رئيس السلطة القضائية الجديد في إيران: “ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا”!

يوسف بنده

رؤية

قال إبراهيم رئيسي، في حفل تعيينه رئيسًا جديدًا للسلطة القضائية: “الأمن هو الموضوع الأكثر أهمية في البلاد، وموضوع العدالة تابع له”.

وأضاف رئيسي: “إننا نعتبر الأمن أحد أهم القضايا بالنسبة للبلاد”، مؤكدًا: “نحن لن نتنازل عن مواجهة أي جريمة منظمة عنيفة، وأي إخلال بأمن المجتمع والبلاد”.

يشار إلى أنه خلال السنوات الماضية، تم اعتقال كثير من النشطاء السياسيين المنتقدين للجمهورية الإسلامية، بتهم تتعلق بالأمن، واعتبرت منظمات حقوق الإنسان أن أغلب محاكماتهم مخالفة للمعايير القضائية.

يأتي انعقاد حفل تنصيب الرئيس الجديد للسلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، في وقت لا يزال خصومه ينتقدونه لدوره في إعدام السجناء السياسيين أواخر الثمانينيات.

يذكر أن رئيسي، الذي كان في الانتخابات الرئاسية السابقة منافسًا صعبًا لحسن روحاني، هو الآن- بقرار مباشر من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي- ممسك بزمام السلطة القضائية، وهو من أرفع المناصب في إيران، لمدة خمس سنوات.

وفي بداية الحفل، قرأ محمد محمدي کلبایکاني، مدير مكتب المرشد الإيراني الأعلى، قرار تعيين رئيسي الصادر من قبل خامنئي.

وفي هذا الحكم، اعتبر خامنئي أن سبب اختياره لرئيسي هو “السجل الطويل لرئيسي في مستويات مختلفة في السلطة القضائية، ومعرفته بجميع زواياها”.

وبعد تسلمه المنصب، أعرب رئيسي عن أمله في ألا “يقصر” في منصبه الجديد كرئيس للسلطة القضائية.

وأشار رئيسي إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت بين المواطنين تظهر أنهم “لا يزالون قلقين بشأن تطبيق العدالة”، خاصة بعد “التغيير القضائي”.

ويعود قلق المواطنين، فيما يرى مراقبون، إلى الدور الحاسم الذي لعبه رئيسي في الثمانينيات، في إعدام المعارضين، بصفته نائب المدعي العام في طهران وقتها.

ووفقًا لتقارير غير رسمية، فقد تم في صيف عام 1988، تنفيذ الإعدام بحق أكثر من 4000 من المعارضين السياسيين للجمهورية الإسلامية لمجرد إصرارهم على موقفهم.

وفي ملف صوتي نُشر العام الماضي، وصف آية الله حسين علي منتظري، نائب الخميني، في اجتماع بحضور رئيسي، عمليات الإعدام في ذلك العام بأنها “أعظم جريمة في الجمهورية الإسلامية”.

وخلال السنوات العشر الماضية، كانت رئاسة السلطة القضائية بيد صادق لاريجاني الذي تم تعيينه مؤخرًا رئيسًا لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو أعلى مؤسسة تشريعية في النظام الإيراني.

وكانت منظمات ونشطاء حقوق إنسان قد انتقدت صادق لاريجاني بشدة، مؤخرًا، لإصداره أحكامًا غير قانونية. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى تزامن محاكمة المتظاهرين ضد نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 مع بدء عمل لاريجاني في السلطة القضائية.

ملح على الجرح

وقد اعتبر أکثر من 100 شخصية سياسية ومدنية إيرانية أن تنصيب رئيسي على رأس الجهاز القضائي يعد بمثابة وضع ملح على جرح الناجين من مجزرة عام 1988.

وقد وصف أكثر من 100 شخصية سياسية مدنية إيرانية في الخارج الإعلان عن اختيار إبراهيم رئيسي كرئيس للسلطة القضائية، على أنه “ذرّ للملح على جرح الناجين من مجزرة عام 1988”.

وجاء في جانب من البيان، الذي نشر على موقع “زيتون”، أمس الأحد 10 مارس، أن “إبراهيم رئيسي شغل مناصب مهمة في القضاء منذ سن العشرين. وأبرز ما في سيرته مشاركته المباشرة في قتل السجناء السياسيين في صيف 1988 الأسود، من خلال العضوية في لجنة الموت بحكم الخميني”.

وينص البيان على أن “إبراهيم رئيسي تورط، خلال العقود الماضية، في قضايا مهمة، مثل إعدامات عام 1988، وقضية كهريزك، وغيرهما. وفي جميع المهام التي أوكلت إليه، قام بتنفيذ أكثر الأعمال عنفًا وشدة بأي طريقة أو وسيلة”.

ووفقًا لما ذكره الموقعون على هذه الرسالة، فإن “إبراهيم رئيسي، تم اتهامه من قبل عائلات الآلاف من ضحايا صيف 1988 الأسود كقاتل لأحبائهم، كما أطلق عليه وصف (المجرم)، بشهادة واضحة من آية الله منتظري، أحد أكثر المراجع الدينية احترامًا في البلاد”.

وكان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، قد أصدر قرارًا، يوم الخميس الماضي 7 مارس، بتعيين إبراهيم رئيسي رئيسًا للسلطة القضائية. وجاء في قرار تنصيب رئيسي، أن تعيينه في هذا المنصب تم من أجل “الصحة والأمانة والكفاءة في مستويات الخدمة المختلفة”.

يشار إلى أن إبراهيم رئيسي، قبل تعيينه رئيسًا سابعًا للقضاء في الجمهورية الإسلامية، عمل في كثير من المناصب القضائية بما في ذلك رئيس المنظمة العامة للتفتيش في البلاد، ومدعي عام طهران، والمدعي العام للبلاد، والمدعي العام الخاص برجال الدين. كما تولى أيضًا سدانة الآستانة الرضوية وهي واحدة من المؤسسات الاقتصادية والدينية الأکثر نفوذًا في إيران.

ومن بين الموقعين على هذا البيان، يمكن الإشارة إلى: مهدي خانبابا طهراني، ورضا علي جاني، وبهروز خليق، ومنصورة شجاعي، وكاظم علم داري، وعلي كشتكر، وحسن يوسفي إشكوري، وسهراب رزاقي، وبهروز بيات.

منصب جديد

وقد انتخب مجلس خبراء القيادة في إيران، اليوم الثلاثاء، إبراهيم رئيسي، نائبا أول لرئيس المجلس، وذكرت وكالة “فارس” الإيرانية أن رئيسي حصل على أغلبية الأصوات.

وتجدر الإشارة إلى أن “مجلس خبراء القيادة” هو الهيئة الأساسية في النظام الإيراني التي عهد إليها الدستور مهمة تعيين وعزل قائد الثورة، وهو أعلى منصب في البلاد.

يأتي انتخاب رئيسي للمنصب بعد أيام من تعيينه رئيسا للسلطة القضائية في الجمهورية الإسلامية.

وكان المحافظ إبراهيم رئيسي قد خاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز فيها الرئيس حسن روحاني بولاية ثانية.

ويعد رئيسي أحد المرشحين المحتملين لخلافة المرشد الإيراني علي خامنئي، كما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع بعض قادة الحرس الثوري.

أوضاع حقوق الإنسان

وقد اجتمع مقرر الأمم المتحدة الخاص بشؤون إيران، جاويد رحمان، مع مسؤولين إيرانيين، أمس الإثنين 11 مارس، بمقر الأمم المتحدة في جنيف، وطالبهم بالسماح له بزيارة إيران.

وأشار رحمان إلى اعتقال و”تعذيب” النشطاء السياسيين والعمال والمحامين، وطالب بالإفراج السریع عنهم. وكانت إشارته بالتحديد إلى الناشطين العمالیين المسجونين، سبیده قليان، وإسماعيل بخشي، كما طالب الحكومة الإيرانية بالسماح للمواطنين بتنظیم التجمعات السلمية.

وقال المقرر الأممي الخاص بشؤون إيران: “إن سبيده قليان، وإسماعيل بخشي، تعرضا في السجن للتعذیب”، وطالب السلطات الإيرانية بإطلاق سراحهما والسماح للمواطنين بالتجمع السلمي.

وأعرب جاويد رحمان، في هذا الاجتماع، عن قلقه تجاه اعتقال المحامين والناشطين الآخرين في إيران، ووصف ذلك بأنه أمر مثير للقلق، قائلاً إن السلطات القضائية لا تسمح للمحامين بالوصول إلی ملفات موکلیهم في مرحلة التحقيق الأولی، وهناك كثير من التقارير التي تفيد بتعذيب الأشخاص في المراحل الأولية من قضاياهم.. “ونتذكر أن كثيرًا من النشطاء المدنيين تم سجنهم لمعارضتهم فرض الحجاب”.

وتابع المقرر الأممي: “إن إحدى القضايا المذكورة في تقريري هي أن قوانين إيران تسمح بتنفیذ عقوبة الإعدام بحق الفتيات بعمر 9 سنوات، والفتيان بعمر 15 سنة، إذا ما ارتكبوا جرائم”.

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان في إيران: “ندين إعدام القصّر في إيران.. وندين اعتقال عدد كبير من الإيرانيين بسبب مشاركتهم في تجمعات سلمية، على ما ذكر جاويد رحمان.. كما أن الاتحاد الأوروبي يطالب إيران بمنع تزويج الأطفال”.

كما ناقش مندوبو الاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، وبریطانیا، وبلجیکا، وألمانيا، والتشيك، أوضاع حقوق الإنسان في إيران، خلال الاجتماع، وأعربوا عن قلقهم بشأن تعامل الحکومة الإيرانية القمعي مع التجمعات السلمية.

أما ألمانيا فقد دعت إيران إلى التعاون مع المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان، “فملف حقوق الإنسان في إيران أمر جدي للغاية. كما أننا نعبر عن قلقنا تجاه عدم حصول المتهمين على محامين”.

ولم يختلف موقف الدنمارك كثيرًا، حيث قال ممثل الدنمارك: “نعبر عن قلقنا الشديد تجاه أحكام  الإعدام في إيران، وتعذيب المعتقلين، وكذلك انتهاك الحقوق المدنية، واعتقال ذوي الجنسيتين”.

ربما يعجبك أيضا