إيران تمثل خطرًا مستمرًّا على السعودية.. هل تتحدى الولايات المتحدة؟

يوسف بنده

تهديدات إيرانية مستمرة للسعودية في ظل احتجاجات في الداخل، وكذلك تحذيرات أمريكية من الاقتراب أكثر من معسكر روسيا.


تواجه إيران احتجاجات مستمرة في الداخل، جعلت قادة النظام يبحثون عن سبب استمرارها رغم القبضة الأمنية.

ولطالما شهدت إيران مثل هذه الاحتجاجات، لكن هذه المرة عجزت عن معالجتها بتطويقها بنظرية المؤامرة، ما دفعها لتوزيع الاتهامات على الآخرين، مثل المملكة العربية السعودية من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.

تحذير .. القوات الأمريكية بالمنطقة تتأهب

نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” مطلع نوفمبر الحالي 2022، عن مسؤولين سعوديين وأمريكيين أن الرياض تبادلت معلومات استخباراتية مع واشنطن تحذر من هجوم إيراني وشيك على أهداف في السعودية. وقال المسؤولون إنه في ضوء هذا التحذير، دخلت القوات الأمريكية في السعودية ودول أخرى بالمنطقة حالة تأهب قصوى.

ونفت إيران، الأربعاء 2 نوفمبر، ما نشرته الصحيفة الأمريكية، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إنها “اتهامات لا أساس لها”. ونقلت “يورونيوز” عن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف قوله لنظيره الإيراني، إن “وسائل إعلام غربية أطلقت حملة قد تؤدي إلى تصعيد الوضع في منطقة الخليج”.

تهديد الحرس الثوري لمصالح وأمن السعودية

يأتي التحذير الأمريكي، بعدما وجه قائد الجرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في 29 أكتوبر الماضي، تحذيرًا للقيادة السعودية، على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها إيران من جراء موت الشابة مهسا أميني، وهي رهن اعتقال شرطة الأخلاق، حسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وكانت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران، حسب قناة “العربية“، استهدفت بطائرتين مسيرتين مفخختين ميناء الضبة النفطي في حضرموت، في أثناء رسو سفينة لشحن النفط الخام في الميناء، يوم 22 أكتوبر الماضي، ما فتح الحديث عن إمكانية استخدام إيران مرة أخرى لجماعة الحوثي لتهديد مصالح وأمن السعودية.

ايران

إيران تحذر المملكة العربية السعودية

تسعى إيران الغاضبة من عدم توقف الاحتجاجات التي طوقتها بنظرية المؤامرة، لمد نسيج روايتها إلى السعودية. فحسب وكالة “تسنيم“، قال الخبير السياسي، سعدالله زراعي، إن إيران نقلت رسالة تحذير رسمية إلى المملكة عبر القنوات الدبلوماسية، بخصوص دعم السعودية لقنوات إيرانية معارضة، منها “إيران إنترناشونال”.

وقد ربط زراعي توتر العلاقات بين طهران والرياض بتوقف محادثات الحوار بين البلدين، التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد. وكذلك ربط هذا التوتر بالملف اليمني والخلاف حول التسوية السياسية هناك، وامتناع الحوثيين عن استئناف هدنة الأمم المتحدة.

معارك بالرسوم المتحركة

حسب تقرير “سي إن إن“، شنت إيران حربًا نفسية ضد السعودية بعد التحذير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت“، من خلال نشر قناة موالية للحرس الثوري الإيراني في موقع “تليجرام” فيديو كارتون يحاكي هجومًا إيرانيًّا على المملكة، ويظهر فيه الهجوم بطائرات دون طيار على منشأة نفطية تابعة لشركة “أرامكو”.

وقال التقرير إن أي هجوم إيران محتمل على السعودية، سيكون مناسبًا لإشغال الرأي العام عن الاحتجاجات الشعبية، التي تعيشها إيران منذ منتصف شهر سبتمبر.

221104052857 mime saudi iran

فرضية الاتهام

لم تقدم إيران دليلًا على اتهاماتها تجاه السعودية، وروج إعلامها تصريحات قديمة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عام 2017، خلال لقائه مع قناة “إم بي سي“، قال فيها إن بلاده تقف بحزم في وجه “نزعة إيران التوسعية”، وإن الرياض تعرف أنها هدف للنظام الإيراني، متوعدًا بأن المعركة ستكون في إيران.

لكن ما يقوض الاتهامات الإيرانية، أن ولي العهد السعودي فتح الباب للحوار مع إيران، بوساطة العراق وعدد من الدول الخليجية، وصرح إلى التلفزيون السعودي في مايو 2021 قائلًا: “نطمح إلى علاقة جيدة مع إيران. لا نريد أن يكون وضع إيران صعبًا، بل نريد أن تكون مزدهرة. لدينا مصالح مشتركة. مشكلتنا مع سلوك إيران السلبي”.

أمريكا تستثمر إيران في دعم علاقتها بالمملكة

كثيرًا ما تحذر الولايات المتحدة من وقوع هجمات إيرانية ضد السعودية، بقدر من الجدية يتناسب مع طبيعة سلوك إيران القائم على الانتقام. لكن عمليًّا تستثمر واشنطن في هذه التحذيرات، محاولةً توظيف السلوك الإيراني لدعم علاقاتها المتوترة بالمملكة العربية السعودية.

وحسب تقرير “سي إن إن“، واجه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الثلاثاء، انتقادات من الصحفيين، مفادها “لماذا لم تحذر واشنطن رعاياها في السعودية، إذا كانت تحذيراتها من تهديدات إيران جادة؟”. وكانت صحيفة “وول ستريت” نشرت بعد تحذيرها الأول، أن “التهديد قد خف، لكنه لم ينتهِ”.

E 60OS X0AI4 tN

تصريحات تركي الفيصل

عبرت تصريحات رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، أمام مؤتمر المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية، السبت الماضي 5 نوفمبر، عن نجاح واشنطن في استعادة قدرٍ من ثقة الرياض. وقال الفيصل: “من المشجع أن نرى كيف تقدمت صديقتنا الولايات المتحدة إلى الأمام لتشاركنا القلق بشأن إيران”.

وأضاف الفيصل: “هذا لا يثير الدهشة، ويظهر ما كرره الرئيس (الأمريكي جو) بايدن مرارًا عن أن أمريكا تقف إلى جانب المملكة للدفاع…  كانت زيارة بايدن قبل أشهر قليلة للسعودية ولقاؤه بالقادة العرب، فرصة لإزالة الشكوك بشأن التزام أمريكا بالسلام والأمن في منطقتنا وإعادة ضبط العلاقات الأمريكية مع حلفائها”.

تحدٍّ إيراني

اعتراف وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، ببيع إيران طائرات مسيرة إلى روسيا، حسب “مردم سالاري“، وكذلك إعلان الحرس الثوري إطلاقه صاروخًا جديدًا يحمل قمرًا اصطناعيًّا، في استعراض للقوة في الفضاء، حسب “خبر فوري“، أثار تساؤلات عما إذا كانت إيران تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية.

ويبدو أن الولايات المتحدة غاضبة من السلوك الإيراني، الذي أحرج إدارة بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. واتخذت واشنطن إجراءات بحق الشركات والدول التي تتعاون مع برنامج الطائرات المسيرة الإيرانية، بعدما استخدمت روسيا هذه الطائرات لشن ضربات فتاكة على كييف، حسب “فرانس 24“.

اميركا ايران

عقاب أمريكي

التمرد الإيراني والمجاهرة بالقوة يدعم روسيا ويهدد حلفاء إيران في المنطقة، ما دفع برنامج “عاصمة القرار” على قناة “الحرة” الأمريكية، للتساؤل: “بعدما تجدد الحديث عن عودة محور الشر بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية.. هل حان وقت الخيار العسكري الأمريكي تجاه إيران؟”.

ويعزز تعليق إيران محادثات العودة للاتفاق النووي، واقترابها من المعسكر الروسي، استجابة واشنطن للخيار العسكري بدلًا من الدبلوماسي ضد إيران. لكن الخبراء، حسب تقرير البرنامج، يرون أن الولايات المتحدة لن تضرب إيران عسكريًّا، بل قد تلجأ إلى حلفاء مثل إسرائيل، إذا ما فشل الحل الدبلوماسي.

ربما يعجبك أيضا