خطة ترامب لغزة.. حلفاء أمريكا في حالة ارتباك

محمد النحاس
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسة، حاول حلفاء الولايات المتحدة محاولة تجنب المواجهة معه، رغم تحفظاتهم على أسلوبه الصاخب وسياساته المثيرة للجدل.

 لكن التحفظ لم يدم طويلاً، حيث فجّر ترامب هذا الأسبوع واحدة من أكثر أفكاره استفزازًا في السياسة الخارجية، حيث اقتراح وضع غزة تحت السيطرة الأمريكية، ونقل سكانها الفلسطينيين، وتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، وفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

رفض دولي واسع

أثار الاقتراح صدمة دولية، إذ بدا وكأنه يهدم عقودًا من السياسات الغربية القائمة على حل الدولتين؛ وسارعت الدول إلى رفض الفكرة، وسط مخاوف من تأثيرها على الجهود الدبلوماسية الجارية، لا سيما المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

وفي أوروبا، التي عادةً ما تتمتع واشنطن بعلاقات أكثر استقرارًا معها، جاء رد الفعل موحدًا في رفض الخطة، رغم تباين حدة التصريحات بين العواصم الأوروبية.

 ورأى محللون أن هذا الموقف يضع حلفاء أمريكا في موقف حرج، حيث يُعد انتقاد واشنطن خيارًا صعبًا، خاصة في بداية ولاية رئاسية جديدة، وفق المقال المنشور في 8 فبراير 2025. 

ارتباك الحلفاء الأوروبيين

علق الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألترمان، بأن “الجميع مذهولون، لم يتوقعوا ذلك”، مشيرًا إلى أن هذا النهج يعكس توجهًا متزايدًا نحو العزلة الأمريكية، وهو ما قد يدفع أوروبا إلى إعادة تقييم علاقاتها مع واشنطن.

وأثارت خطة ترامب إدانة قوية من الأمم المتحدة، حيث وصفها الأمين العام بأنها “تطهير عرقي”؛ فرنسا اعتبرتها “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”، فيما أكدت إسبانيا أن “أرض الغزيين هي غزة”. 

وفي ألمانيا، وصف الرئيس والتر شتاينماير الاقتراح بأنه “غير مقبول”، بينما حذرت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك من أنه “سيؤدي إلى مزيد من المعاناة والكراهية”.

موقف بريطانيا الحذر

وجدت المملكة المتحدة نفسها في مأزق؛ فحكومة كير ستارمر تسعى لعلاقة إيجابية مع ترامب، خاصة في ظل احتمال استثناء بريطانيا من التعريفات الجمركية الأمريكية التي يهدد بها الاتحاد الأوروبي.

 ورغم أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قال إن “ترامب محق في أن غزة مدمرة”، إلا أنه شدد أيضًا على أهمية حل الدولتين، وفق مقال شبكة سي إن إن. 

تأثيرات استراتيجية أوسع

يرى محللون أن ترامب قد يكون يسعى لفرض أمر واقع جديد لإجبار الحلفاء على تقديم بدائل، لكن هذا النهج يحمل مخاطر كبيرة، حيث حذر ألترمان من أن “إعادة فتح قضايا مجمدة قد يطلق قوى أكثر تدميرًا مما يمكن تصوره”.

ومن بين هذه المخاطر تزايد عزلة واشنطن، ما قد يدفع بعض الدول إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، خاصة في ظل تهديد ترامب بقطع التمويل عن الوكالات الدولية وإضعاف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).

صدامات مستقبلية

لا يُتوقع أن تكون هذه المواجهة الأخيرة بين ترامب وأوروبا، فهناك مخاوف متزايدة من أن يعرض الرئيس الأمريكي صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن تقديم تنازلات لموسكو، وهو سيناريو يثير قلق عواصم الناتو.

ولمحاولة تهدئة المخاوف، سيحضر مسؤولون كبار من إدارة ترامب، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جي دي فانس، مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع المقبل.

وختامًا يرى المقال أن “شهر العسل” بين ترامب وحلفاء أمريكا يبدو أنه قد انتهى؛ فبينما حاولت إدارة بايدن أن تكون “موثوقة ومتوقعة”، تتبع إدارة ترامب نهجًا عكسيًا تمامًا، وهو ما يضع العالم أمام مرحلة جديدة من الاضطرابات الدبلوماسية والسياسية.

ربما يعجبك أيضا