للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية مكاسب مشتركة، للغرب الذي يريد كبح البرنامج النووي لإيران، وأيضًا للنظام العاجز عن مواجهة الاحتجاجات.
منذ سبتمبر 2022، توقفت محادثات القوى الدولية الهادفة إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة 2015، المعروفة باسم “الاتفاق النووي الإيراني”.
وتتهم القوى الغربية طهران بتقديم مطالب غير معقولة. وزادت الصعوبات أمام محاولات إنقاذ الاتفاق، مع بدء الاحتجاجات الشعبية في إيران والحرب الروسية في أوكرانيا.
عبداللهيان إلى سلطنة عمان
التقى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، صباح اليوم الأربعاء 28 ديسمبر 2022، سلطان عمان، هيثم بن طارق آل سعيد، في العاصمة العمانية مسقط، ومن المقرر أن يلتقي عبداللهيان مسؤولين عمانيين آخرين في هذه الزيارة.
وشدد الوزير لدى وصوله مسقط، أمس الثلاثاء، على أن البلدين عقدا دائمًا مشاورات ثنائية في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مضيفًا: “عمان مركز الحوار الإقليمي بشأن قضايا متنوعة، ولعب مسؤولوها دائمًا دورًا إيجابيًّا في الملفات المتعلقة بإيران”، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الأيرانية (إرنا).
ملفات على طاولة زيارة عبداللهيان
أعلن وزير الخارجية الإيراني أن زيارته إلى مسقط ستبحث قضايا اليمن وأفغانستان وأوكرانيا، مشيرًا إلى أنه يحمل رسالة من الرئيس الإيراني لسلطان عمان، ونوه بأن السلطات العُمانية لعبت دائمًا دورًا إيجابيًّا وبناءً في تقريب وجهات نظر إيران بشأن الاتفاق النووي، والوصول إلى الخطوات النهائية.
وتعليقًا على زيارة عبداللهيان، قال خبير الشؤون الدولية، حسن بهشتي بور، في تقرير نشرته شبكة “شرق“، أمس الثلاثاء، إن إحياء الاتفاق النووي بأي شكل من الأشكال هو في مصلحة إيران، ولا توجد طريقة أخرى غير التفاوض والحوار مع الولايات المتحدة أولًا، قبل أوروبا، محذرًا من اتباع إيران نفس السياسة السابقة، إذا كانت تريد التوصل إلى نتيجة.
تحركات على هامش «بغداد2»
على هامش مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة “بغداد 2“، الذي استضافته الأردن، الأسبوع الماضي، التقى وزير الخارجية الإيراني منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل. وأبلغه باستعداد طهران لإتمام الاتفاق النووي، مع مراعاة “الخطوط الحمراء”.
وشهد المؤتمر كذلك لقاءً بين وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، ومنسق الخارجية الأوروبية، حسب ما ذكرته وزارة الخارجية العمانية، عبر موقعها الإلكتروني. ولعبت السلطنة دورًا في الوساطة بين إيران والولايات المتحدة، قبل إعلان الاتفاق النووي عام 2015.
الابقاء على الإتفاق
رغم التصريحات الأمريكية السلبية تجاه التفاوض بشأن الاتفاق النووي، قال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي، في حوار مع راديو “آزادي” عن إعلان موت الاتفاق: “ليس من مهمتي كتابة تأبين، بل الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة والدفع بها قدمًا”.
وعن إمكانية استئناف المفاوضات، قال مالي: “ما زلنا نؤمن بالدبلوماسية، ولا يهم ما حدث في الأشهر الأخيرة. ما زلنا نؤمن بأن أفضل طريقة لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي هو التوقيع على الاتفاق. نحن على استعداد لمواصلة السير في المسار الدبلوماسي”.
هل تعود المفاوضات الإيرانية؟
أعادت تصريحات مالي الأمل لإمكانية استئناف الحوار مع إيران، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دعمه للمحتجين، وقال في تجمع انتخابي، يوم 4 نوفمبر الماضي، إن الاتفاق النووي “مات لكن لن نعلن وفاته رسميًّا”.
وبعدها قال منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن “الاتفاق النووي ليس في تركيزنا حاليًّا. نحن ببساطة لا نرى اتفاقًا قريبًا ما دامت إيران تواصل قتل مواطنيها وبيع الطائرات من دون طيار إلى روسيا… نركز على مواجهة إيران في تلك المجالات وليس على الصفقة الإيرانية”.
محادثات غير معلنة
نقلت صحيفة “الجريدة” عن مصدر دبلوماسي أوروبي، أن الاحتجاجات المتواصلة في إيران مثلت ضغوطًا على طهران، دفعتها لقبول عرض أوروبي عمره أكثر من 3 أشهر، لإجراء مفاوضات مباشرة وسرية مع واشنطن، مشيرًا إلى أن إيران طلبت من قطر وعُمان التوسط لدى الأوروبيين لإعادة طرح اقتراحهم.
وحسب المصدر، طلبت إيران تعديلات غير أساسية على الاقتراح القديم، بينها أن تكون المباحثات غير علنية، وأن تتزامن مع مساعٍ لحل الخلافات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ضمنها التحقيق في العثور على يورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة.
وقال إن طهران طلبت كذلك أن توقف الدول الغربية دعم المعارضة الإيرانية في الداخل، في إشارة إلى الاحتجاجات المتواصلة منذ 3 أشهر، لافتًا إلى أن أحد أسباب قبول الأوروبيين بإحياء العرض، هو حصولهم على تعهدات من طهران بوقف جميع اتفاقيات تزويد موسكو بطائرات مسيَّرة وصواريخ بالستية.
تمهيد الداخل للمحادثات
يحاول النظام الإيراني تمهيد الرأي العام للعودة إلى المحادثات، بصورة لا تبدو فيها طهران أنها استجابت للضغوط الغربية، بسبب الاحتجاجات، ونقل موقع “روزبلس” عن الرئيس إبراهيم رئيسي، أمس، قوله إن الغربيين يبعثون الرسائل عبر مختلف القنوات بأنهم مستعدون للتفاوض، ولا يعتزمون دعم الفوضى.
وكتبت صحيفة “كيهان“، المقربة من معسكر المرشد الأعلى، تمهيدًا للمحادثات: “اليوم بعد أن خمدت أعمال الشغب (الاحتجاجات) بوعي الشعب وحضوره الواعي والمسؤول في الشارع، شعرت الأطراف الغربية وعلى رأسها أمريكا بخيبة أمل كبرى. واليوم وبكل صراحة يبعثون برسائلهم إلى طهران للتفاوض.”
مصالح متبادلة
يبدو أن إيران في حاجة للعودة إلى المحادثات النووية، من أجل إعلان انتهاء حركة الاحتجاجات المشتعلة منذ منتصف سبتمبر. وكذلك لدى الولايات المتحدة حاجة للعودة إلى هذه المحادثات، لضمان كبح البرنامج النووي لإيران وإعادة الهدوء إلى منطقة الشرق الأوسط.
وتخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها خطورة الأساليب البديلة، مثل العواقب غير المتوقعة لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، إضافة إلى الاعتقاد بأنه ما زال يوجد متسع من الوقت لتغيير مسار طهران، حتى لو كانت تتقدم ببطء نحو صنع مواد انشطارية، فهي لم تتمكن من صنعها بعد، ولم تتمكن حتى الآن من تقنية صنع قنبلة نووية.
استراتيجية أمريكية جديدة لإدارة المفاوضات النووية
في مقاله بصحيفة “شرق“، قال المحلل السياسي، أردوان أصلاني، إن الولايات المتحدة غيرت من استراتيجيتها بشأن المفاوضات النووية، بعد دعم طهران موسكو في الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أنه رغم الدعم الإيراني الصريح لروسيا، فإن ذلك لم يؤد لإنهاء المفاوضات تمامًا، ولا يزال بابها مفتوحًا.
وأوضح أن واشنطن بدأت بتغيير استراتيجيتها في المفاوضات، لتشمل ممارسة ضغط دولي على إيران، عبر الكشف عن دورها في الحرب الروسية الأوكرانية، في محاولة أمريكية لإجبار طهران على التراجع عن دعم روسيا والعودة إلى الاتفاق النووي”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1390825