رحلة النفايات بعد وضعها في صناديق التدوير

أحمد عبد الحفيظ
علماء روس يبتكرون وقوداً صناعياً من النفايات البلاستيكية

بمجرد وضعك للنفايات في حاوية إعادة التدوير، تبدأ رحلة طويلة تمر بعدة مراحل. في البداية تُنقل إلى مرافق الفرز، حيث يتم فصل المواد الصالحة لإعادة التدوير عن غيرها.

تقول مجلة “الإيكونوميست” في تقرير نشر الخميس 20 مارس 2025، إن المشكلة تكمن في أن الكثير من المواد تكون ملوثة أو غير مطابقة للمعايير المطلوبة. البلاستيك، على سبيل المثال، يأتي بأنواع متعددة وبعضها غير قابل لإعادة التدوير اقتصاديًا أو تقنيًا.

أزمة ما بعد الحظر الصيني

في الدول الغربية، تُصدّر كميات ضخمة من النفايات إلى دول نامية مثل ماليزيا وفيتنام، حيث غالباً ما يتم فرزها يدوياً في ظروف عمل سيئة. الكثير من هذه المواد لا تجد طريقها إلى المصانع، بل تُلقى في المكبات أو تحرق في الهواء الطلق، مما يؤدي إلى مشكلات بيئية وصحية خطيرة.

كانت الصين لسنوات طويلة الوجهة الرئيسية لنفايات العالم القابلة لإعادة التدوير، حيث كانت تستورد ملايين الأطنان سنوياً. لكن في عام 2018، فرضت الصين حظراً شاملاً على استيراد معظم أنواع النفايات البلاستيكية والورقية بسبب المشكلات البيئية الخطيرة التي سببتها.

هذا الحظر كشف عن هشاشة نظام إعادة التدوير العالمي، حيث تراكمت النفايات في الدول المُصدرة وارتفعت نسبة المواد التي يتم التخلص منها محلياً بدلاً من إعادة تدويرها.

الاقتصاد يتحكم في عملية التدوير

أحد العوامل الحاسمة في نجاح أو فشل إعادة التدوير هو الجانب الاقتصادي. عندما تكون أسعار المواد الخام مثل البلاستيك أو المعادن منخفضة، تصبح عملية إعادة تدوير هذه المواد غير مجدية اقتصادياً.

فالشركات تجد أنه من الأرخص شراء مواد خام جديدة بدلاً من الاعتماد على المواد المعاد تدويرها. لهذا السبب، تتراجع معدلات التدوير في أوقات انخفاض الأسعار العالمية، ويزداد الاعتماد على الحرق أو الطمر.

مأزق البلاستيك

البلاستيك هو أكبر تحديات إعادة التدوير في العالم. فعلى الرغم من أن أغلبنا يفترض أن كل المواد البلاستيكية قابلة لإعادة التدوير، إلا أن الحقيقة هي أن نسبة ضئيلة فقط  تقدر بأقل من 10% عالمياً يعاد تدويرها فعلياً.

الباقي ينتهي في المحيطات أو مكبات النفايات أو يُحرق، السبب يكمن في أن أنواعاً كثيرة من البلاستيك لا يمكن معالجتها أو أنها تتدهور نوعيتها بعد إعادة تدويرها مرة أو مرتين، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام الصناعي مجدداً.

الحلول المقترحة

يرى الخبراء أن الحل لا يكمن في تحسين عمليات إعادة التدوير فقط، بل في تقليل الاستهلاك أصلاً، خاصة للمنتجات ذات الاستخدام الواحد مثل الأكياس والزجاجات البلاستيكية.

كما تدعو بعض المنظمات إلى إعادة تصميم المنتجات لتكون أكثر قابلية لإعادة التدوير، بالإضافة إلى دعم “الاقتصاد الدائري” الذي يهدف إلى إبقاء الموارد في دائرة الاستخدام لأطول فترة ممكنة.

كذلك، على الحكومات أن تلعب دوراً أكبر من خلال سنّ تشريعات تُلزم الشركات بتحمل مسؤولية منتجاتها بعد الاستهلاك، وتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية لإعادة التدوير.

الرسالة الأهم

الخلاصة أن إعادة التدوير ليست كافية وحدها لحل أزمة النفايات العالمية، صحيح أنها جزء من الحل، لكنها يجب أن تأتي ضمن استراتيجية أشمل تركز على خفض الاستهلاك وتغيير عادات الإنتاج والتسوق.

فبدون هذه التغييرات الجذرية، ستظل النفايات تتراكم وسنواصل مواجهة آثار بيئية واقتصادية سلبية متزايدة.

ربما يعجبك أيضا