مساعٍ روسية للتخلص من هيمنة الغرب النقدية، لكن الأمر ليس سهلًا، لأن هذه المساعي تواجه تحديات جدية.
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 من فبراير 2022، زادت العزلة المفروضة غربيًّا على روسيا، لكن هذه العزلة لم تقتصر على الجانب السياسي.
فقد تعدى الأمر إلى عقوبات اقتصادية قاسية وغير مسبوقة، كانت تهدف إلى شل أركان الاقتصاد الروسي، غير أن موسكو في محاولتها للالتفاف على العقوبات، ابتعدت عن العملات الغربية، لتستبدل بها عملات دول أخرى، لكنها تواجه مشكلات “فنية”.
تراكم للعملة الهندية
لدى روسيا مليارات الروبيات (عملة الهند) المتراكمة في البنوك الهندية، والتي تستخدم كبديل للدولار الأمريكي، لكن روسيا أقرت بوجود مشكلة ترتبط بإمكانية تحويل الروبية إلى عملات أخرى، وفقًا لما نقل موقع “بيزنس إنسايدر إنديا”، المعني بشؤون المال والاقتصاد.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في إفادة صحفية أمس الأول الجمعة 5 مايو 2023: “بالنسبة إلى اتعامل بالروبية فهذه مشكلة، لأن مليارات الروبيات متراكمة في حسابات بالبنوك الهندية، ونحن بحاجة إلى استخدام هذه الأموال”، موضحًا: “لهذا يجب تحويل الروبية إلى عملات أخرى” ولفت إلى أن الأمر “قيد المناقشة”، وفقًا لوكالة أنباء رويترز.
يأتي ذلك بعد أن علقت روسيا والهند المفاوضات بشأن استخدام الروبية في التجارة بين البلدين. ويعد توقف المحادثات “ضربة” للمستوردين الهنود للنفط والفحم الروسي ذي التكلفة المنخفضة، فقد كانوا يتطلعون إلى آلية سداد مستدامة بالروبية، ومن شأن ذلك أن يساعد في خفض تكاليف تحويل العملات بالنسبة إلى المشترين الهنود، كما توضح رويترز.
فائض ضخم
ترى روسيا أنه مع وجود فجوة تجارية كبيرة لصالحها، سيكون لديها فائض روبية سنوي تزيد قيمته على 40 مليار دولار، حال تفعيل الآلية. وفي هذا الصدد، قال مسؤول هندي لم يذكر اسمه، إن موسكو باتت تشعر أن تكديس الروبية “أمر غير مرغوب فيه”، حسب ما نقلت وكالة أنباء رويترز، التي كانت أول من يغطي هذه القضية.
ويأتي التردد الروسي بسبب عدم استقرار أسعار صرف الروبية، ما قد يكلف موسكو خسائر كبيرة. وحسب “بيزنس إنسايدر إنديا”، يميل الروس إلى التعامل باليوان الصيني بدلًا عن الروبية.
الميزان التجاري بين الهند وروسيا
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ارتفعت صادرات روسيا إلى الهند إلى 51.3 مليار دولار حتى 5 إبريل الماضي، بعد أن كانت تقدر بـ 10.6 مليار دولار قبل عام من نفس الفترة، وفقًا لمسؤول حكومي هندي آخر، لم تسمه رويترز.
وقفزت صادرات النفط إلى ما يزيد على 12 ضعفًا مما كانت عليه قبل الحرب، في ظل تخلي الأسواق الأوروبية شبه الكلي عن الطاقة الروسية.
ومع ذلك، ليست العلاقات بين البلدين الطموحين بأحسن حال، فحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية الشهر الماضي، قاد نزاع بين موسكو ونيودلهي على شحنات الأسلحة الروسية للهند، إلى تعطل ما يزيد على ملياري دولار، كان يفترض أن تسلمها الهند إلى روسيا.
هيمنة الدولار
كانت نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، قالت إن العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي من شأنها تقويض هيمنة الدولار، لأنها قد تدفع التكتلات المالية الأقل حجمًا للسعي لاستخدام عملات بديلة، وذلك في حديث لها مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
ويهيمن الدولار على أكثر الصفقات العالمية، حتى تلك التي لا تشترك فيها الولايات المتحدة، في حين تسعى روسيا حثيثًا لزعزعة هذه الهيمنة. ومع ذلك يبدو أن الصعوبات التي تواجه الروس في إتمام بعض الصفقات وفي تحويل العملات “البديلة”، لن تعيق فقط مرامي الكرملين لتقويض هيمنة الدولار، بل قد تقود إلى تحديات جدية في الانتفاع من عائدات النفط “الرخيص”.
وفي نفس الوقت، يعتبر الكرملين أن مسار “العملات البديلة” أمر حتمي بالنسبة إليه، في ظل العقوبات المفروضة على اقتصاد الاتحاد الروسي من نظام مالي عالمي يهيمن عليه الغرب. وكانت الدول الغربية قد طردت روسيا من نظام التبادل المالي العالمي الأبرز، سويفت.
اقرأ أيضًا: لماذا لا تلتزم اليابان بسقف أسعار الطاقة الروسية؟
اقرأ أيضًا: نظام مالي متعدد الأقطاب.. «الرنمينبي» في طريقه لإزاحة الدولار
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1505787