تعود فكرة البورصة إلى العصور الوسطى، عندما بدأ التجار في أوروبا يجتمعون في أماكن معينة لتبادل السلع والعقود التجارية، كان من الضروري وجود أماكن تتيح لهم الالتقاء وإبرام الصفقات، وظهرت هذه الأسواق المنظمة تدريجيًا لتشمل الأوراق المالية.
إحدى أقدم المحطات في تطور البورصة كانت في مدينة بروج البلجيكية، حيث اعتاد التجار التجمع أمام منزل عائلة “فان دير بورص” (Van der Bourse). ويُعتقد أن اسم “البورصة” نشأ من هذا التجمع، الذي كان بمثابة سوق مالية بدائية.
تطور الفكرة
تقول صحيفة “ساوث اتشينا مورنينج بوست” في تقرير نشر الخميس 27 مارس 2025، إنه مع مرور الوقت، تطورت هذه الفكرة وانتشرت في المدن الأوروبية الكبرى، حيث بدأ المستثمرون في التعامل بالعقود المالية بدلًا من الاقتصار على السلع التقليدية.
ومع ازدياد حركة التجارة والاقتصاد، أصبح من الضروري إيجاد أنظمة أكثر تنظيمًا، وهو ما أدى إلى إنشاء أولى البورصات الرسمية.
أول بورصة رسمية وبداية التداول في الأسهم
رغم أن سوق بروج كان واحدًا من أوائل أماكن التجمع التجاري، فإن أول بورصة رسمية تأسست عام 1531 في مدينة أنتويرب البلجيكية، كانت هذه البورصة الأولى من نوعها، حيث اجتمع فيها السماسرة والتجار لتداول الأوراق المالية والعقود التجارية بطريقة منظمة.
لم يكن هناك تداول للأسهم كما نعرفها حاليًا، بل كانت عمليات البيع والشراء تركز على السندات الحكومية والأذونات التجارية، أما بداية تداول الأسهم فكانت في بورصة أمستردام عام 1602، مع تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية، التي كانت أول شركة تصدر أسهمًا قابلة للتداول.
أتاح هذا النظام الجديد للمستثمرين شراء حصص في الشركة، مما وفر مصدرًا إضافيًا للتمويل وساعد في توسيع أنشطتها التجارية. كان هذا الحدث نقطة تحول في تاريخ الأسواق المالية، حيث أدى إلى ظهور أنظمة استثمار أكثر تطورًا.
انتشار البورصات في أوروبا والعالم
بعد نجاح تجربة أمستردام، انتقلت الفكرة إلى مدن أخرى، حيث ظهرت بورصات جديدة في أماكن مختلفة. تأسست بورصة لندن عام 1698، بعد أن بدأ السماسرة في التجمع في المقاهي لمناقشة الأسعار وتبادل الأسهم.
ومع مرور السنوات، تم إنشاء سوق منظمة لتداول الأسهم والسندات، مما جعلها واحدة من أهم المراكز المالية في العالم.
وفي الولايات المتحدة، تم تأسيس بورصة نيويورك عام 1792 بعد توقيع “اتفاقية بوتونوود”، حيث اجتمع مجموعة من السماسرة تحت شجرة جميز في شارع “وول ستريت” وبدأوا بتداول الأسهم بشكل منظم، ساهمت هذه البورصة في تطوير الاقتصاد الأمريكي وأصبحت مع مرور الوقت أهم بورصة في العالم، حيث يتم تداول مليارات الدولارات يوميًا.
تطور أنظمة التداول وتأثير التكنولوجيا
في البداية، كانت عمليات التداول تتم يدويًا، حيث يجتمع السماسرة في قاعات البورصة ويتبادلون الأوامر بشكل مباشر. ولكن مع تطور التكنولوجيا، شهدت الأسواق المالية تغييرات جذرية. في القرن العشرين، بدأت البورصات في استخدام الأنظمة الإلكترونية، ما جعل عمليات البيع والشراء أسرع وأكثر دقة.
أصبحت الأسواق المالية تعتمد على الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، مما يسمح بإجراء الملايين من المعاملات في أجزاء من الثانية. كما أن التداول أصبح متاحًا للجميع عبر الإنترنت، حيث يمكن لأي شخص الاستثمار في الأسهم من أي مكان في العالم.
أهمية البورصة في الاقتصاد العالمي
تلعب البورصة دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد العالمي، حيث توفر وسيلة لجمع التمويل اللازم لتطوير الشركات والمشاريع. من خلال تداول الأسهم والسندات، يمكن للشركات الحصول على رأس المال اللازم للتوسع، في حين يحصل المستثمرون على فرص لتنمية ثرواتهم.
كما تساعد البورصات في تحقيق استقرار اقتصادي، حيث تعكس أسعار الأسهم الوضع المالي للشركات وتساعد الحكومات والمستثمرين على اتخاذ قرارات اقتصادية مدروسة. وبفضل الأنظمة المالية المتطورة، أصبحت البورصات اليوم واحدة من أهم الأدوات الاقتصادية التي تؤثر على الأسواق العالمية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2177409