ما زال الجدل مستمر بعد يومين من انتهاء مارثون الانتخابات الأمريكية بفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترامب؛ فوز وصفته أوروبا ببعثرة الأوراق؛ أثناء اجتماع زعماء القارة العجوز الـ27 أثناء قمة بودابست التي انهت أعمالها منتصف اليوم الجمعة 8 نوفمبر 2024.
يُعد هذا الاجتماع الأول من نوعه بعد إعادة انتخاب ترامب، مما يضفي عليه طابعًا استثنائيًا كونه يعكس مخاوف القادة الأوروبيين حول مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل قيادة ترامب مرة أخرى.
فوز ترامب وردود الفعل الأوروبية
في السياق يقول الدكتور ديميتري بريجع؛ الباحث الروسي ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن فوز ترامب أثار مشاعر مختلطة بين القادة الأوروبيين، تراوحت بين القلق والحذر، تعود هذه المخاوف بشكل أساسي إلى سياساته السابقة تجاه القارة الأوروبية خلال فترة ولايته الأولى، حيث كانت علاقاته مع حلفائه الأوروبيين مضطربة.
ويُشير بريجع، الباحث المقيم في موسكو، خلال تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إلى تصريحات ترامب منذ بداية الحملة الانتخابية، والتي أظهرت رغبة في تقليص التدخل الأمريكي بالخارج، بما في ذلك أوكرانيا، مما أثار القلق في أوروبا الشرقية.
يُنظر إلى تقليص هذا الدعم على أنه فرصة لروسيا لتعزيز نفوذها في أوكرانيا وربما تهديد مزيد من الدول الأوروبية القريبة من المجال الروسي.
أول اختبار بعد فوز ترامب
وحول القمة يؤكد الدكتور ديميتري بريجع، أن عقد الاجتماع في العاصمة المجرية بودابست الهدف من هذا الاجتماع هو توحيد الرؤى الأوروبية إزاء الموقف الأمريكي الجديد وكيفية التعامل مع أي تغيير محتمل في التوجهات الأمريكية تجاه القارة الأوروبية والأزمة الروسية.
وتابع “تركزت المناقشات خلال الاجتماع على القضايا الأمنية والدفاعية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة المستمرة في أوكرانيا؛ حيث أعرب القادة عن قلقهم من احتمالية قيام ترامب بإعادة النظر في الدعم العسكري لأوكرانيا، مما يفتح الباب أمام روسيا لاتخاذ خطوات أكثر حدة في المنطقة”.
وفي اللقاء أكد الرئيس الفرنسي على ضرورة تعزيز التعاون الدفاعي بين الدول الأوروبية، وشدد المستشار الألماني على ضرورة تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في المسائل الدفاعية.
تعزيز الاستقلالية الأوروبية
في ظل التغييرات المحتملة في السياسة الأمريكية، بات واضحًا للقادة الأوروبيين ضرورة تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي؛ كما شدد المجتمعون على أهمية تطوير سياسة خارجية أوروبية أكثر تماسكًا.
هذا الرأي يتفق مع ما طرحته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فرغم التهاني التي قدمها بعض الزعماء لترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات، يساور العديد منهم قلق عميق بشأن تأثير عودته المحتملة إلى البيت الأبيض على الأمن، والتجارة، والسياسة الخارجية الأمريكية.
فالأزمة الروسية وتداعياتها على الأمن الأوروبي أظهرت الحاجة الماسة إلى موقف أوروبي موحد لا يعتمد فقط على التحالفات الخارجية، بل يعتمد على قوة الاتحاد نفسه؛ تم التوصل إلى توافق حول ضرورة تقوية العلاقات مع الشركاء الإقليميين، بما في ذلك تركيا والدول في منطقة البلقان، لضمان استقرار الجوار الأوروبي.
الخطوات المستقبلية
في تلك الجزئية يُضيف الباحث الروسي ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن قادة القارة العجوز اتفقوا على عدة خطوات مستقبلية لمواجهة التحديات الناتجة عن فوز ترامب.
ويؤكد، أن من بين هذه الخطوات، ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في قضايا الدفاع والطاقة. كما أشار بعض القادة إلى أهمية تطوير خطط للطوارئ لمواجهة أي تغيير مفاجئ في السياسة الأمريكية تجاه روسيا أو أوكرانيا.
ويرى دميتري بريجع، أن الاجتماع في بودابست يُظهر تصميم القادة الأوروبيين على مواجهة التحديات الناشئة عن فوز ترامب، مع التركيز على تعزيز الاستقلالية الأوروبية في مجالي الأمن والاقتصاد؛ كما يُدرك الاتحاد الأوروبي اليوم أن الحفاظ على الاستقرار في القارة يتطلب اتخاذ خطوات جريئة لتعزيز قدراته الذاتية وتخفيف الاعتماد على الدعم الخارجي.
في نهاية المطاف، يبدو أن أوروبا تتجه نحو مرحلة جديدة تتسم بمزيد من الاستقلالية والتماسك الداخلي، وهي خطوة باتت ضرورية لضمان استقرار القارة في ظل عالم متغير وغير قابل للتنبؤ، خاصة مع عودة ترامب إلى قيادة الولايات المتحدة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2039921