إسرائيل تشن هجومًا على أهداف إيرانية، وسط تحذيرات من رد فعل إيراني، مع ترجيحات بعدم التصعيد بعد الانتخابات الأمريكية.
في تصاعد جديد للتوترات بين إسرائيل وإيران، شنت إسرائيل هجومًا عسكريًا على أهداف إيرانية حساسة، مما أثار مخاوف إقليمية ودولية من إمكانية تحول المواجهات المستمرة إلى صراع مفتوح ضمن سياسة الرد والرد المضاد.
الهجوم الأخير جاء في سياق محاولات إسرائيلية لردع إيران وكبح قدراتها العسكرية، وخاصةً في مجال تطوير الصواريخ والدفاعات الجوية، وهو ما يعتبر جزءًا من استراتيجية أوسع للحد من نفوذ طهران العسكري في المنطقة.
تنسيق إيراني-أمريكي
يقول الباحث في الشؤون الإقليمية، يوسف بدر، إن التصريحات الرسمية الإيرانية بأن الضربة قد تم التصدي لها، والتخفيف الإعلامي من أثرها، والتحذيرات الأمنية من نشر المواطنين أية معلومات عنها.
وكذلك التحذيرات الغربية التي تظهر التخوف من رد انتقامي من جانب طهران، كل ذلك يظهر أن إيران قد نسقت مع الإدارة الأمريكية بالوصول لهذه النتيجة، وهي مقايضة ضرب مقرات عسكرية في إسرائيل مقابل مقرات عسكرية في إيران وضربة رمزية لمنشآة نفطية مقابل أخرى مشابهة. وذلك في مقابل تجنب ضرب منشآت نفطية أو نووية أو استهداف مدنيين، بما يعني اندلاع حرب إقليمية.
تهدئة مؤقتة أم تجنب حرب إقليمية؟
يوضح الباحث في الشؤون الإقليمية، خلال تصريحاته لـ«شبكة رؤية الإخبارية»، أن الحديث حاليًا لا يدور عن السلام، بل عن التهدئة، وإذا ظهرت بوادر نتيجة لزيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة بالتهدئة في غزة وكذلك في لبنان، فالأمر يعني أن إيران ستركز على هذا المسار، وسيعاد شكل انتقامها في صور أخرى.
وتابع؛ “لكن إذا شعرت إيران بأن الرد الإسرائيلي قد أضر بصورتها الإقليمية ومصالحها وهدد أمنها القومي، فإنها لن تجنح إلى التهدئة بل ستعود إلى الحرب الرمادية التي ترجمتها مناوشة الفصائل واستهداف السفن والضربات السيبرانية والعمليات التخريبية التي تربك إسرائيل”.
الهجوم الإسرائيلي على إيران
لكن ما يشغل إيران الآن هو تكرار ما قامت به إسرائيل، التي استفادت من التوترات الإقليمية والدولية لتبادل الانتقام بمكاسب استراتيجية.
حيث تمكنت إسرائيل من مقايضة استهداف المنشآت النفطية والنووية بالحصول على مكاسب إقليمية وضمانات من الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن.
خدمة المصالح الأمريكية
في سياق متصل يؤكد أبوبكر أبوالمجد، الباحث المتخصص في شؤون آسيا السياسية والاقتصادية، أنه لا يُنتظر من إيران أي رد على الهجمات الأخيرة، معتبرًا أن هذه المرحلة تمثل فصلًا جديدًا من مسرحية هزلية تنسق فيها الدولتان بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.
ويُشير أبوبكر، خلال تصريحاته لـ«شبكة رؤية الإخبارية»، إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وجه تعليماته وأرسل تهديداته، بينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الظهور بمظهر المسيطر الذي يتخذ قرارات هجومية على إيران في توقيت يتناسب مع مصالحه السياسية، خاصة ضد منافسيه في الإدارة الأمريكية الحالية، مثل الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس، مما يعزز موقف صديقه السياسي دونالد ترامب.
ضربة غير مؤثرة
كما يُضيف أبوالمجد، أن إسرائيل قامت بتنسيق هذه العمليات مع الولايات المتحدة، التي أبلغت إيران مسبقًا، قبل الهجوم بست ساعات. في المقابل، أرسلت إيران المعلومات اللازمة إلى حلفائها في لبنان، مما يسلط الضوء على التعاون بين الأطراف.
هذه الضربة، كما يراها أبوالمجد، لم تكن مؤثرة بالقدر الذي ستدعيه إسرائيل، ومن المتوقع ألا يكون هناك رد من إيران في الوقت الراهن، على أن تتضح ملامح الأحداث المقبلة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
تجنب التصعيد
فيما قال محمد حامد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن إسرائيل أبلغت إيران مسبقًا عن الضربة التي استهدفت عشرين موقعًا، مما يدل على أن إيران ودول المنطقة كانت على علم بهذا الهجوم.
وقد أُثيرت أصوات أمريكية وبريطانية تدعو إيران إلى عدم الرد على هذه الضربة، ويبدو أن الهجوم قد تجنب استهداف المنشآت النفطية والنووية الإيرانية تجنبًا لتصعيد الأوضاع في المنطقة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
اقتراب نهاية الحرب
ويرى حامد، خلال تصريحاته لـ«شبكة رؤية الإخبارية»، أن تصاعد التوتر في غزة ولبنان، وعدم قدرة إسرائيل على مواجهة جميع خصومها في وقت واحد، قد أثرا على حسابات تل أبيب. فقد صدرت تصريحات إسرائيلية في الأيام الأخيرة من نتنياهو شخصيًا، ورئيس الأركان، ووزير الدفاع، تؤكد أن الحرب في غزة تقترب من نهايتها وأن الصراع في لبنان أيضًا بات على وشك الانتهاء.
مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وتوقعات إعلان النتائج في نوفمبر المقبل، بالإضافة إلى تنصيب رئيس جديد في يناير 2024، يُتوقع أن تكون هناك ترتيبات إقليمية تتعلق بمستقبل المنطقة بعد مقتل زعيم حماس يحيى السنوار ومقتل قيادة حزب الله.
ويعتقد محمد حامد أن الأمور تبدو متجهة نحو تسوية، حيث من المرجح أن تُخفض إسرائيل التوتر في لبنان وغزة كعربون لنهاية الضربات المتبادلة بينها وبين إيران. مضيفا “في ضوء هذه التطورات، لا أعتقد أن إيران سترد مرة أخرى على إسرائيل بعد هذه الضربة”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2024883