روسيا «الخطر الأكبر».. تفاصيل أول استراتيجية للأمن القومي الألماني

محمد النحاس
المستشار الألماني أولاف شولتز

تطرقت الاستراتيجية إلى سبل التعامل مع روسيا والصين، ولكيفية مواجهة المعلومات المضللة والهجمات السيبرانية.


على وقع توترات جيوسياسية وتحولات عالمية، ومخاطر إقليمية تسعى لمواكبتها، أعلنت الحكومة الألمانية استراتيجيتها للأمن القومي، وهي الأولى من نوعها.

وتأتي الاستراتيجية متكاملة الجوانب، وتهدف إلى معالجة جملة من التحديات والمخاطر على الصعيد العسكري والاقتصادي والاجتماعي، وتطرقت لسبل التعامل مع روسيا والصين، وكيفية مواجهة المعلومات المضللة والهجمات السيبرانية.

ركائز أساسية

قال المستشار الألماني، أولاف شولتز، الأربعاء 14 يونيو 2023، إن “الاستراتيجية الجديدة -التي تعهد تحالفه الحاكم المكون من 3 أحزاب بوضعها عندما تولى منصبه في نهاية عام 2021- اكتسبت أهمية إضافية منذ هجوم روسيا على أوكرانيا”، وفقًا لما أفادت به وكالة أنباء أسوشيتد برس الأمريكية.

لتوضيح خطوطها العريضة، صرح شولتز، في مؤتمر صحفي في برلين مع 4 من كبار وزرائه، بوجود “3 أشياء ضرورية، بدايةً من قوة مؤسساتنا الديمقراطية، وثانيًا قوة اقتصادنا، وثالثًا تماسك مجتمعنا”.

وتأتي الوثيقة مع احتدام الحرب في أوكرانيا، وزيادة المخاطر السيبرانية، واحتمالات استهداف البنية التحتية الحيوية والتنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتحديات التي تفرضها كل هذه العوامل شديدة التداخل. وهو ما حاولت الاستراتيجية الجديدة التي تصوغها برلين للمرة الأولى في تاريخها الاشتباك معه، وتحديد سبل ومقاربات معالجة هذه الجوانب.

الأمن أكثر أولوية

تقدم الوثيقة نظرة عامة عن السياسة الخارجية لبرلين، التي تحولت نحو إعطاء الأولوية للأمن أكثر من المصالح الاقتصادية منذ الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في 24 من فبراير 2022، وفق تقرير لوكالة أنباء رويترز.

ولم تخُض الوثيقة التي تبلغ صفحاتها 76 صحفة في السياسات التفصيلية، بما في ذلك السياسة الخارجية، لكن يخطط المسؤولون الألمان لوضع استراتيجيات أكثر تفاصيل مستقبلًا، وجرى إرجاء فكرة مجلس الأمن القومي (على غرار تلك المجالس الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا)، بحسب أسوشيتد برس.

مفهوم أمني متكامل

تعكس الوثيقة توجه ألمانيا نحو صياغة مفهوم أمني أكثر تكاملًا يتجاوز الجوانب العسكرية والأمنية إلى الاقتصاد، وما يتعلق به من تقليل الاعتماد أحادي الجانب في مجالات اقتصادية حيوية مثل الطاقة والمواد الخام الضرورية للصناعات المختلفة.

وقال شولتز إن “البيئة السياسية الأمنية تغيرت إلى حد كبير مما كانت عليه قبل عام ونصف”.

وبحسب المستشار الألماني “يجب أن تعمل جميع الوسائل والأدوات معًا لحماية بلدنا من التهديدات الخارجية”.

وأشار إلى ضرورة التعاون في ما يتعلق بالجانب الأمني لصد الهجمات الإلكترونية، وتنويع سلاسل التوريد.

ماذا عن روسيا والصين؟

بشأن روسيا، جاء في الوثيقة أنها تمثل أكبر تهديد للسلام والأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية في المستقبل المنظور، وأوضحت: “نحن نعيش في عالم متعدد الأقطاب، وتحاول بعض الدول إعادة تشكيل النظام الدولي”.

وقالت الوثيقة إن “الصين تحاول بطرق مختلفة إعادة تشكيل النظام الدولي القائم على القواعد، وتدعي بعدوانية أكثر السيادة الإقليمية، وتتصرف باستمرار بشكل يتعارض مع مصالحنا”، وعلى الرغم من أن الاستراتيجية رأت الصين “منافسًا منهجيًا”، أشارت إلى أنها “شريك”.

وتُعد الصين الشريك التجاري الأكبر لألمانيا، وبلغ إجمالي التجارة بين البلدين خلال العام الماضي 2022 ما يقرب من 323 مليار دولار، أي ما يقدر بـ8% من إجمالي ناتج الاقتصاد الألماني، غير أن عددًا من الأصوات تصاعدت بشأن ضرورة عدم تكرار “أخطاء ألمانيا في العلاقة مع روسيا مع الصين”، في إشارة إلى الاعتماد “المفرط” على الغاز الروسي.

تهديدات ومخاطر

وفقًا للاستراتيجية الأمنية، يجب النظر في التهديدات الخارجية والداخلية المستقبلية المحتملة، بما في ذلك المخاطر العسكرية، والهجمات السيبرانية والهجمات المحتملة على البنية التحتية الحيوية.

وتطرقت الوثيقة للمخاطر والتهديدات المرتبطة بالتغيّر المناخي، وضمن هذه المخاطر المجاعات والأمراض، وتزايد الصراعات في جميع أنحاء العالم.

وكانت الحرب بين روسيا وأوكرانيا عاملًا رئيسًا دفع ألمانيا إلى إعلان “نقطة تحول” في الإنفاق الدفاعي، وخططت إثر هذه المستجدات إلى رفعه إلى مستوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024، وهو الهدف الذي يحدده حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأعضائه.

اقرأ أيضًا| التضخم في ألمانيا يبلغ أعلى معدلاته خلال 70 عامًا

اقرأ أيضًا| تباطؤ الاقتصاد الألماني في الربع الأول من 2023

ربما يعجبك أيضا