اتفاقية أمنية بين الصين وجزر سليمان تزيد التوتر في المحيط الهادئ.. ما القصة؟

أحمد ليثي

اتفاقية بين الصين وجزر سليمان أثارت قلقل الولايات المتحدة، وستغير جميع المكونات الجغرافيا السياسية في المحيط الهادئ، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.


سُرّبت مسودة اتفاقية أمنية يجري التفاوض بشأنها بين الصين وجزر سليمان التي تقع في جنوب المحيط الهادئ، يمكن أن تكون لها تداعيات أمنية على المحيط كله.

وفق تقرير باتريشيا أوبراين المنشور في موقع ذا ديبلومات، المهتم بالشؤون الآسيوية، يوم 5 إبريل 2022، ستغير الاتفاقية الأمنية الجديدة بين جزر سليمان والصين جميع المكونات الأخرى للجغرافيا السياسية في المحيط الهادئ، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ الكبرى.

ما تداعيات الاتفاقية الأمنية؟

توضح أوبراين أن الاتفاقية الأمنية لها تداعيات داخلية وجيوسياسية بعيدة المدى، مع نمو التنافس الجيوسياسي بين الصين من جانب وبين تايوان وأمريكا وأستراليا في المحيد الهادئ من جانب آخر، ما أدى إلى تصعيد توترات محلية طويلة الأمد ومحفوفة بالمخاطر، واندلعت هذه التوترات بشكل منتظم على مدار 44 عامًا منذ أن حصلت جزر سليمان على استقلالها من بريطانيا عام 1978.

من جهته، رفض رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوجافاري، المناشدات التي طالبته بالتراجع عن الصفقة من أصوات محلية ودولية، خاصة أن الاتفاقية تحدد إطارًا واسعًا يغطي عمليات انتشار “الشرطة والعسكريين الصينيين، وغيرهم من أجهزة إنفاذ القانون والقوات المسلحة ويمنح الفرصة لإقامة قاعدة بحرية” في جزر سليمان، الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في المحيطين الهندي والهادئ.

ما بنود الاتفاقية؟

أشارت أوبراين، في تقريرها، إلى أن ما اتفقت عليه جزر سليمان والصين بالضبط غير واضح، وقد ظلت النسخة النهائية للاتفاق سرية، وشدد سوجافاري على أن السرية المحيطة بالاتفاقية الأمنية تأتي تأكيدًا على سيادة أمته، ومع ذلك أوضح رئيس الوزراء وعضو البرلمان السابق، ريك هوينبويلا، أنه لولا التسريب لكانت المعاهدة الأمنية سرًّا على مواطني البلد.

وبحسب التقرير، تسمح الاتفاقية بعمليات عسكرية واستخباراتية صينية واسعة النطاق ومتنوعة، لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه يسمح للصين بالمشاركة بقدر كبير في الحفاظ على النظام المدني عبر نشر الشرطة والشرطة المسلحة والعسكريين وغيرهم من قوات إنفاذ القانون والقوات المسلحة، والموافقة على زيارات بحرية صينية لجزر سليمان، وحملت الاتفاقية بندًا غامضًا يتيح للدولتين القدرة على العمل “وفقًا لاحتياجاتهما الخاصة”.

 

Proposed China Solomon Islands security deal prompts concerns over ‘wider implications

كيف استجابت القوى المدنية في جزر سليمان للاتفاقية؟

يقول الأكاديمي في جزر سليمان ترانسفورم أكوراو مما يثير القلق أيضًا أن الاتفاقية تنص على حصانة قانونية وقضائية لجميع الموظفين الصينيين، ومن المفارقات أن يوافق رئيس الوزراء الذي يتحدث دائمًا عن فضائل السيادة الوطنية على التنازل عن وظيفة سيادية أساسية. حماية الأرواح والممتلكات لقوة أجنبية. لا أشك أن الاتفاقية تقوض الأمن في جزر سليمان إلى حد كبير.

من جهتها أصدرت حكومة سوجافاري عددًا من التحذيرات الشديدة للمعارضين في الأيام الماضية، في 4 إبريل، نفت حكومته التقارير التي تفيد بأن الصفقة الأمنية تهدد بتقسيم قوة شرطة جزر سليمان الملكية، وهذه تطورات مقلقة للغاية بالنظر إلى الحالة الهشة للمؤسسات الديمقراطية في جزر سليمان، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات في عام 2023، التي ستؤجج الصراع المشتعل.

ما نتائج الاتفاقية؟

أوضح نيك بيري، في تقريره المنشور بموقع ذا ديبلومات، في 1 إبريل الجاري، أن جزر سليمان تتمتع بأهمية استراتيجية لجيرانها القريبين من غينيا الجديدة، التي تقع شمال حدود جزر سليمان، وكذلك فيجي ونيوزيلندا. وقعت نيوزيلندا “اتفاقية شراكة” مع فيجي في 29 مارس، بعد الكشف عن وجود اتفاق أمني بين جزر سليمان والصين، ويأتي هذا بعد توسيع التعاون العسكري بين فيجي وأستراليا في منتصف مارس 2022.

وكشف بيري أن الآراء انقسمت بقدر حاد حول ما إذا كانت الصين ستستخدم الاتفاق الأمني ​​لبناء قاعدة عسكرية في جزر سليمان، فمن جهته، يصر سوجافاري على أن الصين لن تبني قاعدة عسكرية لإبراز قوتها في جنوب غرب المحيط الهادئ، ويجادل الباحث في جزر سليمان تارسيسيوس كابوتاولاكا بأنه من غير المرجح أن تبني الصين قاعدة بحرية في جزر سليمان لأنها لا تعمل بهذه الطريقة على عكس الولايات المتحدة.

ما الخطوات التي يمكن أن تأخذها الولايات المتحدة؟

تقول أوبراين إن الكشف عن صفقة جزر سليمان-الصين كان له بالفعل تأثير على نهج أمريكا والحلفاء تجاه المحيط الهادئ مثل الاتفاقيات الأخيرة بين أستراليا ونيوزيلندا مع فيجي.

ومن الأمثلة على ذلك جلسات الاستماع التي عقدها مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن اتفاق مفاوضات الارتباط الحر التي عقدت في 29 مارس الماضي، وتضمنت تلك الجلسة سماع أقوال من وزارات الخارجية والدفاع والداخلية حول الحالة المستعصية لمفاوضات حكومة أمريكا مع جمهورية جزر مارشال، وجمهورية بالاو في المحيط الهادئ.

وبحسب التقرير، قد تتسارع وتيرة ومدى مشاركة أمريكا في أنشطة المحيط الهادئ، لمنع تكرار هذه الاتفاقية التي تحدث في أماكن أخرى من المنطقة، وتمت الاتفاقية بين جزء سليمان والصين بسبب فشل الولايات المتحدة الدبلوماسي، وهو ما يؤكده إعلان الولايات المتحدة فتح سفارتها في جزر سليمان في فبراير الماضي بعدما كانت مغلقة منذ عام 1993.

ربما يعجبك أيضا