روسيا رفعت سعر الفائدة.. ماذا تعكس الخطوة المفاجئة؟

آية سيد
خطوة مفاجئة.. لماذا رفعت روسيا سعر الفائدة؟

اتخذت روسيا إجراء صارمًا لكبح التضخم خوفًا من آثار الإنفاق المتصاعد على الحرب في أوكرانيا وضعف الروبل.


اتخذ البنك المركزي الروسي خطوة غير متوقعة برفع سعر الفائدة القياسي، ليصل إلى 8.5% من 7.5%.

وحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمس الأول الجمعة 21 يوليو 2023، اتخذت موسكو هذا الإجراء الصارم لكبح التضخم، خوفًا من آثار الإنفاق المتصاعد على الحرب في أوكرانيا وضعف الروبل الروسي.

مخاوف من التضخم

كان هذا أول رفع كبير لسعر الفائدة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وقد حذر البنك المركزي الروسي من احتمالية حدوث زيادات أخرى.

اقرأ أيضًا| خنق سلاسل الإمداد.. كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية في اقتصاد العالم؟

وفي تصريحات إلى نيويورك تايمز، قال رئيس فريق الاقتصاد الجغرافي بشركة “أوراسيا جروب” للاستشارات، روبرت كان: “إنها مفاجأة تعكس قلق البنك المركزي بشأن التضخم وأداء الاقتصاد، أكثر من تقديراتنا” ما يشير إلى أن “الحرب تثبت أنها مزعزعة للنشاط الاقتصادي وتزيد الضغوط التضخمية”.

تداعيات الحرب

رأى الخبراء أنه إذا كانت فكرة أن العقوبات ستتسبب في التوقف التام للاقتصاد الروسي قد تلاشت، فإن آثار الحرب لا تزال تُلقي بظلالها على الاقتصاد بطرائق أخرى، منها الإنفاق العسكري المرتفع، ونقص العمالة والميزان التجاري الآخذ في التدهور.

ووفق نيويورك تايمز، أشارت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إلى الحرب بطريقة غير مباشرة في إعلانها رفع سعر الفائدة. وقالت: “لا تستطيع الشركات فتح خطوط إنتاج جديدة فورًا وإيجاد قوى عاملة إضافية لها”.

وأوضحت نابيولينا أنه “عندما يبدأ الطلب في تجاوز القدرة على زيادة العرض باستمرار، ترتفع الأسعار بثبات”.

ارتفاع التضخم

توقع البنك المركزي الروسي أن يبلغ التضخم ما بين 5% و6.5% هذا العام، وهي نسبة أقل مما كان عليه بنهاية العام الماضي، لكنها تظل أعلى من هدفه السنوي البالغ 4%، حسب نيويورك تايمز.

اقرأ أيضًا| انسحاب فاجنر.. هل يتوقف سعي طباخ بوتين للتغيير العسكري؟

وأشار الخبراء إلى وجود عدد من العوامل المؤثرة، أولها ضعف الروبل بنحو ملحوظ مقابل العملات الأخرى، في الأسابيع التي أعقبت تمرد مجموعة فاجنر العسكرية على الكرملين، مرتفعًا من 83 إلى 90 مقابل الدولار الأمريكي. وبما أن روسيا تستورد كميات ضخمة من البضائع، فإن الروبل الضعيف يرفع الأسعار.

الإنفاق الاجتماعي

أوضحت الصحيفة الأمريكية أن هذا يمثل مشكلة لروسيا لأن رئيسها، فلاديمير بوتين، ربط العديد من برامج الإنفاق الاجتماعي بمعدل التضخم.

اقرأ أيضًا| تصفية إمبراطورية بوتين.. الطريق لإنهاء حكم الرئيس الروسي

وفي هذا السياق، قال الزميل بالمركز الأطلسي، تشارلز ليتشفيلد: “إنها إحدى ركائز البوتينية أن تظل المعاشات والمدفوعات الأخرى متماشية مع التضخم”، مضيفًا أنهم قد يكونون غير قادرين على تحمل تكاليفها.

الإنفاق العسكري

لفتت نيويورك تايمز إلى أن لا أحد يعرف كم تنفق الحكومة الروسية على الجيش، لأن ثلث الإنفاق الحكومي الذي يذهب إلى الأمور المتعلقة بالدفاع والأمن أصبح سريًا، لكن لا شك في أنه آخذ في النمو، فحكومة بوتين ضخت المليارات في إنتاج الأسلحة والعتاد لحرب مطولة في أوكرانيا.

اقرأ أيضًا| بعد تمرد فاجنر.. روسيا تزيد رواتب الجيش بدءًا من أكتوبر

وإضافة إلى هذا، أغدقت على المواطنين الروس، ومن ضمنهم سكان المناطق الأوكرانية المحتلة، بقروض عقارية مدعومة وغيرها من المدفوعات الاجتماعية. وفي الوقت ذاته، رفعت رواتب وتعويضات المقاتلين الروس في أوكرانيا متوسط الرواتب، ما أجج التضخم وترك الصناعات المدنية تصارع لجذب العمال.

نقص العمالة

تفاقم نقص العمالة بسبب هروب مئات الآلاف من الروس في سن العمل اعتراضًا على الحرب أو لتجنب التعبئة العسكرية. ووفق بعض التقديرات، لقى عشرات الآلاف مقتلهم في ميادين المعركة بأوكرانيا.

ومقابل هذه النفقات الضخمة، تجني الحكومة مكاسب أقل بكثير من صادرات الطاقة، على الرغم من أنها تظل كبيرة. وحسب نيويورك تايمز، أعلن البنك المركزي الروسي، في يونيو الماضي، أول ميزان تجاري سلبي له منذ 2020.

نقل الأموال للخارج

إضافة إلى ما سبق، نقل الروس حوالي 40 مليار دولار في صورة أرصدة نقدية إلى الخارج، منذ بداية الحرب على أوكرانيا، حسب ليتشفيلد. وبعد بدء الحرب مباشرة، وضعت الحكومة الروسية حدًّا لكمية العملات الأجنبية التي يمكن للأشخاص نقلها إلى خارج البلاد، لكن جرى تخفيف تلك الضوابط تدريجيًّا.

وأشار ليتشفيلد إلى أن سياسة الحكومة الحالية، بإنفاق أموال أكثر مما تكسب، تشدد على احتمالية ارتفاع التضخم أكثر. وقال: “الحكومة الروسية خائفة من خروج الأمر عن السيطرة، لأنها تضخ أموالًا في الاقتصاد”.

اقرأ أيضًا| كيف تحمي أموالك من التضخم؟

توقعات النمو

بنحو عام، قال البنك المركزي الروسي إن الاقتصاد سينمو 2.5% هذا العام، متعافيًا إلى مستويات نشاط “ما قبل الأزمة”، في إشارة إلى الفترة السابقة للحرب الروسية الأوكرانية، وفق نيويورك تايمز.

لكن إعلان نابيولينا توقعات النمو احتوى على ملاحظة تحذيرية، بقولها إن الاقتصاد الروسي قد يتجه إلى فرط النشاط، مضيفة: “هدفنا هو عدم السماح بتلك المخاطرة”.

ربما يعجبك أيضا