تواجه إسرائيل تحديات كبيرة تحول دون العودة إلى الحرب في غزة بالمستقبل القريب، نتيجة للتطورات الإقليمية والدولية المعقدة وتغيرات توازن القوى في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك الحاجة الملحة إلى صفقة الأسرى، وتقييم القيادة الإسرائيلية لفشل الخيارات العسكرية السابقة، مما يزيد من صعوبة العودة للنهج العسكري، كما أن التفاعلات الإقليمية والعلاقات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة تشكل رادعًا أمام التصعيد العسكري، في ظل تأثير المحاور الإقليمية الذي يفرض مزيدًا من التحديات على إسرائيل.
تحديات أمام إسرائيل
قال أستاذ العلوم السياسية بالناصرة، الدكتور سهيل دياب، في تصريحات خاصة لشبكة “رؤية” الإخبارية، إن إسرائيل تواجه تحديات كبيرة تحول دون العودة للحرب في غزة في المستقبل القريب، تشمل الحاجة الفعلية للصفقة، التغيرات الإقليمية والدولية، وترابط الملفات في الشرق الأوسط.
يعتقد دياب أنه من الصعب على إسرائيل العودة إلى الحرب في قطاع غزة بنفس الأسلوب الذي انتهجته سابقًا، سواء خلال الفترة بين المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة، أو بعد انتهائها بالكامل. موضحًا أن هناك عدة عوامل تحول دون ذلك، والتي تتمثل في الأسباب الثلاثة التالية.
الحاجة الإسرائيلية للصفقة
أشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن السبب الأول للاعتقاد بعدم سهولة العودة إلى الحرب هو أن الصفقة لم تكن مجرد استجابة للضغوط الأمريكية أو نتيجة لتوازنات القوى الداخلية في إسرائيل. بل كانت حاجة إسرائيلية حقيقية، حيث أدركت القيادة الإسرائيلية عدم قدرتها على استعادة الأسرى عبر الوسائل العسكرية رغم تسخيرها لجميع الإمكانيات وتلقيها دعمًا دوليًا وأمريكيًا كبيرًا.
كما بذلت إسرائيل جهودًا هائلة لتحقيق هذا الهدف، لكنها فشلت في ذلك، ما جعلها بحاجة إلى الصفقة كخيار وحيد متاح. ومن غير المتوقع أن تعود إسرائيل إلى نفس النهج العسكري في المستقبل القريب، على الأقل خلال السنوات الخمس القادمة، إلى حين استعادة قدراتها العسكرية وترميم مؤسساتها المتضررة.
التغيرات الإقليمية والدولية
لفت دياب إلى أن السبب الثاني يتعلق بالتغيرات الإقليمية والدولية التي تشكل عامل ردع يمنع إسرائيل من اتخاذ خطوة مماثلة.
ووصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتصريحاته الواضحة بشأن عدم الانخراط في حروب جديدة والتركيز على عقد صفقات تحقق مصالح أمريكية، يشير إلى تحول في السياسة الأمريكية.

توازن القوى في الشرق الأوسط
يرى دياب أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن المنطقة تشهد تشكل أربعة محاور رئيسية تؤثر على توازن القوى في الشرق الأوسط: المحور الإسرائيلي الذي يسعى لتحقيق أهدافه الاستراتيجية. والمحور المصري الصاعد الذي يبحث عن تفاهمات إقليمية تشمل حل القضية الفلسطينية، وهو ما لا ترضاه إسرائيل. والمحور التركي القطري الذي كسب نقاط قوة بعد الزلزال السوري وأصبح لاعبًا مهمًا في المنطقة.
وأخيرا، المحور الإيراني وحلفاؤه الذين تعرضوا لضربات متتالية، لكنهم ما زالوا يشكلون تهديدًا مستمرًا. وأمام هذه المتغيرات، فإن أي تصعيد عسكري إسرائيلي قد يؤدي إلى اضطرابات تؤثر على التوازنات الحالية، وهو ما يشكل رادعًا للقيادة الإسرائيلية.
ترابط الملفات الإقليمية
السبب الثالث، حسب دياب، الذي يجعل المغامرة العسكرية غير مرجحة في المستقبل القريب هو ترابط الملفات في الشرق الأوسط بشكل يجعل أي تصعيد إسرائيلي في قطاع غزة يؤثر على قضايا أخرى بالغة الأهمية. فمثلاً، أي تصعيد إسرائيلي قد يضع المكاسب الأمريكية أو التحالفات الإقليمية، مثل التحالف مع تركيا، تحت تهديد كبير.
إذا أُخذت سوريا كمثال، فإن حربًا جديدة في غزة قد تدفع الأمور في سوريا إلى اتجاهات لا تخدم إسرائيل. كذلك الحال في الملفين اليمني واللبناني، حيث يمكن أن يؤدي التصعيد إلى تعقيد الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق استقرار سياسي في لبنان بما يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
التوجه الإسرائيلي المستقبلي
يرى دياب أنه من المرجح أن تسعى إسرائيل إلى استمرار حالة الحرب ولكن بأساليب مختلفة، تركز على الضفة الغربية والساحة السورية، مع تنفيذ عمليات محدودة مثل ضربات في اليمن أو محاولات اغتيال في إيران. فالعقيدة الأمنية الإسرائيلية، التي تأسست منذ نكبة 1948، لن تتغير بعد غزة، وستواصل إسرائيل استخدام التوتر الأمني للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.
وتابع، أكثر ما تخشاه إسرائيل اليوم هو ظهور توجه نحو حل سياسي في الشرق الأوسط بعد غزة، قد يؤدي إلى شكل من أشكال تقرير المصير للشعب الفلسطيني، حتى ولو كانت دولة ضعيفة أو منزوعة السلاح. لذلك، ستواصل إسرائيل التصعيد الأمني للحفاظ على وضع يخدم رؤيتها الاستراتيجية ولإجهاض أي محاولة لفرض حل الدولتين الذي لا تريده.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2113892