كان من المتوقع استمرار العمل المسلح ضد الرئيس السوري، بشار الأسد، لكن لم يكن من المتوقع الموقف الإيراني الذي اختار الرهان على الورقة الرابحة.
اختارت طهران العمل في إطارها الإقليمي، وهو ما ترجمه دعوتها لاجتماع مسار أستانا في الدوحة، في ظل ما تواجهه من تحديات إقليمية ورغبتها في الحفاظ على مكتسباتها من الحوار مع دول الجوار، منذ مصالحتها مع السعودية، مارس 2023م.
السفارة الإيرانية في دمشق
واقعية المشهد
دل التريث الإيراني في مساندة الأسد عسكريًا والاكتفاء بالتصريحات المؤكدة على موقفها من التنظيمات المسلحة ومساندتها لوحدة الأراضي السورية، على أن طهران تتعامل بواقعية في التعامل مع المشهد السوري، في ظل سياسة فرض الأمر الواقع التي مارستها تركيا الداعمة لجانب من تلك التنظيمات المسلحة.
وكانت هذه الرؤية واضحة داخل المؤسسة الإيرانية حتى بالنسبة للدبلوماسيين السابقين، إذ قال علي أكبر صالحي، وزير الخارجية في حكومة أحمدي نجاد والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية، في تجمع مساء الأربعاء 4 ديسمبر: إن أوضاع سوريا مختلفة مقارنة بالماضي وقوة هذا البلد أصبحت أضعف من ذي قبل.
وأضاف: الوضع الاقتصادي في سوريا سيء للغاية لدرجة أن جنرال الجيش السوري يتقاضى راتباً قدره مائة دولار شهريًا.
بيان الخارجية الإيرانية
جاء بيان الخارجية الإيرانية بعد رحيل الأسد، اليوم الأحد 8 ديسمبر، بما يظهر أن طهران تراقب ما ستؤول إليه الأوضاع في المرحلة المقبلة داخل سوريا مع الرهان على المرحلة المقبلة. فقد جاء في البيان: إن مصير سوريا هو مسؤولية الشعب السوري وحده ويجب أن يتحدد دون فرض أجنبي أو تدخل هدام.
وأضاف البيان: إن طهران لن تدخر جهداً في المساعدة على إرساء الأمن والاستقرار في سوريا.
دور قادم
جاء البيان الإيراني في إطار نتائج اجتماع مسار أستانا على هامش منتدى الدوحة، أمس السبت 7 ديسمبر، إذا حافظت إيران على تأكيد مشاركتها في هذا المسار، فجاء في البيان: تدعم إيران الآليات الدولية المستندة إلى قرار الأمم المتحدة رقم 2254 لمتابعة العملية السياسية في سوريا كما في الماضي، وتواصل العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة في هذا الصدد.
كما أشار بيانها إلى أن طهران ستراقب التطورات في سوريا والمنطقة عن كثب وستتبنى النهج والمواقف المناسبة. وأنها تأكيداً على مكانة سوريا كدولة مهمة ومؤثرة في منطقة غرب آسيا، فإنها ستواصل مشاوراتها مع كافة الأطراف المؤثرة.
كذلك أشار البيان إلى استمرار العلاقات، فقال: إن العلاقات بين البلدين إيران وسوريا لها تاريخ طويل، ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقات مع النهج الحكيم وبعيد النظر للبلدين على أساس المصالح المشتركة وتحقيق الأهداف والالتزامات القانونية.
حصول على ضمانات
يبدو أن إيران قد تخلت عن الأسد في إطار ضمانات قد حصلت عليها من منافستها تركيا التي لها يد عليا في تحريك جانب من التنظيمات المسلحة، ولذلك حرصت طهران على استكمال مسار أستانا، ليس من أجل الأسد، ولكن من أجل الحفاظ على تفاعلها الإقليمي.
وتشير تحركات الجماعات المسلحة في أيام الزحف نحو دمشق، إلى أن الأمر كان مرتبًا بعدم إنهاك الجيش السوري في مقاومة تلك الجماعات، وأن هناك توجيهات لها بالالتزام بما يظهرها بصورة مقبولة أمام المجتمع الدولي، منها عدم التعرض للأماكن المقدسة والأقليات الدينية وكذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم السيطرة على إدارة المعابر الدولية.
وقد أشار الكاتب الإيراني، سيد جلال ساداتيان، في صحيفة آرمان ملي، اليوم الأحد، إلى أن محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، بعث برسالة إلى إيران مفادها أنه من وجهة نظره يمكن لسوريا أن تقيم علاقات استراتيجية مع طهران.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2070021