.
ويضيف الخبير الإسرائيلي، أن نتنياهو من خلال تركيزه على الجبهة الشمالية، قد اكتسب دعمًا قويًا، غطى به على المعارضة الداخلية لاستمرار الحرب وكذلك المطالب باستقالته. خاصة بعد عملية تصفية الأمين لحزب الله، حسن نصر الله وقادة الحزب الموالي لإيران، بما شل حزب الله، وقبل ذلك القيام بتوجيه ضربات استباقية لإيران، لإظهار قوة الردع وكسر شوكة المقاومة الفلسطينية ممثلة في اغتيال رئيس مكتب حماس، إسماعيل هنية، خلال تواجده في طهران.
الاتفاق الإبراهيمي
أيضًا تسعى إسرائيل إلى استعادة وضع ما قبل طوفان الأقصى على المستوى الإقليمي، خاصة أن “الاتفاق الإبراهيمي”، يدخل في إطار الأمن الإسرائيلي بتحقيق علاقات اقتصادية وأمنية مع دول الجوار، بهدف تحقيق السلام الإقليمي، وهو ما تعطل نسبيًا بسبب التورط في مواجهة عسكرية رمادية مع إيران.
وحول هذه المسألة، يقول الأكاديمي المصري، محمد عبد الدايم، إن إسرائيل تستعد لتوسيع الحرب بعد ذكرى طوفان الأقصى، لتشمل أهدافًا إيرانية في قلب طهران، وكذلك ضربات ضد الحوثي في اليمن، وقوات الحشد الشعبي في العراق، بالإضافة لاستمرار قصف أهداف إيرانية داخل سوريا، مشيرًا إلى أن المجال مفتوح أمام بيبي (لقب نتنياهو) وجيش إسرائيل. على الأقل حتى ما بعد إعلان الرئيس الجديد للولايات المتحدة.
ويستنتج عبد الدايم، أن ذكرى طوفان الأقصى، يمكن أن تكون بداية جديدة لحرب تقليم القوى المناوئة لإسرائيل، وهذا ما سيؤثر بطبيعة الحال على وتيرة التطبيع مع دول عربية كالسعودية.
نشوة انتصار
بعد سلسلة الضربات النوعية التي وجهتها إسرائيل لحزب الله اللبناني (من أكبر فصائل المقاومة)، بدا أن شهية إسرائيل في ظل وجود رئيس الوزراء نتنياهو المحاط بالمتطرفين، مفتوحة لمزيد من النجاحات والتوسع، بما أشاع مخاوف إقليمية من تكرار لحظة 1967 التي خسرت فيها العرب الكثير من الأراضي على مستوى عدة جبهات.
الأمر الذي أعاد الحديث عن طموحات بناء إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وكذلك “ممر داود” الذي يبدأ من هضبة الجولان السورية المحتلة إلى داخل سوريا وصولًا إلى العراق ومناطق الحكم الذاتي للأكراد في سوريا والعراق. وقد تعززت المخاوف من تلك المخططات بعدما بدأ القادة في إسرائيل يرددون آيات توراتية تدعم ضرباتهم ضد قوى المقاومة في المنطقة.
ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمد عبد الدايم، إلى وجود حقيقة في بعض هذه المخاوف، حيث يعمل نتنياهو الآن على تقوية جبهته الداخلية، فلا يستطيع تجاهل أن دعم ايتمار بن جفير وبتسلئيل سموطريتش هو دعم مشروط بالسيطرة على الضفة الغربية المحتلة، وعدم التخلي عن المنطقة ج، كذلك ربما يستغل بيبي نشوة القضاء على نصر الله في الإطاحة بوزير الدفاع يوآف جالانط، بإيعاز من بن جفير وسموطريتش، مضيفًا، أن إسرائيل تعتمد حاليًا على دعم أمريكي مفتوح على مصراعيه، لتغيير خارطة الشرق الأوسط كله، بتوسيع مساحة إسرائيل طولًا وعرضًا، والتوصل لصيغة جديدة بغزة تحت الاحتلال، ولبنان دون نصر الله، بينما إيران مستأنسة.
تراجع تكتيكي
يبدو أن اللاعب الإيراني في حالة تراجع عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل، خاصة أن طهران لا تريد التورط في حرب تضعها في مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو ربما يقود في النهاية إلى حرب إقليمية أو عالمية إذا ما اصطفت القوى العسكرية للدفاع عن أمنها الإقليمي والجغرافي.
ويعلق الخبير الإيراني في الشؤون الإقليمية، مصدق مصدق بور في حوار مع شبكة رؤية الإخبارية، بأن إيران تمارس نوعًا من التراجع التكتيكي لاعتبارات عدة. مشيرًا إلى أن حزب الله لم ينكسر كما يصور الإعلام المعادي، وإلا ما كان يستمر في المقاومة.
وحول أسباب هذا التراجع، يوضح الخبير الإيراني من طهران: إيران لا تريد إشعال المنطقة بحرب واسعة، كما أن تحالف القوى الغربية والولايات المتحدة الأمريكية مع نتنياهو يدفعها لمعالجة الأمور بحكمة، مضيفًا: يمكن بالصمت والحكمة أن تدير إيران معركتها ولو كان على حساب سمعتها، لكن ذلك لن يدوم طويلًا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1998646