رحلة الأسد إلى روسيا.. تفاصيل العملية الأكثر سرية

شروق صبري
بوتين وبشار الأسد

رحل الرئيس السوري بشار الأسد دون أن يترك رسالة أخيرة لشعبه، حيث تم إيقاف جهاز الإرسال في الطائرة عمدًا لتجنب الكشف عنها أثناء مغادرتها قاعدة جوية في سوريا، وتم تنفيذ العملية بسرية تامة لدرجة أن شقيق الرئيس السوري نفسه لم يُبلّغ بها.

قبل عقد من الزمن، كان التدخل العسكري الروسي هو الذي أنقذ حكم الأسد من الانهيار، حين تدخلت موسكو لدعمه في حرب أهلية كان يبدو أنه يخسرها بينما كان يحاول قمعها بعنف، والآن مع اقتراب قوات المعارضة من دمشق، قدمت روسيا للأسد طريقًا للجوء.

إقناع الأسد باللجوء

وفقًا لما نشرته وكالة “بلومبرج” الأمريكية، احتاج الأسد بعض الإقناع من روسيا لمغادرة البلاد، حيث نسّق عملاء الاستخبارات الروسية مجيئه إلى موسكو. وذلك وفق ما نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، اليوم الجمعة 13 ديسمبر 2024.

خيارات السفر بالنسبة للأسد كانت محدودة دائمًا، كان حليفاه الرئيسان، روسيا وإيران، الوجهتين الواضحتين للجوء، وباختياره موسكو، يرى المراقبون أن الأسد اختار مكانًا مألوفًا يتماشى مع أسلوب حياته الباذخ، وفي الوقت ذاته مكانًا يتمتع باستقرار جيوسياسي نسبي.

لماذا روسيا؟

قال الخبير في الشأن السوري بجامعة ترينيتي في تكساس، ديفيد ليش، الذي التقى الأسد عدة مرات: “إنه رغم انتماء بشار وعائلته للطائفة العلوية لكنهم يُعتبرون علمانيين، لذا كانت روسيا دائمًا أكثر جاذبية لهم من إيران”، وأوضح “من وجهة نظر الأسد، فإن فلاديمير بوتين قادر على حماية عائلته”.

ويعتقد ليش، أنه من المرجح أن توفر روسيا رعاية طبية أفضل لزوجة الأسد، أسماء، التي شُخّصت بسرطان الدم في مايو 2024، وكانت أسماء قد ولدت في بريطانيا وتلقت تعليمها هناك.

علاقات سوريا وروسيا

ترتبط علاقات روسيا بأسرة الأسد منذ السبعينيات عندما عزز حافظ الأسد، والد بشار، موقع سوريا في الفلك السوفيتي، وفي عام 2015، تلقت العلاقة بين البلدين دفعة جديدة بعد تدخل بوتين في الحرب الأهلية السورية.

في السنوات التي تلت ذلك، قضى أبناء الأسد وأبناء النخبة السورية عطلاتهم في معسكرات صيفية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا. كما أُرسل ابنه الأكبر، حافظ، للدراسة في جامعة “معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية” المرموقة.

علاقات باردة

اشترى أقارب الأسد وغيرهم من أفراد العائلة عشرات الملايين من الدولارات من العقارات في أحياء ناطحات السحاب الفاخرة في موسكو. ومع ذلك، رغم اعتماد سوريا المتزايد على موسكو، ظلت العلاقة الشخصية بين الأسد وبوتين باردة.

فبينما بدا أن بوتين كوّن صداقات حقيقية مع بعض القادة العالميين، مثل رئيس الوزراء الإيطالي السابق، سيلفيو برلسكوني الذي استضافه في جولات على مزارع النبيذ في القرم، أبقى الأسد على مسافة بعيدة، وظل الزعيمان متحفظين تجاه بعضهما البعض لسنوات. ومع ذلك، شدد الكرملين على أن قرار إجلاء الأسد كان قرار بوتين الشخصي.

الأسد في سوريا

قال دبلوماسي روسي سابق إن مقاطع الفيديو التي أظهرت مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي على يد حشد غاضب عام 2011 تركت انطباعًا عميقًا لدى المسؤولين الروس وبوتين نفسه، وأضاف: “حتى لو كان بوتين غير متوافق مع الأسد، لم يكن أبدًا ليسمح بأن يفترسه المتمردون”، وبينما يواجه الأسد موقعًا من العزلة في العاصمة الروسية، لكنه يعيش حياة مريحة ولكن معزولة، طالما بقي بوتين في السلطة.

ولم تنشر وسائل الإعلام الحكومية الروسية حتى الآن أي صور للأسد داخل البلاد، وهي إشارة واضحة إلى أن موسكو حريصة على إبقائه بعيدًا عن العناوين الرئيسة، بينما تبني علاقاتها مع الحكام الجدد في سوريا.

ولتمويل إقامته في روسيا، من المحتمل أن يتمكن الأسد من الوصول إلى بعض أمواله التي تبلغ قيمتها 2 مليار دولار، والتي يُعتقد أنها في حسابات خارجية.

ربما يعجبك أيضا