«رجل التعريفات».. تداعيات عكسية لرسوم ترامب الجمركية

كوارث تاريخية.. الرسوم الجمركية وتداعياتها على اقتصاد أمريكا

بسام عباس
صراع-الصين-وأمريكا-حول-الرسوم-الجمركية

قال الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، في منشور على منصة “Truth Social”، إنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على جميع السلع التي تدخل الولايات المتحدة من كندا والمكسيك، في أول يوم له في منصبه، حتى تمنع هذه الدول المخدرات والمهاجرين من عبور حدودها مع الولايات المتحدة.

وفي منشور مُنفصل، هدد أيضًا بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على جميع المنتجات القادمة من الصين، وفق ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يوم الاثنين 25 نوفمبر 2024.

تهديد مبالغ فيه

قال موقع “وورلد بوليتكس ريفيو”، أمس الثلاثاء 26 نوفمبر 2024، إن تبني ترامب للرسوم الجمركية على واردات شركاء الولايات المتحدة التجاريين معروف جيدًا في هذه المرحلة، كما هو الحال مع حقيقة أنه يستخدم في كثير من الأحيان التهديد برسوم جمركية مبالغ فيها للحصول على تنازلات من هؤلاء الشركاء.

وأضاف الموقع أن ترامب استخدم هذا التكتيك عدة مرات خلال ولايته الأولى، وأبرزها لإقناع كندا والمكسيك بإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، أو نافتا، واستبدالها في نهاية المطاف باتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، أو “يوسمكا”.

ومع ذلك، فإن حقيقة أن ترامب استخدم الرسوم الجمركية في كثير من الأحيان كتهديد قسري في الماضي، لا تعني أن الشركاء التجاريين يمكنهم أن يعتبروا أنه لن ينفذها، فخلال ولايته الأولى، استخدمها كأداة في المنافسة الاستراتيجية الأمريكية مع الصين، ولم يسلم حلفاء الولايات المتحدة أيضًا، فأثرت الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم على المكسيك وكندا وكوريا الجنوبية واليابان والاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

Shipping containers are seen in Nanjing, in eastern China's Jiangsu province, on October 17.

استراتيجية متطرفة

أوضح الموقع أن التأثير الاقتصادي لرسوم جمركية بنسبة 25٪ على جميع السلع المستوردة من كندا والمكسيك سيكون شديدًا، فواشنطن هي الشريك التجاري الأول لكلا البلدين بهامش كبير، ما يعني أن مثل هذه الضريبة لن تؤثر على اقتصاداتهما المحلية فحسب، بل سيكون لها تأثيرات من الدرجة الثانية على سلاسل التوريد العالمية.

ولكن التأثير سيكون محسوسًا بقوة داخل أمريكا أيضًا، كما حدث مع رسوم الصلب والألمنيوم خلال فترة ولايته الأولى، فستقوض هذه الخطوة قدرة الشركات الأمريكية على الوصول إلى الأجزاء اللازمة للتصنيع، وسيكون لها آثار على العمالة، حتى مع انتقال تكاليف الرسوم الجمركية على الأرجح إلى المستهلكين في شكل أسعار بيع بالتجزئة أعلى.

وأضاف أن هذه التهديدات تؤكد الدرجة التي أدرج بها ترامب أدوات السياسة، مثل التعريفات الجمركية والحمائية التجارية، التي كانت قد فقدت مصداقيتها منذ فترة طويلة، ولم يأخذ معظم صناع السياسات في واشنطن هذه الاستراتيجية إلى درجة التطرف التي يتبناها ترامب.

25dc tariffs wpbm articleLarge

سيارات متراصة على الحدود المكسيكية الأمريكية

تداعيات اقتصادية

أوضحت الباحثة إيريكا يورك، في تقرير نشره موقع “مؤسسة الضرائب”، 8 نوفمبر 2024، أن ما لا يقل عن 10 تقديرات بشأن الرسوم الجمركية التي اقترحها ترامب ستخلف تأثيرًا ضارًا على الاقتصاد الأمريكي، ما يدعم وجهة النظر القياسية بين خبراء الاقتصاد بأن الرسوم الجمركية تقلل التجارة، وغالبًا ما تقابل الرسوم الجمركية الأمريكية برسوم انتقامية تفرضها دول أخرى.

وذكر الخبير الاقتصادي الأمريكي، مات إيجان، في تقرير نشرته شبكة “سي إن إن”، الثلاثاء 26 نوفمبر 2024، أن الخبراء يخشون أن تفتح التعريفات الجمركية الواسعة النطاق الباب أمام الفساد مع سعي الشركات للحصول على إعفاءات، ويؤكد بول كروجمان، كاتب العمود في صحيفة “نيويورك تايمز”، نفس النقطة، مشيرًا إلى أن قانون التجارة الأمريكي يمنح السلطة التنفيذية سلطة تقديرية واسعة في تحديد التعريفات الجمركية، ومنح الإعفاءات.

تاريخ من الكوارث الاقتصادية

انتقد الباحث الاقتصادي توماس لورينزو، في تقرير نشره موقع معهد “ميزس”، 26 نوفمبر 2024، سياسة ترامب الجمركية، محذرًا من أن التعريفات الجمركية الحمائية ترتبط بتاريخ طويل من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية في أمريكا، والسبب المهم وراء ذلك هو أن التعريفات الجمركية الحمائية هي أداة سياسية للنهب والسرقة، وأن الشعب لا يرحب بالنهب والسرقة.

وذكر أنه في عام 1824، نجحت القوى الحمائية في الكونجرس في تمرير مشروع قانون تعريفات جمركية على القنب المستورد، ما ضاعف متوسط ​​معدل التعريفات الجمركية، ولكنه تسبب في خلق انقسام بين الشمال والجنوب الذي وصف هذا القرار بأنه “نظام سطو ونهب”، لأنه أضر بمزارعي الجنوب آنذاك.

وأضاف أن الركود الذي حدث في 1857 استُخدِم كذريعة لإقرار تعريفة موريل خلال دورة الكونجرس لعامي 1859 و1860، قبل انفصال الجنوب، ما ضاعفت متوسط ​​معدل التعريفة الجمركية إلى أكثر من 32%، وسعى وقتها لينكولن إلى غزو الولايات الجنوبية في حرب لتحصيل الضرائب، طغت عليها خطاباته بشأن “إنقاذ الاتحاد”، ولكن إنقاذ عائدات التعريفة الجمركية كان هدفه الحقيقي المعترف به.

ربما يعجبك أيضا