زيارة أنجولا قبل رحيله عن البيت الأبيض.. ماذا يريد بايدن؟

بسام عباس

تنفيذًا لوعده الذي قطعه في عام 2022 بزيارة إفريقيا أثناء توليه منصبه، توجه الرئيس الأمريكي المنهية ولايته، جو بايدن، إلى أنجولا، الأحد الماضي 1 ديسمبر 2024، وهي الزيارة التي كان من المقرر إجراؤها في أكتوبر للسماح للرئيس بالاهتمام بالشؤون الداخلية في أعقاب إعصار ميلتون.

هذه أول رحلة يقوم بها بايدن، ومن المؤكد أنها الوحيدة إلى إفريقيا كرئيس، وأول رحلة إلى إفريقيا لأي رئيس أمريكي في السلطة منذ زيارة باراك أوباما إلى كينيا وإثيوبيا في عام 2015.

منافسة جيوسياسية

أوضح موقع “ريسبونسل استيت كرافت”، في تقرير نشره الخميس 28 نوفمبر 2024، أن سياسة بايدن تجاه إفريقيا لن تكون أكثر من مجرد خطوة هامشية، مشيرًا إلى أن من المتوقع أن تلعب إفريقيا دورًا محوريًّا متزايد الأهمية في الشؤون العالمية في السنوات المقبلة.

وأضاف أن المنافسة الجيوسياسية بين روسيا والصين والولايات المتحدة تتصاعد في مختلف أنحاء القارة، كما تعمل ظاهرة تغير المناخ على زيادة إلحاح الدول في مختلف أنحاء العالم على الوصول إلى الثروات المعدنية الحيوية والموارد الطبيعية الأخرى التي تتمتع بها إفريقيا.

ويأمل فريق بايدن أن يتضمن الإرث الأوسع للرئيس ذكر حقيقة مفادها أنه ساعد في تحويل السياسة الأمريكية في إفريقيا من سياسة تعتمد على المساعدات والأمن على الهامش إلى سياسة تركز على تطوير البنية الأساسية على المدى الطويل والمشاركة الاقتصادية التعاونية مع تأثيرات دائمة على الأفارقة.

أهمية ممر لوبيتو

ذكر الموقع أن أنجولا بهذه الزيارة أصبحت الوجهة الأكثر استراتيجية لزيارة بايدن الوحيدة إلى القارة، حيث أنها موقع أحد أكبر مشاريع البنية التحتية الأمريكية في العالم، وهو ممر لوبيتو، والذي يأتي في إطار شراكة مجموعة السبع للبنية التحتية العالمية والاستثمار (PGI)، في مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وأضاف أن على الولايات المتحدة والدول الغربية التعامل مع الدول النامية التي أقامت علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع الصين في السنوات الأخيرة، وفي حين تدخلت الصين لتلبية احتياجات العديد من دول الجنوب العالمي، غابت الولايات المتحدة وشركاؤها الغربيين.

وأفاد بأن ممر لوبيتو من بين أول مشاريع مبادرة البنية التحتية العامة التي تسعى إلى توفير البنية التحتية الحيوية استجابة لهذه الاحتياجات، فالممر عبارة عن مجموعة من مشاريع البناء الصغيرة العديدة، وكل منها يتم تمويله وبنائه بشكل مستقل، لتحديد موقع بناء الممر ومراعاة احتياجات المجتمعات المحلية بشكل أكبر على مدار تطويره.

ممر لوبيتو

ممر لوبيتو

المساعدات الأمريكية

ذكر الموقع أن العامل الأساسي الذي يميز هذا المشروع عن الجهود القياسية القائمة على المساعدات التي ركزت عليها الولايات المتحدة تاريخيًا في جميع أنحاء الجنوب العالمي هو الطريقة التي تمول بها، وتعمل الولايات المتحدة على إشراك الأطراف المحلية في إدارة وتمويل الممر، والتزمت الولايات المتحدة بإنفاق نحو 250 مليون دولار.

وأشار إلى أن هذا المشروع يتطلع إلى التحول بشكل كامل في النهاية من كونه مشروعًا يموله ويديره القطاع العام إلى أن يصبح خاضعًا لسيطرة القطاع الخاص وإدارته، ولذلك فإن زيارة الرئيس إلى أنجولا بمثابة إعلان عام عن سياسته الخاصة بالبنية الأساسية في إفريقيا، والتي يأمل أن تشكل عنصرًا أساسيًّا في إرثه في القارة.

ممر لوبيتو

آمال بايدن في إفريقيا

لا يزال ممر لوبيتو يواجه تساؤلات جدية، فمن ناحية، يبدو الدافع وراء المشروع مشابهًا لمشاريع سابقة ركزت على استخراج المواد الخام من المناجم في إفريقيا ثم شحنها بعيدًا ونقلها إلى المصب في الغرب، ولكي ينجح مشروع لوبيتو بالنسبة للأفارقة، لابد من تعميق سلاسل التوريد في مختلف أنحاء القارة، مع خلق فرص عمل طويلة الأجل في سلاسل التوريد المصب في إفريقيا.

وهناك مصدر قلق آخر يتعلق بما إذا كان الممر سيكون مربحًا ماليًّا بما يكفي لتشجيع الشركات الخاصة على تولي السيطرة الإدارية والاستثمار بكميات كافية لإبقائه قيد التشغيل في المستقبل، ولكن بالنسبة لرئيس من المقرر أن يترك منصبه في 20 يناير، ويركز جديًّا على ترسيخ إرثه، فإن هذه الرحلة هي فرصته الوحيدة لتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية للمشروع.

ويأمل بايدن في المطالبة بالنجاحات الحالية والمستقبلية التي حققها لوبيتو، وربط صورته بشكل دائم بمشروع يعتقد فريقه أنه مؤشر على سياسة التنمية الجيدة في الجنوب العالمي، ويأمل كذلك أن يكون بمثابة المعيار الذهبي الذي ستنعكس عليه المشاريع المستقبلية.

ربما يعجبك أيضا