هل تستخدم الصين وأمريكا “إنترنت الفضاء” في التجسس؟

أحمد ليثي

ملامح الصراع الفضائي بين الصين و أمريكا في 2022..تعرف على التطورات


في نهاية عام 2021، أحاط حوالي 5000 قمر اصطناعي نشط كوكب الأرض، وفقًا لما ذكره جوناثان ماكدويل، عالم الفلك في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية، ويعد هذا  الرقم خمسة أضعاف الرقم عام 2010.

و خلال العقد الماضي أعلنت الولايات المتحدة والصين نيتهما إطلاق آلاف الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض لتغطية الكوكب للوصول إلى “إنترنت الفضاء”، فمن المنتظر أن يشهد عام 2022 منافسة كبيرة بين الولايات المتحدة والصين في هذا السياق.

صراع فضائي

يتمحور جزء كبير من الصراع الفضائي حول ما يسمى بـ”إنترنت الفضاء”، ووجد تقرير القوة العسكرية الصينية الصادر عن البنتاجون في يونيو 2019 أن الصين تسعى أيضًا إلى إنتاج أسلحة تشويش جديدة و”طاقة موجهة” يمكن أن توجهها عبر الأقمار الصناعية التي تبث “إنترنت الفضاء”، الأمر الذي يحوّل الصراع بين البلدين إلى صراع عسكري في الفضاء.

تقول الكاتبة المتخصصة في التكنولوجيا برينا مايلز إن الأقمار الصناعية الجديدة تستخدم لإرسال واستقبال البيانات في إطار التنافس حول الإنترنت الفضائي.

ما يميز إنترنت الفضاء؟

وتذكر مايلز أن “إنترنت الفضاء” أسرع بكثير من الإنترنت العادي ولديه القدرة على العمل في جميع أنحاء العالم، لذلك تنشر الدول الآلاف من الأقمار الصناعية منخفضة التكلفة في مدار فوق الأرض في نمط يشبه الشبكة لتوفير غطاء إنترنت مستمر، وتطير الأقمار الصناعية بسرعة 17000 ميل في الساعة تقريبًا، لتكمل مدارًا حول العالم كل 100 دقيقة.

على غرار ما جرى في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عندما شهدت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي  تهديدًا متزايدًا للأسلحة النووية وأساليب التجسس واسع النطاق بين البلدين يجرب الآن صراع آخر بين أمريكا والصين باستخدام “إنترنت الفضاء” لصنع أسلحة وأجهزة تجسس من شأنها أن تنقل الصراع إلى مستوى آخر.

كيف تحارب الصين أمريكا في الفضاء؟

وفقًا لجريدة بوليتيكو، تضخ كل من واشنطن وبكين الأموال والموارد في سباق الفضاء العسكري بشكل متزايد ويخشى بعض المتخصصين الأمنيين والمسؤولين الأمريكيين السابقين أنه يزيد من مخاطر الحرب، فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اقترح في عام 2019 أن يكون هناك قوة فضائية أمريكية مستقلة بذاتها – وهو ما رفضه الجنرال الصيني المتقاعد والمنظر العسكري تشياو ليانج ووصفها بأنها “خطوة غير حكيمة” وفقًا للمصدر نفسه.

يحظى التهديد  الذي تشكله الصين على أمريكا بأكبر قدر من الاهتمام، فأسلحتها المدارية يمكن أن تدمر الأقمار الصناعية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة للاتصالات والملاحة والمراقبة – لكل من العمليات العسكرية والرفاهية الاقتصادية.

علاقات شركات الأقمار بالجيش الأمريكي

من جهة أخرى، أطلقت شركة “سبيس إكس” التي يملكها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، أكثر من 1600 قمر صناعي، ومن المنتظر أن تطلق ما يصل إلى 12000 قمر آخر بتصريح من السلطات الأمريكية في برنامج يهدف إلى توفير الوصول إلى الإنترنت لمعظم أنحاء الكوكب.

وفقًا لصحيفة جلوبال تايمز، يرى خبراء صينيون إن أقمار شركة سبيس إكس التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش الأمريكي لا تهدد سلامة الأفراد الصينيين في المدار فحسب، بل يمكن استخدامها أيضًا لجمع المعلومات الاستخبارية ضد المركبات الفضائية للدول الأخرى، وأن التشغيل المتكرر والواسع لأقمار سبيس إكس سيشكل مخاوف أمنية لأي مركبة فضائية.

حوادث فضائية محتملة

وردًا على هذه الخطوة من شركة سبيس إكس، أرسلت بكين مذكرة إلى الأمم المتحدة، كشفت فيها أن أقمار ستار لينك التابعة للشركة كادت أن تصطدم بمحطة الفضاء الصينية في وقت سابق.

وكشفت الصين في المذكرة أن محطتها الفضائية اضطرت إلى اتخاذ إجراء مراوغة في محاولة لتجنب الاصطدام بالأقمار الصناعية ستارلينك. وفي السياق نفسه، لدى الصين تخوفات كبيرة بأن أقمار ستارلينك موجهة نحو التجسس عليها.

ما حجم استثمار الصين في “إنترنت الفضاء”؟

تستثمر الصين بكثافة في “تكنولوجيا الفضاء المضاد”، وشملت تلك الاستثمارات تطوير ما لا يقل عن ثلاثة أنظمة صواريخ مضادة للأقمار الصناعية، وفقًا لتقرير صدر في أبريل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وقال التقرير إن الصين تقوم أيضًا بتطوير أقمار صناعية  قد تصطدم بأقمار أخرى في المدار، ويمكن استخدامها لتعطيل أو التأثير على مصادر الطاقة لأقمار صناعية في المدار نفسه.

وأعلنت شركة الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أنها خططت لإطلاق أكثر من 40 عملية فضائية في عام 2022، بالإضافة إلى ستة بعثات فضائية مأهولة.

الصين تتقدم في برامج الفضاء

ومن المقرر الانتهاء من محطة تيانجونج الفضائية في الصين هذا العام، وفقًا لما ذكرته جريدة جنوب الصين الصباحية. وتشرف الصين على إنشاء وتشغيل نظام ضخم للإنترنت عبر الأقمار الصناعية من خلال التنسيق بين الجهات الفضائية الرئيسية في البلاد.

وحققت الصين تقدمًا كبيرًا في برامج الفضاء في السنوات الأخيرة بعد أن استثمرت في ذلك بشكل كبير، ورغم أنها لم تطلق أكثر من 10 عمليات سنويًا حتى عام 2007، فقد اكتسبت قوة كبيرة منذ ذلك الحين، وأطلقت 152 قمرًا صناعيًا في السنوات الخمس الماضية، وهو معدل أكثر من أي دولة أخرى.

ربما يعجبك أيضا